مايكل سكابنكر
بعد هجمات 11 / 9 عام 2001، وضع كثير من الشركات في نيويورك مولداتها الاحتياطية في الطابق السفلي، خوفاً من هجوم جوي آخر، ولهذا السبب غرقت عندما ضرب إعصار ساندي في عام 2012.
أين كان ينبغي المولدات؟ “في وسط المبنى”، كما تقول جوديث رودين، رئيسة مؤسسة روكفلر. هذا هو المكان الذي وضعت فيه إيكيا مولدات متجرها في ريد هوك، في بروكلين. والمتجر أيضاً مبني على ركائز متينة، مع موقف السيارات في الأسفل. تقول رودي: “لقد تضرروا كثيراً”. لكن على عكس غيرها من الشركات، عادت إيكيا للعمل في غضون بضعة أيام. “الفائدة بالنسبة لهم كانت أنهم لم يتعافوا بسرعة فقط، لكنهم أصبحوا مركز المجتمع للتعافي”.
مسألة موّلدات نيويورك أظهرت وجود مشكلة في التخطيط للكوارث. الكثير من الشركات والمدن تُناضل حول كيف كان ينبغي أن تواجه كارثتها الأخيرة.
تقول رودين: “لكن إذا نظرت حول العالم، هناك شيء ما تقريباً يحدث بشكل أسبوعي. هجوم إلكتروني، أو هجوم إرهابي، أو عاصفة عنيفة، إعصار، أو زلزال، أو سونامي”. الشركات والمدن تحتاج إلى أن تكون “مستعدة لأي شيء، وليس فقط لآخر كارثة”.
المرونة، أي القدرة على التخطيط والخروج مجدداً من النكسات، هي همٌّ متزايد لقادة الشركات والمدن. الأكثر تقدما في التفكير من بينهم يعملون معاً ويتباحثون، مثلا، كيف يمكن لأنظمة النقل والكهرباء أن تصمد أمام كارثة طبيعية، أو هجوم إلكتروني، أو إرهابي.
المقر الرئيسي لمؤسسة روكفلر في نيويورك، ويبلغ عمرها 102 عام، وهي تدّعي أنها أول مؤسسة عالمية في أمريكا. هذه المؤسسة جعلت المرونة موضوعا رئيسيا ضمن مشروعها بعنوان “100 مدينة مرنة”. ويهدف المشروع إلى مساعدة المراكز الحضرية على التعامل ليس فقط مع الكوارث، لكن مع المشكلات اليومية، مثل العنف أو نقص المواد الغذائية والمياه. وألفت رودين، رئيسة المؤسسة منذ عشرة أعوام، بتأليف كتاب “فوائد المرونة”، عن كيف يمكن أن تتعامل الشركات والمدن مع التهديدات التي تدعوها “مع الأسف، الوضع الطبيعي الجديد”. وبعد إعصار ساندي، طلب منها أندرو كومو، حاكم ولاية نيويورك، أن تُشارك في رئاسة لجنة للمساعدة في إعداد المدينة للصدمات المستقبلية.
المثال المأساوي لما يُمكن أن يحدث عندما لا تكون المدن قد أعدت التخطيط للأسوأ كان في أوسلو عام 2011، عندما فجر أندرز بيرينج بريفيك مبنى حكوميا في المدينة ومن ثم بدأ موجة قتل على جزيرة أوتويا. لم تكن السلطات النرويجية مستعدة إلى درجة فظيعة. تقول رودين: “قوة الدلتا الضاربة التي تم إرسالها من أوسلو إلى الجزيرة لم تستطع العثور عليها على نظام تحديد المواقع الخاص بهم”. ولم تكُن هناك أية مناقشات حول كيف ينبغي أن تتعاون مختلف قوات الشرطة.
وتلاحظ رودين أن المدينة التي تُعتبر قدوة هي بوسطن. كانت الحكومة، وسلطات النقل، والمستشفيات، والمنظمات التطوعية قد ناقشت واختبرت كيفية التعامل مع أية كارثة، مهما كان المكان الذي تأتي منه. وعندما تم مهاجمة ماراثون بوسطن في عام 2013، كان الجميع يعرف دوره. “كانوا قد قرروا بالفعل أن الحاكم سيكون ضابط الاتصال الرئيسي. وقرروا كذلك أنه، مهما حدث، فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي سيتولى قيادة استجابة الشرطة. وعرفوا أيضاً أي المستشفيات سيتم اللجوء إليها للقيام بما يلزم في حال تعرض الناس للأذى”.
وتضيف: “كذلك – وهذا أمر مهم – استغلوا كل حدث كانت فيه حشود كبيرة للتمرين. لذلك إذا فاز فريق رياضي بأية بطولة وطنية، أو [خلال] موكب عيد الاستقلال الكبير، كانوا يتمرنون على كل هذا”.
تحديد الأدوار مُسبقاً عند حدوث أي كارثة هو جانب واحد من المرونة. الجانب الآخر هو بناء الأنظمة الإضافية في مجال النقل والتزويد. وقد أظهر إعصار ساندي كم كانت البنية التحتية في نيويورك هشّة. “ليس لدينا نظام نقل قوي ومتنوع، ولذلك عندما غرقت الأنفاق كان ذلك مثل مشكلة. كذلك لدينا شبكة كهربائية ضعيفة جداً – كما علمنا – لذلك تأثر النصف السفلي بالكامل في مانهاتن”.
اتخاذ الاحتياطات أمر مهم بالنسبة للشركات أيضاً، كما أصبح واضحاً في حالة لولولمون أثليتيكا، المجموعة الكندية للأزياء الفاخرة التي تبيّن أن سراويلها الخاصة باليوجا كانت شفافة أكثر مما يريد الأشخاص الذين يرتدونها. تقول رودين إن لولولمون وجدت صعوبة في التصرّف، لأنها لم تكُن مستعدة لأي تعطيل في تسليم موادها. فقد كان لديها مورّد واحد لهذا النوع من القماش، الأمر الذي أطال الوقت الذي استلزمها للتعامل مع وضعها المحرج ـ الشركات تحتاج إلى بدائل عندما تفشل الأمور.
بالنسبة للمدن، فإن إظهار مرونة بنيتها التحتية يمكن أن يُساعد على جذب الاستثمارات من الشركات. عندما كان دويتشه بانك يبحث عن موقع لمركز عملياته الجديد في الهند، اختار مدينة بيون. وبحسب رودين، المدينة كانت “قد بنت الكثير من الطاقة الزائدة، واستثمرت في تكنولوجيا الاتصالات، ونظام النقل الجديد وما شابه ذلك”.
وتقول إن التعاون بين الشركات وقادة المناطق الحضرية ليس كافياً، إذا تم تقسيم المدينة بشكل سيئ. الكوارث تتطلب أن يساعد الجيران بعضهم بعضا. قبل إعصار كاترينا، عرفت “نيو أورليانز” أن دفاعاتها ضد الفيضانات كانت ضعيفة وفكرت في كيفية التعامل مع العواقب. “نيو أورليانز كان لديها الكثير من الخطط”. لكن الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية الموجودة منذ عقود في المدينة كانت تعني أن الانهيار الاجتماعي سيأتي بسرعة.
ومنذ إعصار كاترينا عملت المدينة والشركات على معالجة الانقسامات، كما تقول رودين، والاقتصاد أصبح أكثر تنوعاً. والمدارس تحسّنت: “إنه عمل متواصل – إنها عشرة أعوام فقط – لكنها انتعشت بالفعل. وواجهت أعاصير سيئة منذ ذلك الحين، لكنها تقوم بعمل أفضل بكثير”.
لا ينبغي للشركات دائماً أن تنتظر المدن حتى تتصرّف. عند الضرورة، ينبغي لها قيادة العملية. عندما اكتشفت شركة ساب ميلر أن فواتير المياه في محطة التعبئة التابعة لها في بوجوتا كانت ترتفع بشكل يُنذر بالخطر، كان بإمكانها الانسحاب من المنطقة، الأمر الذي من شأنه تدمير الاقتصاد المحلي. بدلاً من ذلك، اقترحت الشركة على هيئة المياه أن تجريا تحقيقا مشتركا.
تقول رودين: “تبيّن أن المشكلة كانت في المنبع. لقد كان أصحاب مزارع الماشية ينظفون المزيد من الأراضي من أجل الرعي وكانوا يدّمرون النظام البيئي، وكانت الرواسب تتدفق إلى مستنقعات المياه وكانت تتدفق بحرية”. من خلال العمل مع منظمة حماية الطبيعة، وهي منظمة أمريكية غير ربحية، تحدثت شركة ساب مع مربّي الماشية عن كيفية الرعي بطريقة أكثر كفاءة وساعدت على استعادة أماكن المياه.
“انخفضت تكاليف الشركة. ومررت هيئة المياه هذا التوفير إليهم. وأصبح مربّو الماشية أكثر التزاماً بالنظام البيئي. هذا فوز كامل. فوائد المرونة للجميع”.
حصص النساء
جوديث رودين هي أول رئيسة لمؤسسة روكفلر وكانت أول امرأة تتولى منصب رئيسة اتحاد عصبة اللبلاب – في جامعة بنسلفانيا. عند سؤالها عن الدعوات الأخيرة من التنفيذيات الماليات من أجل وضع نظام حصص للنساء، قالت بتعاطف مستشهدةً بالبلدان الاسكندنافية: “لديها نظام الحصص ولديها أكبر عدد من النساء في مناصب تنفيذية، في مجالس إدارات الشركات، وفي الواقع في الحكومة”.
لكنها تفهم سبب خوف النساء من أن نظام الحصص سيؤدي إلى الشكوك أنه تم تعينهن بسبب جنسهن. وتقول: “هناك أوقات ساورني فيها مثل هذا الشعور. لقد عملت بجد، وأجهدت نفسي، وتفوّقت. أنا لا أريد لأي شخص أن يعتقد أنني حصلت على هذا المنصب لأن الوقت الآن قد حان لوجود امرأة”.
لكنها تُضيف: “أنا لا اعتقد أن النساء عليهن الاختيار بشأن التوقيت”. فالمنافسة في المجال المالي والعلمي شرسة بالنسبة للداخلين الشباب. “عدد قليل فقط سينجح، وبالتالي إذا لم تتفوّق في تلك الفترة سيكون احتمال الوصول إلى مراتب عُليا أقل”. قد تحتاج النساء إلى تأجيل إنجاب الأطفال، أو إقناع شركائهن بالمشاركة في رعايتهم.
“هناك الكثير من النساء اللواتي يُجادلن: ’أنا لا أريد مسار الأمومة. أنا أريد أن يُنظر إليّ على أني صلبة وأعمل بجد وألا أضطر للحصول على أي تفضيل أو مساعدة‘. حسناً، جميع العاملين يحتاجون إلى التفضيل والمساعدة، وليس فقط النساء”. أصحاب العمل بحاجة إلى مساعدة كل من الرجال والنساء للجمع بين العمل ورعاية الأطفال، حتى لا يضطروا لاتخاذ “مثل هذه الخيارات القاسية بحيث تتأثر حياتهم سلبا إلى الأبد”.