Site icon IMLebanon

الأنباء: لبنان لا يتحمّل تجاذبات حول الملفات العسكرية

lebanese-army-ltn

اشارت أوساط سياسية مواكبة لمجريات الأمور على الساحة اللبنانية لصحيفة “الأنباء” الكويتية الى ان التجاذبات السياسية التي اندلعت على خلفية تأجيل تسريح بعض الضباط القادة في الجيش، وربما في قوى الأمن الداخلي لاحقا، تنم عن توتر يحمل الكثير من الأخطار، ولا يمكن للأوضاع الهشة التي تعيشها البلاد، ان تتحمل عواقبها السلبية، ذلك ان الجيش وقوى الأمن الداخلي على وجه التحديد، هما المؤسستان اللتان تحميان الدولة، وتمنعان الانفلات.

مهما تكن الاعتبارات التي دفعت بعض القيادات السياسية الى انتقاد خطوة وزير الدفاع سمير مقبل بتأجيل تسريح الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمد خير 6 أشهر، لا يمكن تأييد تلك الانتقاد، او مساندته، لأن الواقعية السياسية تفرض مراعاة الظروف غير الطبيعية التي تعيشها مؤسسات الدولة، لاسيما فراغ كرسي الرئاسة الأولى، وعجز مجلس الوزراء عن القيام بالمهام وفقا للصلاحية التي يعطيها الدستور لهذا المجلس في القيام بمهام الرئاسة، لأن النص الدستوري حمل مجلس الوزراء هذه المهمة في الظروف التي يشغر فيها المنصب لأسباب قاهرة، ولم تكن في حساب احد من المشرعين ان التجاذبات السياسية، والصراع على تولي المركز، يمكن ان يؤديا الى حالة الفراغ مثل التي نعيش اليوم.

كان من المفترض ان يعين مجلس الوزراء بديلا عن اللواء خير في جلسة 12/2/2015 التي انفرط عقدها باكرا جراء الشجار الذي حصل بين الوزير بطرس حرب والوزير إلياس ابوصعب، وبين الوزير محمد المشنوق والوزير رشيد درباس، لكون مدة خدمة خير تنتهي في 22/2/2015، حيث لا إمكانية لعقد جلسة او توافق، على التعيين قبل ذلك الموعد، وبالتالي فالوزير مقبل ملزم أدبيا ووطنيا بالموافقة على اقتراح قائد الجيش التمديد لخير، ولا أمل في ملء الفراغ سريعا، لأنه يحتاج الى إجماع الوزراء، وهذا أمر بالغ الصعوبة، وأمين عام مجلس الدفاع الأعلى ليس له نائب ليحل مكانه في حالة الشغور.

المادة 55 من القانون رقم 102/1983، تعطي وزير الدفاع صلاحية واضحة في تأخير تسريح الضباط، في حالات الحرب وفي وضع إعلان الطوارئ وفي حالة تكليف الجيش بمهام حفظ الأمن، وهو الحاصل اليوم. كما ان الفقرة 1 من المادة 161 من القانون 17/1990، تنص على انطباق الأحكام التي تجري على ضباط الجيش على ضباط قوى الأمن الداخلي، ذلك لأن مدة ولاية العميد إلياس سعادة قائد الدرك، ومدير عام قوى الأمن الداخلي تنتهي في مارس ومايو المقبلين على التوالي، ومن المؤكد ان عملية التوافق على بديل عنهما لن تسير بالسهولة المرجوة، ولا مشروع تعديل سن التقاعد للعسكريين يمكن ان يصدر في المدى القريب المنظور، وفقا لما يرى التيار الوطني الحر. ولما كان الشي بالشيء يذكر، فإن رئيس الأركان اللواء وليد سلمان، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، تنتهي فترة ولايتهما الممددة في نهاية أغسطس وسبتمبر القادمين على التوالي.

وحدة ومناعة المؤسسات العسكرية ـ وفي الطليعة الجيش ـ ضرورة للبنان في هذه المرحلة بالذات، وهذه القطاعات الحيوية تحمي الدولة والشعب، وتحصن الوحدة الوطنية في ظل الأوضاع الاستثنائية الخطيرة التي تعيشها البلاد، ومسارعة معظم القيادات السياسية الى الإعلان عن الوقوف الى جانب الجيش، ليس ترفا سياسيا، انما شعور بالخطر الداهم، وتحمل لمسؤولية تاريخية تقتضيها الأمانة الوطنية. واستنادا الى هذه المعطيات، كانت إشارة التأييد التي أعلنها الرئيس سعد الحريري في خطاب الذكرى العاشرة لاستشهاد والده في البيال، وعلى السياق ذاته، كانت إشادة السيد حسن نصرالله بإجراءات الجيش والقوى الأمنية، في خطابه أمام حشود مهرجان تكريم “الشهداء القادة” في حارة حريك بالضاحية الجنوبية.

لكن الإشادة الإعلامية بالقوى الأمنية في هذين الاحتفالين، لم تخف التسابق الذي بدا الى العلن بين الطرفين على اجتذاب مؤيدين من ضباط الأمن. فعدد من القيادات الأمنية حضروا في مقدمة صفوف احتفال تيار المستقبل في قاعة البيال، قابله عدد من الضباط الآخرين في مقدمة صفوف احتفال حزب الله في حارة حريك، تلك إشارة لم تعتد عليها الأنشطة الحزبية قبل ذلك، وما كان يحصل أيام الوصاية الدستورية ليس قاعدة يمكن البناء عليها، لأن الأعراف اللبنانية تقتضي إبعاد المؤسسات الأمنية عن الانحيازات السياسية، لكونها مؤسسات تعني الوطن بمجمله، وتحمي المواطنين الى اي فئة انتموا.

ترى اوساط سياسية محايدة انه من حق القوى السياسية ان تتخذ مواقف من الملفات السياسية المطروحة، بل ان ذلك واجب تفرضه المسؤولية التمثيلية، ولكن المسؤولية الوطنية تفرض التعالي عن بعض المصالح الضيقة، اذا ما كان الأمر يتعلق بالمصلحة الوطنية العليا.

تفاءل اللبنانيون خيرا بالحوارات الجارية بين تيار المستقبل وحزب الله، وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وعزز هذا التفاؤل التواصل القائم بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، وبين هذا الأخير وكل من الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، إلا ان الانسداد الذي يواجه العمل الجماعي للحكومة، والتباينات حول التعيينات في الأسلاك العسكرية والأمنية، مواضيع خطيرة لا يتحمل لبنان التجاذبات حولها في هذا الوقت بالذات.