تواجه اليونان مشكلة سيولة داخلية وخارجية، وذلك مع سحب الكثير من المودعين ودائعهم من المصارف المحلية وتعليق إمداد البنك المركزي الأوروبي تزويد تلك المصارف بالسيولة بالاتفاق بين أثينا ودائنيها.
وبعد لقائه نائب رئيس الحكومة يانيس ذراغاساكيس قال حاكم المصرف المركزي اليوناني يانيس ستورناراس إن موقف المصرف المركزي الأوروبي سيكون مرتبطا بنتائج القمة الأوروبية.
ووافقت دول مجموعة اليورو مبدئيا مساء أمس الجمعة على تمديد خطة إقراض اليونان أربعة أشهر بشروط، بينها تقديم أثينا بحلول مساء الاثنين القادم لائحة إصلاحات يقبل بها دائنوها.
ورحبت اليونان بهذا القرار الذي من شأنه إحراج حكومتها اليسارية الراغبة في التخلي عن سياسة التقشف التي فرضت عليها للتخلص من أزمة ديون خانقة.
تقديرات
وقالت صحيفة كاثيميريني إن المودعين اليونانيين سحبوا منذ بداية الأسبوع الجاري أكثر من ملياري يورو حسب تقديرات البنوك اليونانية التي تقدر أنه إذا استمر هذا الوضع دون تدخل من البنك المركزي الأوروبي فسوف تكون في موقف صعب.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في مصارف يونانية قولهم إن فرض قيود على رؤوس الأموال يجب ألا يكون خيارا للحكومة، لأن هذا الخيار ستكون له نتائج خطيرة وطويلة الأمد على اقتصاد البلاد.
وحتى الساعة لم تفرض السلطات أي قيود على سحب الودائع من المصارف وإن كان موظفو البنوك يحاولون ثني الزبائن عن سحب مبالغ كبيرة وإقناعهم بسحب مبالغ أقل، فيما يلاحظ أن الحكومة لم تعلق على الموضوع، خاصة أن الحديث عنه بقوة يشكل نقطة ضعف لها في مفاوضاتها مع الدائنين.
وقال أستاذ الاقتصاد والتنمية في جامعة أثينا عبد اللطيف درويش إن المودعين سحبوا من عشرين إلى ثلاثين مليار يورو خلال الشهرين الماضيين بمعدل مليارين إلى ثلاثة مليارات أسبوعيا.
وأوضح أن الطبقة الوسطى -التي تملك مبالغ قليلة من خمسة إلى عشرة آلاف يورو- تخبئ هذه المبالغ في بيوتها أو متاجرها، فيما تفضل فئات أخرى إخراجها من البلد تماما أو تحويلها إلى عملات أخرى كالدولار الأميركي، وذلك خوفا من هبوط سعر اليورو بشكل مفاجئ.
وأوضح درويش أن الحكومة كانت وعدت بعدم الحجر على ودائع المواطنين بأي حال، وهي تحاول الظهور كأن الأمور تسير بشكل طبيعي كي لا تتأثر عملية المفاوضات، بينما لو اتخذت إجراءات للحد من سحب الأموال فهذا يعني أن الأمور صعبة لديها.
سيولة
وقال درويش إنه في حال استمرار هذا الحال ستكون هناك مشكلة سيولة في البلاد، وسيعني عجز البنوك عن تقديم قروض للمؤسسات والأفراد، لافتا إلى بعد آخر للموضوع وهو البعد الأمني، حيث إن سحب مبالغ مالية وإخفاءها في المنازل سيعني كثرة عمليات السرقة والقتل بهدف السرقة.
وكان رجل عجوز وزوجته قد لقيا مصرعهما بطريقة وحشية قبل أيام في إحدى قرى جزيرة كريت اليونانية، فيما أوضحت الشرطة أن الجناة كانوا يريدون الاستيلاء على مبالغ للزوجين كان قد سحباها من المصرف مؤخرا.
واعتبر درويش أن سحب مبالغ كبيرة من البنوك يعني مشكلة أخرى للمودع، وهي أنه إذا أراد إرجاع تلك المبالغ إلى المصرف فعليه أن يبرهن من جديد للمصرف عن مصدر كسبه تلك الأموال، وهي مسألة لا تتيسر على الدوام.
واعتبر أن الحكومة ستلجأ بالتأكيد إلى تقييد حركة رأس المال، ولا سيما إذا فشلت المفاوضات مع الشركاء الأوروبيين، مثل تقييد السحب من البنوك ومراقبة حدود البلد لعدم تهريب أموال منها، وإلا فلن يعود في مقدورها شراء البضائع الضرورية عن طريق الدفع المؤجل.
غير أن درويش أكد استعداد كل من الصين وروسيا لإقراض اليونان بدلا من الدائنين الحاليين، مضيفا أن الولايات المتحدة مستعدة بدورها لدعم اليونان بالسيولة المطلوبة.