IMLebanon

ريفي: نصرالله يدعونا الى مائدة مسمومة

achraf rifi

اعتبر وزير العدل اللواء أشرف ريفي ان جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لم تكن إغتيالاً لزعيم لبناني محلي بقدر ما كانت عملية لإزاحة عقبة من أمام المشروع الايراني الفارسي في المنطقة العربية.

ورأى ريفي في حديث لصحيفة “الراي” الكويتية ان المعطى الجديد الذي رافق ذكرى 14 شباط من انتقال المحاكمة في لاهاي الى مرحلة الشهادات، شهد أهمّ تحوُّل في مسار المحكمة وهو كسْر الحاجز النفسي عند الشهود الذين يدلون بإفاداتهم أمامها. فما أدلى به الشهيد الحيّ مروان حماده في لاهاي شجاع جداً، ما كسر حواجز نفسية كبرى الى الحدّ الذي شجّع مَن لديهم معلومات أقلّ أهمية مما كشف عنه حماده على التحلي بالشجاعة والإدلاء بشهاداتهم. وأعتقد انه عندما تُدمّر الحواجز النفسية من أمام الناس يمكن ان تبرز معطيات معينة مفاجئة.

وأضاف: ان المحكمة تملك خيوطاً لا بأس بها ولديها قطع أساسية من”البازل”الذي تعمل على تركيبه. فمن خلال تجربتي أعرف تماماً ان كشْف ملابسات اي جريمة يقوم على عملية تركيب”بازل”عبر جمع الأجزاء لتصبح الصورة واضحة امامك. وما يمكن ان يحدث على سبيل الافتراض، انه عند سقوط النظام السوري – وانا على اقتناع بانه ساقط حتماً مهما حاولوا ضخ المقويات فيه لأنه تآكل وتهاوى – يمكن ان يأتيك بعض الضباط او المسؤولين في النظام ليدلوا برواية كاملة التفاصيل.

وذكّر وزير العدل بما سبق ان قاله ان جريمة اغتيال الرئيس الحريري تمت بقرار مشترك ايراني – سوري.

وعلّق ريفي: نحن اليوم امام عدالة دولية ولن تؤدي الى عداء بل الى إنقاذ، وعلى الجميع استحضار تجربة ميلوسوفيتش الذي كان يقول ”اذهبوا وبلطوا البحر انتم ومحكمتكم” فاذا به يموت خلف القضبان، وتالياً لن ينفع التهويل علينا. ونحن نقول لقتلة الرئيس الحريري اننا ننشد العدالة ولا نريد الذهاب الى الثأر والانتقام ولو بعد جيل، ولذا علينا محاكمة المجرم الكبير كما يُحاكم المجرم الصغير.

وعن الحوار مع ”حزب الله” كحاجة إسلامية لتنفيس الاحتقان ومصلحة وطنية، قال ريفي: في اعتقادي ان الرئيس سعد الحريري كان واضحاً في خطابه الأخير الذي ترك صدى ايجابياً لدى الناس، فهو لم يبالغ في التوقعات عندما تحدّث عن الحوار، وأكد في الوقت عينه على ان ثوابتنا تبقى ثوابت، ورؤيته كانت واضحة بالنسبة الى ايجابيات الحوار لجهة تنفيس الاحتقان السني – الشيعي في هذا الوقت المستقطع. وأعتقد انه لا يمكن أخذ اي شيء استراتيجي من”حزب الله”الذي لاستراتيجياته آليات اخرى، ولكن يمكننا في هذا الوقت المستقطع إعطاء جرعة ترييح موقت للبلد ما دام يتعذر علينا إعطاءه الدواء اللازم، اي اننا يمكن ان نكون امام إحتقان اقلّ، أما المسببات الفعلية فتحتاج الى آليات أخرى لها ظروف أخرى.

واشار الى “ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يدعونا الى مائدة مسمومة، ومن قال اننا يمكن ان نشاركه في نصرة حاكم ظالم وتوتاليتاري كبشار الاسد او ان نصبح جزءاَ من المشروع الفارسي الذي لا يمكن ان ينتصر؟ اذا كان لدى السيد نصرالله وهم بأنه سينتصر فهو لا يعرف قراءة التاريخ وعِبره. في اعتقادي انه ذاهب لانتحاره، وغالباً ما كنت أقول ان المشروع الايراني لن يسود الا لفترات آنية فقط وأكبر دليل انه لم ينجح في الامساك بأي ساحة. هو قادر على إحداث خرْبطات فيها لكنه اعجز من ان يحسم في اي ساحة، وكلما وسّع جبهاته سرّع في إنتحاره.”

ورأى ان الايرانيين يتوهّمون ودخولهم الى دول عربية ادى الى احتقان مذهبي، وأربك تالياً الأولويات القومية، بحيث لم تعد معركة فلسطين وقضيتها هي الأولوية العربية والإسلامية. ولكن في رأيي ان كلّ هذا آني، ولا أقصد بذلك انه سينتهي في غضون سنة او سنتين بل قد يحتاج الى 10 او 15 سنة ولكنه سينتهي.

وتابع: نحن في وقت مستقطع او وقت ميت، وكلما خففنا المعاناة عن شعبنا نمرّر فترة زمنية بأقل أضرار و”وجع رأس”، ولكن مع الحفاظ على ثوابتنا اي العودة الى الدولة، فلا يحكمنا الا الدولة. اذ لا يمكن لـ”حزب الله”ان يحكمنا، كما لم ينجح في ذلك لا مَن حاولوا اقامة دويلات ولا السوري ولا الاسرائيلي ولا الفلسطيني. فهذا البلد لا يُحكم الا في شكل مشترك بين اللبنانيين، والدولة هي القاسم المشترك، واي خيار غير الدولة لا يمكن ان يستمر إلا لزمن محدود جداً.

وذكّر بأنه اول مَن نادى باستراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب، ولكن اليوم وكما هو الحال في دول العالم، على”حزب الله”ان يعرف ان القتال خارج أراضي الدولة يُجرّم. اي انه في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب سنجرّم ايضاً القتال خارج أراضي لبنان. وعلى”حزب الله”ان يعرف ان هذا بند أساسي في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب.

واعتبر انه ستصبح لحزب الله مصلحة في القول إنه يريد ان ينسحب من سورية، وكفى ادعاء وكلاماً عن انهم حققوا ودافعوا عن المقامات الدينية وعن النظام (السوري) او غير ذلك، اي انهم في كل مرة أعطوا لانخراطهم بالحرب في سورية عنواناً وتبريراً. وان”حزب الله”سيندم على اللحظة التي خرج فيها من الأراضي اللبنانية.

وجزم ريفي: انا كوزير لا يمكن ان أوافق على التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري. وهل إجرام بشار الاسد أقلّ من إجرام”داعش”او”النصرة”؟ وهل قتْل الاطفال بالبراميل المتفجرة جريمة ضد البشرية ام لا؟ اذاً هذا مجرم وهذا مجرم وهذان وجهان لعملة واحدة. ولن نسمح بأن يحصل تنسيق مع نظام الأسد او جيشه.

وأشار الى ان ”حزب الله” لم يكن مرة قيمة مضافة للقوة اللبنانية بل على العكس هو قيمة ناقصة لها لانه يضرب الإجماع حول لبنان. وان ”حزب الله” ارتكب خطأ استراتيجياً بانخراطه العسكري في سورية، وهو يدفع ثمناً غالياً جداً من دماء شباب لبنانيين يسقطون في ساحات غير لبنانية وليس في وجه العدو الاسرائيلي، علماً اننا ننحني امام مَن يسقط في مواجهة هذا العدو.

وأكد وزير العدل انها جريمة وطنية عدم انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 ايار 2014، وهذه الجريمة يتحمل مسؤوليتها كل مَن ساهم في تعطيل الانتخاب. واليوم نعيش في منطقة عاصفة، ومظلة الأمان للواقع اللبناني ينقصها رأسها اي رئيس الجمهورية. وهذه الجريمة لها تداعيات بالتأكيد سواء على صعيد عمل مجلس النواب المتعثر او مجلس الوزراء الذي اضطر لإختراع آلية لاتخاذ القرارات بما يسمح بتمرير الحد الأدنى من الأمور، اضافة الى ان ثمة حاجة للدفاع عن حدودنا وساحتنا الداخلية، وهذا يحتاج الى قرار سياسي كامل يشارك في اتخاذه كل اللبنانيين. ومن هنا أرى ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المواعيد الدستورية جريمة كبرى.

واذا كان التعثر المؤسساتي هو من التداعيات المباشرة للشغور الرئاسي اضافة الى الارتدادات على الوضع الاقتصادي، الا انه على المستوى الأمني فالأمور مضبوطة وهناك قرار اقليمي ودولي بتحييد لبنان عن النار، وكل القوى اللبنانية لها مصلحة في عدم تفجير الساحة الداخلية أمنياً بما في ذلك”حزب الله”الذي لا يمكنه ان يشارك بالقتال في سورية، فيما قاعدة انطلاقه ملتهبة، ومن هنا فان من مصلحته تهدئة الساحة الداخلية، وقد استفدنا من هذا المعطى، وعلينا واجب تعزيز هذا المناخ اي ان نُبقي الامور هادئة بقدر المستطاع. وأكرر اننا نعيش في الوقت الميت الذي يتعين تمريره بأقلّ مشاكل. ولكن الرئيس سعد الحريري أحسن حين ذكّر بثوابته، لان الناس لا يمكن ان تغفر الذهاب الى مشروع”حزب الله”، وعلى الحزب ان يعرف بدوره انه لن يستطيع جرّنا مهما كلّف الأمر، فنحن شركاء متساوون في الوطن، وأكيد انه تفوّق علينا بقوة سلاحه، ولكن حامل القلم اذا كان مدركاً لثوابته ومتمسكاً بها ويقف من الندّ الى الندّ بوجه ما يعاكسها فان بإمكانه خوض حوار متكافئ.

ورأى ان الدعوة لمرشح توافقي على قاعدة ان حظوظ الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون سقطت كانت تنمّ عن موقف وطني متقدم جداً على قاعدة انه”يا اخوان لمصلحة الوطن نحن مستعدون (لمرشح توافقي) وتحدثوا معنا جدياً بما فيه مصلحة الوطن، نحكي معكم بمرشح توافقي”. ولكنهم ليسوا جديين لأن قرارهم الاقليمي هو عدم إجراء انتخابات لترك هذه الورقة بيد ايران في إطار المفاوضات الايرانية – الغربية، معتبرا ان لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور… واذا سرنا بالعماد عون، فان ”حزب الله” لن يسير به وأنا مسؤول عن كلامي.

وفي موضوع الوزير السابق ميشال سماحة وما كشفتَه عن مخطط لاغتياله، شرح ريفي: تلقيتُ معلومات من جهاز أمني غير لبناني أثبتت التجربة معه سابقاً انه ذات صدقية عالية جداً، عن رغبة النظام السوري في التخلص من سماحة لانه يملك معلومات ربما عن جرائم ارتكبها هذا النظام. علماً اننا ضبطنا سماحة في جريمة ارهابية كبرى أعدّ لها النظام السوري وهو كان شريكاً فيها. ويؤسفني هنا ان المحكمة العسكرية متردّدة في موضوع بدء المحاكمة، ونحن كنا شجعاناً في توقيفه وعلى رئيس المحكمة ان يكون شجاعاً ايضاً في المحاكمة.