Site icon IMLebanon

8 آذار : تجربة السنيورة الحكوميّة فاشلة لا تتيح له إسداء النصائح لحكومة سلام

لم ينسَ أحد أنّ تشكيل حكومة الرئيس تمّام سلام منذ نحو عام، تطلّب 11 شهراً تقريباً، بهدف أن تواكب استحقاق رئاسة الجمهورية، وإذا لم تنجح في ذلك تعمل على إنقاذ البلاد قدر الإمكان من كلّ ما قد تتعرّض له من مخاطر واعتداءات عليها من الخارج. أمّا وقد مرّت 19 جلسة نيابية من دون أن يُصار الى انتخاب الرئيس المنتظر، فإنّ المسؤولية الملقاة على عاتق حكومة سلام باتت أكبر، ولهذا فعلى المصطادين في الماء العكر ألا يحاولوا الحديث عن انقسامها أو استقالتها.

وتبدي أوساط ديبلوماسية لـ”الديار” حرصاً شديداً على ضرورة استمرار حكومة سلام في المرحلة الراهنة كونها تجمع العدد الأكبر من الأحزاب والتيّارات السياسية في البلاد، وإن كانت لا تتفق في ما بينها على المواضيع الداخلية والخارجية. كما لأنّها بالتالي تُعتبر من أفضل الحكومات الأخيرة التي عرفها لبنان إذ ليس هناك من يُعطّل فيها القرارات لسبب أو لآخر على غرار الحكومة السابقة التي عُرفت بالتعطيل. ولهذا تأمل الدول الخارجية أن يُصار الى التفاهم بين الأفرقاء على الحدّ الأدنى لأنّ التوازن القائم فيها يبقى أفضل من الفراغ في حال استقالت، وتحوّلت الى حكومة تصريف أعمال الى حين انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

كذلك تُشجّع الدول الخارجية على استمرار الحوار بين الأطراف اللبنانية، لا سيما بين “تيّار المستقبل” و”حزب الله”، رغم الخطابين الأخيرين لكلّ من الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، اللذين أظهرا أنّ الإتفاق بينهما وكأنّه عاد الى نقطة الصفر. فهذا الحوار قادر على رأب الصدع الذي يحصل داخل حكومة سلام أو خارجها، كما من شأنه قطع الطريق على أي تعصّب ديني أو سياسي قد يُخلّف انعكاسات سلبية على البلد ككلّ.

وفي السياق نفسه، انتقد مصدر سياسي في 8 آذار ما جاء على لسان رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة عن “ضرورة عدم مخالفة الدستور تحت أي ظرف من الظروف وعدم إعطاء شرعية لممارسات أو لأعراف جديدة تؤدي بنا الى إحراجات وإرباكات بحيث أصبحت الحكومة غير قادرة على أن تمارس دورها وواجباتها تجاه المواطنين”، مذكّراً إيّاه كيف تخطّى الدستور والقوانين عندما أرسل بمفرده مذكرة الى مجلس الأمن الدولي يُطالب فيها بإنشاء محكمة دولية خاصة بلبنان لكشف اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري. وكيف أنّ حكومته في العام 2007 قد عطّلت الحياة السياسية في لبنان، غير مكترثة بمطالب مواطنيها الذين اعتصموا أشهراً عدّة أمام السراي الحكومي لكي تستقيل.

من هنا، يضيف المصدر أنّ تجربة السنيورة السابقة في الحكومة كانت فاشلة، ولهذا فهي لا تؤهّله اسداء النصائح لحكومة سلام الحالية، الوحيدة القادرة على الإمساك بالوضع السياسي والأمني في البلاد في ظلّ كلّ التحديات التي تواجهها إن جرّاء الإرهاب الذي يُهدّد كلّ دول المنطقة، أو جرّاء النزوح السوري الناجم عن تداعيات الأزمة السورية، فضلاً عن المشاكل الداخلية المعيشية والاقتصادية وسوى ذلك.

وفي ما يتعلّق بتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، شدّد المصدر نفسه، على أنّ المسؤولية في ذلك لا تقع على أي حزب أو تيّار سياسي داخلي، بل على عدم توافق السعودية وإيران، التي تسيّر كلّ منهما فريقاً سياسياً في لبنان وتضغط عليه، وإن كان الجميع ينفي هذا الأمر، ويتحدّث عن أنّ مسألة انتخاب الرئيس هي بين أيدي اللبنانيين أنفسهم. كما تؤكّد الدول الغربية والأوروبية عدم تدخّلها في هذا الاستحقاق، في الوقت الذي يأتي ويذهب ممثلوها لتحريك هذا الإستحقاق الذي لا يزال يُراوح مكانه حتى الآن.

وعن آلية اتخاذ القرارات الحكومية، أوضح أنّ الوزراء الحاليين في حكومة سلام يعملون على إدارة الأزمة، وعلى الحفاظ على التماسك، على أن تؤخذ القرارات داخلها بالتوافق، فلا يتفرّد أي شخص أو أي فريق باتخاذ قرار ما لا تتمّ الموافقة عليه من قبل الوزراء الآخرين، كما لا يقوم أحدهم بتعطيل أي قرار لا سيما إذا ما كان مهمّاً ويصبّ في مصلحة البلاد والمواطنين. وهذا التوافق هو الذي يجعل الحكومة قادرة على الإستمرار من دون أن يُشكّل هذا الأمر أي خرق للدستور أو عدم الإلتزام بالقوانين، خصوصاً وأنّ حكومة سلام أتت في أحرج الأوقات ولتمرير مرحلة صعبة من عمر الوطن.

ومن هنا، يُطالب المصدر أن يتوقّف بعض السياسيين عن إثارة التشنّج، وانتقاد عمل الحكومة لأنّها المؤسسة الوحيدة التي تعمل، والتي تمثّل لبنان في الخارج في كلّ المؤتمرات الدولية، خصوصاً وأنّ المرحلة الحالية التي نمرّ بها مفتوحة على كلّ الإحتمالات وسط تهديدات “داعش” و”جبهة النصرة” لاختراق الحدود والدخول الى المناطق اللبنانية من جهة، وتهديدات إسرائيل بشنّ حرب جديدة على لبنان.

فالمطلوب اليوم، بحسب رأي المصدر نفسه، التخفيف من الإحتقان، والحفاظ على الحكومة لأنّها مدعومة من دول الخارج الغربي والعربي، ولأنّ الكلام غير البنّاء يزيد في الطين بلّة، بدلاً من أن يُساعد على تحسين الوضع الداخلي. فالجميع يعلم أنّ حكومة سلام تشكّلت لتمرير الأزمة، والجميع يعلم أنّ الأزمة لا تزال مستمرّة، وهي تتطوّر بشكل لافت، ما يتطلّب المزيد من التماسك لإدارتها بأقلّ الخسائر الممكنة بدلاً من أن تفقد دورها، ويتطلّب تشكيل حكومة أخرى 11 شهراً جديداً. ولهذا يجد أنّ ما تقوم به حالياً هو أفضل الممكن الذي يبقى أفضل من إطلاق النار عليها.