رائد الخطيب
نفى وزير الإسكان السابق وعضو المجلس الأعلى للتخطيط السابق، يحيى السميط، أن تسحب الحكومة الكويتية من احتياطاتها المالية أو من خلال عائدات استثماراتها الخارجية، لتمويل العجز في موازنتها للعام الجاري، بعد اقرارها موازنة تقشفية للسنة المالية المقبلة 2015- 2016 تتضمن نفقات أقل بنسبة 17.8 في المئة عما هو مقرر في السنة المالية الحالية 2014-2015، وذلك بسبب الهبوط المستمر لأسعار النفط.
وبلغ العجز 8.2 مليارات دينار كويتي (27.8 مليار دولار)، على أساس تقدير سعر برميل النفط بـ45 دولارا، وحجم إنتاج 2.7 مليوني برميل في اليوم.
وقال السميط في حديثٍ إلى «المستقبل»، إنَّ «الموازنة تقوم على معادلة وقواعد معينة، وهي افترضت سعر البرميل للعام الجاري 45 دولاراً. والغرض من تحديد سعر البرميل تحديد الربح والخسارة، فكل دولار يزيد عن هذا السعر يذهب الى الأجيال القادمة والصناديق السيادية الاستثمارية». أضاف «إن الصناديق السيادية لم يؤخذ منها شيء، إلا انها دخلت الى الأسواق المالية في الكويت، فإنها دخلت بهدف تنشيط السوق المالية سوق الأسهم، وهي بالطبع مفيدة للمواطن والدولة في آن«.
وإذ يتوقع المحللون أن تكون لتراجع أسعار النفط تأثيرات على هيكل الإنفاق والمساعدات الخارجية للدول المنتجة، رغم الفوائض الكبيرة التي تملكها بعض الدول، مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر، يقول السميط «بدأت الحكومات تعيد رسم موازاناتها بشكل أكثر تحوطاً، إذا هي لا تريد أن تستعمل الصناديق الاحتياطية والسيادية العائدة للأجيال المقبلة. ومن هنا رأينا اعتماد التقشف مثلاً في دولة الكويت ولا سيما بما يتعلق بالخطة الخمسية التي كانت الكويت قد رصدت لها نحو 100 مليار دولار. فأزمة النفط كان لها تأثيرها النفسي على أسواق المال والبورصات في الدول الخليجية، وساهمت أيضاً بالتأثير على الأسواق عموماً وعلى قطاع العقارات، ورأينا أن الحكومات قد لجأت الى خفض الموازنات، الآن شكلت الأزمة صحوة لأنه لا يمكن أن يكون النفط الى الأبد، من هنا إن اللجوء الى الترشيد هو ما دفع بحكومتنا وغيرها من حكومات الخليج للتنبه من امكان تكرار الأزمة، الآن بدأ الجميع ينتبه لما حصل». وقال «من شأن انخفاض الاسعار ان يعزز قوة الولايات المتحدة الأميركية، ويعزز ثقتها لدى الشعب الأميركي.. فمع الانخفاض الحاصل، نشهد صعوداً قوياً للدولار، وهو فرصة لتكديس الذهب والنفط معاً، للاحتياط العام من أجل المستقبل، وطبعاً هذا ما سيستفيد منه الشعب الأميركي وبالطبع الحكومة«.
واذا اشار الى عوامل سياسية لما حصل، قال ان هناك جوانب تقنية ايضا، فـ»أميركا من خلال ما يحصل تريد تعزيز قدرتها في مسألة الزيت الصخري عبر استغلاله بالطريقة المثلى لمواجهة النفط العضوي التقليدي. لكننا نتوقع عودة الأمور الى مسارها الصحيح نهاية السنة الجارية، اذ ستطرأ الكثير من الأمور على ملف المنطقة.. نتوقع أن تزول المسببات السياسية نهاية الشهر السابع وطبعاً سنشهد عودة الى ارتفاع الأسعار«.
ولفت وزير الاسكان السابق الى الترابط القائم ما بين النفط والاستقرار السياسي، النابع من الاستقرار الاقتصادي.
مشروع الوقود البيئي
وأما في ما يتعلق بمشروع الوقود البيئي الذي تنوي الحكومة الكويتية البدء به، والبالغة تكلفته 3.4 مليارات دينار (11.5 مليار دولار)، فأشار السميط الى انَّ «الهدف انتاج وقود نظيف، خصوصاً أن الوقود غير النظيف وأيضاً المشتقات النفطية باتت تؤثر على البيئة وعلى السلامة العامة، وبالتالي فإن دولة الكويت لا يمكنها ألا تواكب العصر في هذا المجال، رغم أن انتاج الوقود النظيف يتطلب تكلفة أعلى، بالإضافة الى الحاجة الى تدريب كادرات متخصصة في هذا المجال«.
ويستهدف المشروع تحديث مصفاتي الأحمدي وميناء عبدالله ورفع طاقتهما التكريرية، وفق أحدث تقنيات التكرير بالعالم للحصول على منتجات نفطية ذات محتوى كبريتي ضئيل مطابق لمنتجات البيئة الدولية، لتسهيل تسويقها محليا وعالميا من خلال تفعيل التكامل بين المصافي وتحويلها إلى مجمع تكريري متكامل.
وإذ لم ينفِ الطابع السياسي والاقتصادي للشركات الغربية في بيع التكنولوجيات الجديدة، رأى أن السوق العالمية للنفط ستتجه أكثر فأكثر مستقبلياً نحو الوقود البيئي، متوقعاً أن يصدر قرار من منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) في هذا المجال، لافتاً الى أنَّ الموضوع البيئي بات من ضمن السياسات التي تحظى بقوة داخل المجتمعات، وبالتالي فإن الكويت لا يمكنها إلا وأن تتماشى مع التطورات الجديدة.
الموضوع النفطي في لبنان
وفي إشارة الى الموضوع النفطي في لبنان، والذي بات مقلقاً على الساحة الداخلية مع التأخر الحكومي في إقرار مرسومي النفط والخلافات الناشبة من جرائهما، دعا السميط الى تحييد الخلافات السياسية عن هذا الموضوع، «فلبنان هو أحوج ما يكون الى الدخول الى السوق النفطية«. وقال: «من الخطأ ألا يبصر المشروع النفطي في لبنان، النور، مهما كانت الخلافات السياسية الداخلية، وحتى في موضوع الترسيمات الحدودية البحرية، هناك اتفاقات موجودة في المنظمة الدولية يمكن للبنان اللجوء اليها، لكن ينبغي على لبنان أولاً ترتيب السياسة الداخلية من اجل حل هذا الموضوع، خصوصاً تجاه قضية تمس كل الشعب اللبناني وهي مهمة بالنسبة لوضعه المالي، وللأجيال القادمة». ولفت الى أن عمليات استكشاف واستخراج النفط، باتت سهلة بوجود الشركات النفطية العالمية التي تقوم بمثل هذه الاعمال وفقاً لعقود معينة تحدد الأرباح والتكاليف، موضحاً أنه على لبنان الاقتداء في هذا المجال بكل من مصر والعراق.