IMLebanon

الأنموذج الحالي لإدارة الصناديق النشطة لا يُناسب الهدف

DollarInvest
جون أوثرز

عندما تتفاخر الصناديق بشأن أدائها لمدة عام، ما الذي تقوله فعلاً لك؟ إنها ليست متحمّسة بشأن انتصار جديد حققته أخيرا. بالأحرى، هي حملة إعلانية جديدة من إحدى شركات الصناديق تدل على أن أداءها قبل 13 شهراً كان سيئاً – بالتالي أرقامها تبدو جيدة الآن مع استبعاد ذلك الشهر من المقارنة. لا بد أن تعلن جميع الصناديق أن الأداء السابق لا يضمن نتائج جيدة في المستقبل. لكن هناك بحثا جديدا بقيادة أساتذة في جامعة كامبردج، يُظهر أن شهور الأداء السيئ، وليس شهور الأداء الجيد، هي ما يدفع مجموعات الصناديق لإعلان النتائج والتسويق على حد سواء. ودون قصد، يطارد المستثمرون “عوائد راكدة”. المنظمون في الولايات المتحدة يُلزمون الصناديق بنشر أرقام أدائها كل عام، وكل ثلاثة أعوام، وخمسة أعوام. لذلك تنسق الشركات إطلاق حملاتها الإعلانية في الأشهر التي تكون فيها أرقام الأداء الضعيفة قد توقفت للتو.

ووجدت الدراسة أن الصناديق المشتركة في الولايات المتحدة تطلق على الأرجح حملة أعلانية بعد 13، أو 37، أو 61 شهراً – والأرجح أن تنتقل الأموال إلى الصناديق في هذه الفواصل الزمنية أيضاً. ولا يوجد مثل هذا التأثير الفوري بعد أداء شهر جيد.

الأسوأ من ذلك، وجد الباحثون أيضاً أن المديرين كانوا أكثر احتمالاً لزيادة أجورهم، من خلال سحب الإعفاءات عن الرسوم في المراحل الحرجة، عندما تسقط الشهور السيئة من الفترات الرئيسية لاقتناء الأصول التي كان عليهم تسعيرها. بعد ذلك لا تكون الزيادة في الأجر مدفوعة من الأداء الجيد الأخير، بل من شذوذ أعوام الأداء الضعيف في الماضي. وبحسب راجو راو، من جامعة كامبردج، ربما ينبغي للصناديق الإعلان أنه “لا يوجد ما يضمن الأداء الماضي أيضاً”.

مثل هذا السلوك قد يكون قانونياً من الناحية الفنية، لكنه ممارسة رخيصة وسيئة. ونحن نشتَمُّ منه رائحة اليأس. ومديرو الصناديق النشطة لديهم سبب ليكونوا يائسين. فقد كان العام الماضي رهيباً بالنسبة لهم في كل مكان، حيث جعل الانتشار المحدود لعوائد الأسهم من الصعب التفوّق على السوق.

ووفقاً لبانك أوف أمريكا ميريل لينش، 19 في المائة فقط من مديري صناديق الأسهم الأمريكية تغلّبوا على مؤشر راسل 1000 للأسهم الكبيرة خلال العام. وفي ذلك السياق، فإن نجاح 43 في المائة من مديري الصناديق النشطة في مطابقة المؤشر هذا العام، مع مديري الأسهم العاديين يتخلفون “فقط” عن المؤشر بمقدار 19 نقطة أساس، يبدو مشجعاً تقريباً.

ضعف الأداء في الصناديق النشطة هو في المقام الأول مسألة تتعلق بالرياضيات البحتة. ففي المجموع، جميع الصناديق ستطابق المؤشر، أو في أحسن الأحوال سيكون أداؤها أفضل قليلاً. ومن ثم تفرض الرسوم. وهذا يضمن أن الصندوق العادي، بعد الرسوم، يكون أداؤه أقل من أداء السوق.

وفي الوقت الذي يكتسب فيه هذا المنطق فهما على نطاق أوسع، بدأت الأموال بالتدفق من الصناديق التي تتم إدارتها بفاعلية، إلى البدائل “غير النشطة”، التي بالكاد تتعقب المؤشر، التي تفرض رسوماً أقل بكثير. وفي العام الماضي تحولت الحركة الضئيلة الثابتة إلى فيضان حقيقي. هذا التدفق إلى البدائل غير النشطة قد يكون له تأثيره الخاص في مديري الصناديق النشطة، لأن أداءها السيئ مقارنة بالمؤشر يمكن أن يكون جزءا من اتجاه طويل الأجل، وليس مجرد جزء من رياضيات الرسوم.

هناك سببان لهذا. الأول، على مدى عقود من الزمن أصبح مديرو الصناديق النشطة أفضل في اكتشاف الأسهم ذات الأسعار المختلة. وهذا يجعل من الصعب كسب الأموال من خلال العثور عليها. والسبب الآخر، بما أن مديري الصناديق النشطة الأكثر اعتدالاً يستسلمون، فلا يبقى سوى المديرين الأكثر موهبة. ولا يزال هؤلاء الموهوبون يلعبون اللعبة التي محصلتها صفر، التي سيخسرها بعضهم، لذلك وظيفتهم تصبح أصعب. كل هذا يضع تركيزاً أكثر بكثير على الرسوم. ومن المتوقع أن يتجاوز أجر مديري الأصول في عام 2016 أجر مصرفيي الخدمات الاستثمارية، بحسب بحث أجرته شركة نيو فاينانشيال الاستشارية. في المملكة المتحدة، أعلنت سلطة السلوك المالي هذا الأسبوع أنها ستحقق في رسوم مديري الأصول. التركيز على الرسوم جيد، لكن هناك مشكلة أساسية خطيرة. نحن بحاجة إلى أن يقوم مديرو الصناديق النشطة باكتشاف الأسعار – للتأكد من أن تسعير رأس المال تم بشكل جيد – والتصرّف كوكلاء للشركات التي يملكونها. وإدارة الصناديق غير النشطة لا تستطيع القيام بهذا.

الأنموذج الحالي لإدارة الصناديق النشطة، الذي من خلاله تستغل الصناديق الشذوذ من الأعوام السابقة لبيع المزيد وتحقيق أجر أكبر لأنفسها، لا يُناسب الهدف. هناك حاجة ماسة إلى العثور على أنموذج جديد قابل للدوام. لكن من المنصف أن نراهن على أن الإدارة النشطة سوف تصمد. تشارلي إليس، وهو ناقد ذو نفوذ، توقع منذ فترة طويلة تعود إلى عام 1975 أن “المحترفين الموهوبين والمصممين والطموحين دخلوا إدارة الاستثمار بأعداد كبيرة، حيث إنه ربما لم يعد من الممكن بالنسبة لأي منهم أن ينتفع من أخطاء جميع الآخرين بما يكفي للتغلب على الأرقام المتوسطة للسوق. لكن رغم كل ما حدث منذ ذلك التنبؤ العظيم، فهو يشكك في أن المديرين النشطين سيقلعون عن عاداتهم. ويقول: “بعد أن شاهدتُ المدخنين وهم يقلعون عن التدخين، والسائقون وهم يعتادون على وضع حزام الأمان، والناس يفقدون الوزن، لا أزال عاجزا عن أن أتخيل الأعداد الكبيرة من المستثمرين النشطين يقلعون عن اللعبة العظيمة”.