يسعى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام جاهداً بالتنسيق والتعاون مع سائر المكونات السياسية لدرء كأس الشغور المرّة عن المؤسسة التنفيذية. وبرز أمس لقاؤه الرئيس سعد الحريري في السرايا الحكومية حيث استعرض الجانبان الأوضاع والتطورات في لبنان والمنطقة، وهو لقاء وصفه رئيس الحكومة بالجيّد كما كل اللقاءات السابقة مع الرئيس الحريري وفق ما نقلت أوساطه عنه لصحيفة “المستقبل”، مشيراً في ما يتعلق بالاتصالات التي يجريها على خط آلية العمل الحكومي إلى أنّ الأمور لم تنضج بعد، وإلى أنّ موعد دعوة مجلس الوزراء للانعقاد لا يزال غير واضح بانتظار نتائج الاتصالات الجارية، مع تحذيره في المقابل من مغبة تمدّد العجز وتعميم الفراغ على كل مؤسسات الدولة.
وإذ يعرب رئيس الحكومة عن تأييده أي مقاربة تساعد على تسهيل شؤون البلد والإدارة وتؤمّن إنجاز المشاريع، يلفت الانتباه في هذا السياق إلى أنّ طرحه موضوع الآلية الحكومية لم يكن من باب حسم الأمور باتجاه أي صيغة محددة دون سواها، إنما هو أتى من باب طرح المعاناة والقول إنه بعد أشهر من التجربة وفق الآلية السابقة بدا واضحاً أنّ المسألة تحتاج إلى مراجعة وتقويم وصولاً إلى اعتماد الآلية الأمثل لعمل مجلس الوزراء بشكل يُبعده عن التعطيل.
ويوضح سلام أنّ التوافق الذي دعا إلى اعتماده في المجلس يستند إلى الدستور الذي ينصّ على التوافق على القضايا الأساسية وإذا تعذر ذلك فبالتصويت، وبناءً عليه كان القرار بالاكتفاء بالشق الأول من هذا النصّ، أي التوافق، أخذاً بالاعتبار الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، مشدداً في الوقت عينه على وجوب أن يدرك كل الأطراف أهمية هذا التوافق والسعي إلى تحقيقه.
وفي معرض استعراضه المناكفات السياسية داخل مجلس الوزراء خلال الأشهر الماضية، تستوقف سلام حقيقة لافتة وهي أنّ هذه المناكفات لم تحصل حول أي قضية ميثاقية بل كانت في مجملها متصلة بمواضيع ليست على قدر كبير من الأهمية، ويشير في هذا الإطار إلى أنّ جلّ ما يسعى إليه ويطالب به حالياً هو تسيير أمور البلد ومنعه من التراجع أكثر، علماً أنّ أي موضوع ميثاقي أو سياسي خلافي كبير لم يُثر على طاولة مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي اقتناعاً بالحساسية التي يشكّلها، طارحاً حيال ما وصلت إليه الأمور على مستوى العمل الحكومي جملة علامات استفهام تساءل فيها: هل القضايا التي عرقلت عمل مجلس الوزراء لها علاقة بالميثاقية أو بعدم انتخاب الرئيس؟ هل يجب أن يتبلور العجز عن انتخاب رئيس في مجالات ومؤسسات أخرى؟ وهل المطلوب تعميم الفراغ؟، معرباً عن أسفه البالغ في هذا السياق لكون العجز الحاصل ليس مفروضاً علينا بل هو نابع منّا.