لم ينقص اوجاع المسيحيين في سوريا في الايام الاخيرة، الا اقدام مجموعات من تنظيم “الدولة الاسلامية” (داعش) على شن هجموم واسع بدأ فجر أول من امس واستهدف البلدات الاشورية الواقعة في منطقة خابور في محافظة الحسكة وخطف نحو 100 شاب وفتاة على قول نائب رئيس الكنيسة الاشورية في لبنان الاب يترون كوليانا لـ”النهار”. ولجأت اعداد كبيرة من العائلات الى مطرانية الاشوريين في الحسكة تخوفاً من الوقوع رهائن في ايدي المسلحين.
واوضح كوليانا ان “الدواعش نفذوا هجوماً ضد البلدات الاشورية، ويراوح عدد اهلنا الذين ما زالوا في هذا المنطقة بين 7 و10 آلاف شخص، لأن البقية هربت الى لبنان والعراق وبلدان اخرى. واقل ما يمكن قوله، ان عائلاتنا تواجه اخطاراً كبيرة وهي مهددة بالقتل والخطف والتشرد. ودخل المسلحون الى بلدة تل شاميرون وسيطروا عليها. وتقوم اللجان الشعبية من الاشوريين والاكراد بحماية هذه البلدات قدر الامكان والدفاع عنها، لكنهم لا يستطيعون التصدي لهذه المجموعات من الدواعش المزودة اسلحة حديثة من القنابل والمدفعية. والمفارقة ان طيران التحالف الدولي يحلق في سماء المنطقة من دون ان يستهدف مواقع داعش وتجمعاته، وكأن شيئاً لم يحدث”.
واضاف: “تكمن المشكلة في الخطر الذي يهدد ما تبقى من اهلنا، والعالم يتفرج على مأساتنا هذه. ونطلب من السلطات العراقية فتح الحدود امام عائلاتنا ولا سيما الاطفال والنساء”.
وكشف كوليانا “ان ثمة تحضيرات عدة سنباشرها في بيروت لتنظيم سلسلة من الاعتصامات لابراز ما يتعرض الاشوريون له واعلان تضامن حقيقي معهم. وفي امكان المسيحيين في لبنان وكل الشرق القيام بجهد اكبر لرفع الصوت وعدم التفرج على مأساة المسيحيين في سوريا من جراء ممارسات الجماعات التكفيرية التي تعمل على القضاء على عائلاتنا وتشريدها”.
وختم حديثه مع “النهار” بصوت متألم يخرج من اوتار حنجرته المتعبة: “لم يبق لنا الا الرب ليحمينا”.
إلى ذلك، اعتبرت أوساط ديبلوماسية فاتيكانية لصحيفة “الجمهورية” انّ “المسيحيين المشرقيين يشكّلون أولوية لدى دوائر عاصمة الكثلكة، خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهَد محاولات لاقتلاعهم من جذورهم”، وكشفَت أنّ “الاتصالات مع عواصم القرار تجري على قدَم وساق لتأمين الحماية اللازمة لِما تبقّى من مسيحيين، على أن يليَ ذلك تأمين عودة سليمة وآمنة للمسيحيّين الذين تمَّ تهجيرهم”.
وأكّدَت هذه الأوساط “دعمَها للمواقف والمساعي التي يتولّاها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، إنْ بالضغط لانتخاب رئيس جمهورية جديد يبدّد هواجسَ المسيحيين ويستعيدون عبرَه دورَهم وشراكتَهم على المستوى الوطني، أو بجمعِ الأقطاب المسيحيين بغية توحيد رؤيتِهم ونظرتهم”.
وفي هذا السياق، قالت الأوساط “إنّها تعوّل على الحوار بين “التيار الوطني الحر” و”القوات”، ليس فقط لانتخاب رئيس جديد، بل لكي يشكّلا معاً قوّةَ دفعٍ ودينامية جديدة داخل الوسط المسيحي، تؤسّس لمرحلة مستقبلية عنوانُها تثبيت المسيحيين في الجغرافيا اللبنانية وضمن هيكل الدولة”، وأشارت إلى أنّها “تنظر بعينِ الأمل إلى هذا الحوار الذي سيطوي صفحة الماضي، ويُعيد ثقة المسيحيين بأنفسِهم، ويوحّد نظرتهم حيال القضايا الوطنية، كما يوحّد جهودهم للحفاظ على النموذج اللبناني الذي يجسّد عنوان الشراكة المسيحيّة ـ الإسلامية في العالم”.