رائد الخطيب
لا يزالُ البحث جارياً لإيجاد مخرج لأزمة النفط المستقبلية في لبنان، خصوصاً وأن أزمة مرسومي النفط لا تزال مطروحة على طاولة مجلس الوزراء من دون حل قريب لأسباب لا يريدُ كثيرون من المعنيين بالقطاع النفطي، شرحَ معوقاتها. حتى ان بعضهم يتساءل ما اذا كان اقرار المرسومين الشهيرين بات متعلقاً بمسألة ترسيم الحدود البحرية العالقة بشكلٍ ثلاثي الأبعاد، مع سوريا واسرائيل وقبرص.
وتشكل المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان جزءاً من حوض المشرق العربي، والتي تقدر بما يصل إلى 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى نحو 1.7 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج.
ورغم تحويل القانون الضريبي الخاص بالأتاوات على النفط من قبل هيئة إدارة البترول الى وزارة المالية، إلا أنَّ هناك جوانب عديدة لا تزال عالقة ولا سيما الصندوق السيادي وغيرهِ. وهذا ما يحتاجُ الى الكثير من الايضاحات، خصوصاً وأنَّ شركاتٍ كثيرة غادرت أو باتت غير مهتمة بالموضوع النفطي اللبناني، ريثما تنجلي الصورة.
برز ذلك جلياً خلال الندوة التي عقدتها لجنة الاقتصاد حول استخراج النفط برئاسة النائب جان أوغاسابيان، الذي أكد أن «الموارد الاستراتيجية ستؤثر على الاقتصاد وعلى مداخيل الدولة وسيكون لإيراداتها انعكاسات ايجابية على المالية العامة بما يدعم الاحداث التنموية على المستوى الوطني«. ودعا الى «توسيع المشاركة الوطنية توصلاً الى اتخاذ القرارات الاقتصادية الصائبة لضمان الاستفادة من عائدات الموارد النفطية وتأسيس صندوق سيادي للبنان، وعلاقة الصندوق بنظام الموازنة العامة وخفض الدين العام«.
اللجنة التي استمعت الى الخبراء واهل الاختصاص، تبين لها أن الموضوع النفطي ما زال بحاجةٍ الى الكثير من البحث والتدقيق ولا سيما في ما يتعلق بالمعوقات التي تحول دون استخراج النفط المأمول من البحر، وطبعاً هي ستحدد رؤيتها من الامر من خلال توصيات تصدرها لاحقاً.
وعرض الرئيس السابق للهيئة النفطية ناصر حطيط، لموضوع التلزيمات في إطار المزايدات التي ينبغي أن تكون وفقاً لمعطيات علمية، وأن تكون تدرجية للبلوكات، متناولاً الموضوعين القبرصي والاسرائيلي في هذا المجال، ولافتاً الى أن الاسرائيليين حفروا 51 بئراً. لكن كان الأهم، بحسب كما قاله حطيط، عروض البيع المستقبلية التي تمَّ تسويقها الى الدول العربية والمقدرة بنحو 47 مليار دولار، متناولاً مسألة تسابق الدول لكسب الاسواق. وقال إنَّ أمام لبنان السوق الأوروبية التي يمكن الوصول اليها من خلال تركيا، لافتاً الى أن التصدير عبر الخط البحري الى قبرص مكلف جداً، حيث تبلغ تكلفته ما بين 4 مليارات دولار الى 6 مليارات، ومؤكداً أن خط الغاز العربي يمكن استعماله.
أمّا الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، فتساءل عن مغزى الحديث عن الأسعار، معتبراً ان الاولوية هي في الحديث عن العرض والطلب الذي خصصت له دراسات وابحاث عدة. وقال إن درس هذا الشق من الموضوع مهم جداً كونه متعلقاً بمسألة النمو الاقتصادي، ولافتاً الى أن العرض في موضوع النفط والغاز يزيد فيما يتراجع الطلب، وهذا يعود أولاً الى تراجع النمو الاقتصادي عالمياً.
كما تطرق صادر الى موضوع العلاقة ما بين النفط والناتج المحلي، وقال رغم أن دول الخليج لديها كميات كبيرة إلا انَّ ذلك أثر في الأسعار الداخلية ارتفاعاً لجهة التضخم أو لكلفة اليد العاملة، كما أثر على صادرات هذه الدول كونها من خارج التصدير النفطي.
وتناول مسألة الاسترداد من الشركات، وقال إنه موضوع حساس جداً، والسؤال هو من يستطيع مراقبة تكاليف الشركات خصوصاً وأنَ دولاً كبرى ليست لديها القدرة في القيام بذلك، لا بل انها فشلت في هذا الموضوع.
وأعلن صادر أنَّ المصارف مستعدة أو لديها القدرة على تمويل العمليات النفطية في لبنان، إلا أنَّها غير قادرة لتمويل الاستثمارات النفطية الطويلة الأمد كونها من مهمة الشركات أو المصارف العالمية، أو عن طريق الاصدارات العالمية.
اما الخبير ياغي، فلفت من جهته، وفي رد مبطن على صادر، الى أن المصارف اللبنانية غير مستعدة للتمويل إلا بعد الاكتشاف، وقال «حين يحصل الاكتشاف الكل سيسارع الى التمويل، وهذا لا يجوز أن يحصل أن نقطف الثمرة حين نضوجها«. واوضح ان من يراقب التكاليف التي ستضعها الشركات الاجنبية هي الشركة الوطنية التي ستنشأ، وهي التي ستتولى أدق التفاصيل، آملاً في أن تتحول هيئة إدارة القطاع البترولي الى شركة وطنية، وقال إن الشركات الوطنية هي حجر الزاوية في كل دول العالم.
من جهته، دعا الامين العام للمجلس الاعلى للخصخصة زياد حايك، الى التعاقد مع اختصاصيين ماليين لابداء رأيهم في كافة الامور المالية والاقتصادية لهذا الموضوع.
أما رئيس الهيئة غابي دعبول، فقال ان الهيئة طبقت كل ما يلزم وفقاً لمقتضيات الحكم الرشيد. اضاف إن كل دول العالم قبل أن ترفع المراسيم الى مجلس الوزراء وحتى التطبيقية منها، تقوم بالدراسات اللازمة، وهذا ما انجزته الهيئة عبر استشاريين دوليين حصلوا أموالاً من الدولة.
وإذا كان إنشاء صندوق للثروة السيادية، هو مصدر قلق للجميع، حيث هناك منافسة قوية بين القوى السياسية في ظل التأكل الاداري، قال دعبول «في ما يتعلق بالنسبة للصندوق السيادي، فانَ القانون 132، نص على انه ينشأ بموجب هذا القانون صندوق توضع فيها العائدات النفطية، وهو بالطبع سيحافظ على رأس المال للأجيال القادمة حتى لا نخسر الاصول«.
وأشار الى أن القانون لم يحدد كيفية ادارة هذا الصندوق، وان هذا يجب ان يكون بقانون صادر عن مجلس النواب ويجب ان يحظى بمميزات قانونية حتى نمنع عنه الحجز، سواء من الشركات أو الدول.