IMLebanon

صناعة النفط .. مقيم دائم في قائمة الشركات الأعلى ربحية

OilDollar

روبرت آرمسترونج

من المذهل أن شركة أبل تمكنت من بيع 74 مليون جهاز من الهواتف الذكية في الربع الأخير من العام الماضي. والربح الناتج عن ذلك، 18 مليار دولار، يعد مبلغا كبيرا يصعب تصوره. وليس من المدهش أن “أبل” هي الشركة الأكثر ربحية في العالم. ذلك أن تأثير منتجاتها هائل، ونحن نعيش في عصر المعلومات والتنقل والاتصال. و”أبل” هي الشركة المناسبة لعصرنا هذا، لذا يبدو من الطبيعي أنه ينبغي لها تحقيق أكبر قدر من المال.

في هذا السياق، ستجدُّ أمور كثيرة لافتة للنظر حين ندرس الشركات التي قادت دوري أرباح الشركات الأمريكية على مدى العقود الستة الماضية.

من ناحية، هناك شركة أبل، ومن الناحية الأخرى، جنرال موتورز. وبينهما نجد تحولا تدريجيا لمشهد الشركات في الولايات المتحدة. في الخمسينيات، حصدت الشركات المصنعة والصناعات الثقيلة أسمن الأرباح. أما المشهد اليوم فهو صاخب أكثر، بوجود شركات التكنولوجيا، والرعاية الصحية، والتمويل، والاتصالات من بين الشركات التي حققت أكبر قدر من الأرباح. وعبر الأعوام التي مضت كان هناك شريط واحد على نطاق واسع من الاستمرارية: أرباح ضخمة في شركات النفط.

بالنظر في قائمة الشركات العشر الأكثر ربحية المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز لكل من السنوات الـ 60 الماضية، نرى استمرارية تبعث على الدهشة. من عام 1955 إلى عام 1961، بالكاد تغيرت القائمة التي كان على رأسها شركة جنرال موتورز، ومنافستها شركة فورد تحتل مكانة ما فيها، والباقي كان مزيجا من شركات النفط الكبرى – إكسون وتيكساكو وشيفرون وموبيل وجلف أويل – والمجموعات الصناعية.

من ثم، في عام 1961 جاءت الإشارة الأولى على أن الولايات المتحدة، وبشكل متزامن، الاقتصاد العالمي في حالة تغير، حين فرضت شركة آي بي إم نفسها على القائمة. لقد كانت الشركة تنتج أجهزة كمبيوتر تعتمد على الترانزستور (بدلا من أجهزة تعتمد على مفتاح أو أنبوب مفرغ) لبضع سنوات، واخترعت بالفعل ذاكرة وصول عشوائي على شكل قرص. لكن ظهور آي بي إم على القائمة ليس مجرد لحظة عظيمة للتكنولوجيا، بل علامة فارقة تدل على صعود العمالة المعلوماتية – في مقابل العمل المادي الفعلي للتصنيع. لقد كانت أجهزة الكمبيوتر من شركة آي بي إم تستخدم لإدارة أنظمة الحجز في شركات الطيران، وآلتها الكاتبة الكهربائية كان قد تم إدخالها للتو.

وتعتبر السنوات الـ 25 التالية متسقة بشكل لافت للنظر، حيث تسيطر صناعة السيارات والنفط والصناعات الأخرى على القائمة مع شركة آي بي إم. وهناك ثلاث شركات فقط كسرت هذا النمط. في عام 1967، ظهرت شركة إيستمان كوداك في المرتبة التاسعة. وفي عام 1970، ظهر لفترة قصيرة جنون المجموعات العملاقة (الوجه الآخر للتفكك المستشري اليوم) مجسدا في مجموعة آي تي تي ITT – التي كانت شركة اتصالات، ومشغلا فندقيا، وصانع خبز، وشركة تعمل في قطاع الصناعة. ووجدت شركة آيه تي آند تي AT&T طريقها بين الشركات العشر الأعلى في عام 1985، بعد أن فككت الحكومة احتكارها في سوق الاتصالات الهاتفية في الولايات المتحدة.

أما لحظة التغيير الحقيقية فقد جاءت في عام 1986، عندما وصلت اثنتان من شركات السلع الاستهلاكية البحتة إلى الطبقة العليا. فقد حصلت شركة فيليب موريس للتبغ (المعروفة الآن بألتريا) وشركة نابيسكو للبسكويت على المرتبتين السابعة والعاشرة، على التوالي. وبعد مضي خمس سنوات من ذلك التاريخ، ظهرت الشركات العشر الأعلى مختلفة إلى حد كبير عما كانت عليه في عام 1955، حين عكست شركة ميرك وبريستول – مايرز الأهمية المتزايدة للرعاية الصحية، بينما انضمت شركتا كوكاكولا وبروكتر آند جامبل إلى شركة ألتريا في تأكيد قوة الاقتصاد الاستهلاكي.

من المغري أن نرسم خطا يمتد من حالة الاقتصاد، أو العالم بصورة واسعة، إلى وضع ربحية الشركات، لكن الشركات تمتلك حياتها الخاصة بها. مثلا، عمليات الاندماج لها دور مهم في أماكن تراكم الأرباح بقدر دورها في تحديد الصناعات التي ترتفع أو تنخفض. ومن السهل الإشارة إلى “ارتفاع المستهلك الأمريكي”، لكن الولايات المتحدة كانت بالفعل اقتصادا مستهلكا خلال الخمسينيات عندما استأثرت نفقات الأسر المعيشية بما يزيد على نصف الإنتاج.

مع ذلك، استأثرت الصناعة التحويلية بنحو 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في ذلك الوقت. والآن تمثل 12 في المائة، بينما ارتفعت نسبة التمويل والخدمات المهنية والرعاية الصحية من 7 في المائة إلى 21 في المائة.

إذا كان هناك شيء واحد في القائمة ينبغي أن يجعلنا نتوقف عنده، فإنه سيكون الوجود المطلق لشركات النفط. ظهرت إكسون وشيفرون في قائمة عام 1955، وبعد مضي ستة عقود بقيت الشركتان بالقرب من القمة.

بقدر ما تغير العالم على مدى السنوات الـ60 الماضية، إلا أنه لا يزال يعمل على النفط.