بعدما حصلت حكومة رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس على فترة أربعة أشهر لالتقاط أنفاسها، تنكب الآن على توضيح الإصلاحات التي تنوي القيام بها، والتي يفترض ان ترضي ناخبيها الذين أوصلوها إلى السلطة من جهة، وشركاءها الدوليين الذين يملكون السيولة التي هي بأمس الحاجة إليها، من جهة ثانية.
وكانت أثينا حصلت أول من أمس على موافقة منطقة اليورو على تمديد برنامج المساعدات الخاص بها لأربعة أشهر حتى نهاية حزيران (يونيو). وفي المقابل قدم تسيبراس التزامات في مجال الإصلاحات محاولاً قدر الإمكان عدم التنكر لوعوده الانتخابية في مجال التقشف. وتصوت برلمانات العديد من دول منطقة اليورو الـ 19 قبل نهاية الأسبوع على تمديد هذا البرنامج لليونان، وبينها في شكل خاص برلمانا اليونان وألمانيا. وعلى رغم اعتراض بعض النواب المحافظين في ألمانيا فإن موافقة البوندستاغ على التمديد مضمونة.
إلا ان المستقبل لا يبدو مزروعاً بالورود أمام حكومة تسيبراس، والاستحقاقات المالية التي تواجه أثينا خلال الأسابيع القليلة المقبلة تبدو داهمة. وقالت جنيفر ماكيون المحللة الاقتصادية في «كابيتال ايكونوميكس»: «حتى مع التوصل إلى اتفاق من غير الواضح كيف ستفي الحكومة بالتزاماتها بين اليوم ونيسان (أبريل)». فهناك قروض لصندوق النقد الدولي تستحق في آذار (مارس)، والأوروبيون لم يفصحوا عن رغبة لديهم بتأمين أموال قبل نيسان، أي لدى حكمهم على تقدم الحكومة اليونانية في مجال الإصلاحات.
وهناك نقطة أخرى لا تزال غير واضحة تتعلق بإمكانية التنفيذ الفعلي لبرنامج الإصلاحات الطموح الذي قدمته الحكومة اليونانية والذي يتضمن شقاً مهماً جداً حول مكافحة الاختلاس والفساد وإصلاح المؤسسات الحكومية، وهي مجالات تجنبت الحكومات السابقة الخوض فيها. وتوقع كوستاس باكوريس، رئيس الفرع اليوناني لمنظمة «الشفافية الدولية» غير الحكومية، ان تعطي الحكومة «الأولوية لملاحقة أسماء كبيرة لتبرهن عن عزمها في هذا المجال وللتوصل إلى نتائج سريعة» إلا انه اعتبر ان الحكومة «لا تكشف معلومات كثيرة عن الباقي وعن الإجراءات الوقائية» المفترض ان تتخذها.
وإذا كانت هذه الاقتراحات تتضمن شقاً حول الإجراءات الاجتماعية (كوبونات غداء مثلاً) من الواضح ان تسيبراس تراجع عن كثير من وعوده الانتخابية مثل الحد الأدنى للأجور الذي لم يحدد أي موعد لإقراره كما لم تحدد قيمته. ولم تتردد صحيفة «كاثيميريني» الليبيرالية عن الصدور أمس بعنوان «تراجع أثينا».
ورحبت المستشارة الألمانية انغيلا مركل الأربعاء بالاتفاق بين أثينا ودائنيها واعتبرته «نقطة انطلاق»، لكنها لفتت إلى انه لا يزال هناك «الكثير من العمل». وقالت: «أرحب بأننا توصلنا إلى نقطة انطلاق للمفاوضات مع الحكومة اليونانية الجديدة»، لكن «لا يزال أمامنا الكثير من العمل»، وذلك في مؤتمر صحافي عقدته في برلين مع رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن. وأضافت: «لقد تمكنا مجدداً من فرض مبدأ الحصول على دعم لقاء تسوية خصوصاً الاقتراحات اليونانية (للإصلاح) التي تلقيناها أمس. وهذا يشكل نقطة الانطلاق».
وقال وزير المال الألماني ولفغانغ شويبله ان اليونان لن تحصل على «أي يورو» قبل ان تنفذ التزاماتها المتفق عليها مع دائنيها الأوروبيين في إطار برنامج المساعدة. وأضاف في مقابلة مع إذاعة «أس دبليو ار» العامة «لن يتم صرف أي يورو» قبل ان تفي اليونان بالتزاماتها. وأضاف: «إذا وفوا (بالتزاماتهم) عندها يمكنهم استلام الدفعات المتبقية وإذا لم يفعلوا فلن يتم صرف أي شيء».
وأكد فاروفاكيس ان حكومة اليونان لا تعاني مشكلة فورية في السيولة لكنها تواجه صعوبة في تسديد مدفوعات الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي خلال الربيع والصيف. وقال لإذاعة «ألفا»: «لن نعاني من مشاكل سيولة بالنسبة إلى القطاع العام. لكن سنواجه بلا ريب مشكلة في تسديد الأقساط لصندوق النقد الدولي الآن وللبنك المركزي الأوروبي في تموز (يوليو)».