ذكرت إذاعة “صوت لبنان 100.5” أنّ المدعو “جاك”، من طرابلس، الذي انتسب الى تنظيم “داعش” في اوائل العشرينيات من عمره، غادر الى فرنسا للدراسة في العام الماضي، وتوجه أواخر هذا العام الى سوريا من فرنسا بعدما اعتنق الاسلام، وقد قتل في الرقة.
وأشارت الإذاعة إلى أنّ “جاك” وثلاثة مسيحيين ارثوذكسيين آخرين التحقوا بـ”داعش”.
وكانت صحيفة “السفير” كشفت عن أنّ الأجهزة الأمنية في الشمال تنشغل بشاب مسيحي، اسمه الحركي “جاك” (28 سنة) وينتمي الى عائلة أرثوذكسية عريقة في محلة الزاهرية في طرابلس، وكان قد انتقل قبل فترة الى تركيا، ومنها توجه الى سوريا حيث التحق بـ “داعش”، وفق ما أدلى به أحد أشقائه خلال التحقيق معه من قبل الجيش اللبناني.
وقالت مصادر أمنية لـ “السفير” إنها تخشى من أن يتم تكليف “جاك” بتنفيذ عملية إرهابية في لبنان، وأن تستغل المجموعات التكفيرية هويته المسيحية لإبعاد الشبهة عنه، كما كانت تريد أن تفعل مع إيلي الوراق قبل أن يُلقى القبض عليه، ولذلك فإن جهوداً استثنائية تبذلها بعض الأجهزة لمراقبة كل من يمكن أن يقوم “جاك” بالتواصل معهم.
وتتركز التحقيقات حالياً على معرفة ما إذا كانت هناك علاقة بين الموقوف الوراق والمدعو “جاك”، ومدى مساهمة الأول في تجنيد الثاني، خصوصا أن تواري “جاك” عن الأنظار، تزامن مع توقيف الوراق.
وأشارت المعلومات التي ذكرها مقربون من “جاك” الى أنه كان يتردد على الكنيسة للصلاة، لكن في الآونة الأخيرة انقطع وبدأ يتردد على الأسواق الداخلية في المدينة ليلتقي هناك عدداً من الشبان الملتزمين إسلامياً.
ووفق المعلومات المتوافرة، غادر “جاك” الى تركيا مرتين، حيث التقى بأشخاص ينتمون الى “داعش” وخضع لدورات عسكرية، قبل أن يعود ثم يغادر للمرة الأخيرة الى تركيا، وعبرها الى سوريا حيث أبلغ عائلته بأنه اعتنق الإسلام وانضم الى “داعش”.
وأضافت المعلومات أن “جاك” كان يواجه مشكلات اجتماعية جعلته يبتعد عن عائلته ويعيش بمفرده في إحدى البلدات الكورانية، ثم بدأ يتردد الى الأسواق في طرابلس، قبل أن تختفي آثاره فجأةً، وعندما تقصت عائلته عن مكان وجوده علمت أنه في سوريا، فلما حاولت إقناعه بالعودة عبر الهاتف الخلوي، رفض ذلك وأبلغ شقيقه الموظف في الدولة أنه اختار طريق الإسلام ولن يتراجع.
وأشارت المعلومات إلى أن هناك شبهة حول احتمال ان يكون شاب مسيحي آخر، ينتمي إلى البيئة الطرابلسية نفسها، قد جنّده “داعش”، وهو يخضع للمراقبة والرصد من الأجهزة الأمنية باعتباره لا يزال موجوداً في منطقة الشمال.
وأمام تعدد حالات التحاق شبان مسيحيين طرابلسيين بالمجموعات التكفيرية، عُلم أن مرجعيات روحية مسيحية في الشمال وبيروت تتابع هذا الموضوع الحساس، معربة عن قلقها من هذه الظاهرة ومبدية اهتماماً بالتدقيق في أسبابها وخلفياتها.
وقال توفيق سلطان لـ “السفير” إن الإحباط واليأس بلغا حداً “جعل شباناً مسيحيين يلتحقون بـ “داعش”… إنه الكفر بحد ذاته”.
وأبعد من الإطار الأمني المحض، تطرح ظاهرة تجنيد شبان مسيحيين تساؤلات حول كيفية تمكن “داعش” من اختراق بيئات غير تقليدية، في التصنيف الديني، ونجاحه في استقطاب بعض الشباب المسيحي الى صفوفه، بعد إقناع “المغرر بهم” باعتناق الإسلام على منهج الجماعات التكفيرية.
ومن الواضح حتى الآن، ان التنظيمات المتطرفة تستثمر واقع التهميش الاجتماعي الذي تعاني منه شريحة واسعة من الشباب اللبناني، لا سيما في الأطراف، حيث ثبت أن الفقر يشكل بيئة حاضنة للتطرف الذي يمهد للإرهاب، وسط لامبالاة متمادية ومزمنة من الدولة.
ولا يقتصر “الاستثمار” على الشبان الملتزمين دينيا فحسب، من المسلمين وبعض المسيحيين، بل بات يمتد ايضا الى الشبان غير الملتزمين، مع لجوء خبراء الى استغلال حالات الإحباط واليأس التي يعانون منها ورغبتهم في الانتفاض على واقعهم، وصولا الى اختراق بعض العائلات المسيحية، وجذب بعض أبنائها الذين باتوا يتعرضون لغسل أدمغة.
وقالت مصادر مطلعة لـ “السفير” إن من جُنّدوا في الشمال تجاوز عددهم الـ 400 شاب، وهم يغادرون منازلهم بسرية تامة، أو من خلال إيهام عائلاتهم بأنهم ذاهبون للسياحة أو للعمل في بيروت أو البقاع، وعندما يصلون الى مبتغاهم بالالتحاق بهذه المجموعات التكفيرية، يبلغون عائلاتهم أو ينقطعون عنها بالكامل، ليتبين أنه يجري إعدادهم إما للقتال، أو تفجير أنفسهم في سوريا أو العراق أو لبنان!
وقد سُجل خلال الاسبوعين الماضيين مغادرة شبان جدد الى العراق للقتال في صفوف “داعش”، وبينهم شاب يدعى “ع . ع.” من قضاء الضنية.
ولفتت المصادر الانتباه الى أن عملية التجنيد لم تعد تحتاج الى اجتماعات ولقاءات، بل إن أكثرها يتم عبر شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا أن عدداً من أبناء طرابلس والشمال باتوا يحتلون مواقع قيادية في تنظيم “داعش” أو في “جبهة النصرة” وأبرزهم (ف. ش.) و(م. ق.) و(م. ح.)، علماً أن شعبة المعلومات كانت قد أوقفت قبل فترة أحد الأشخاص الذين كانوا يقومون بهذه المهمة ويدعى “أ. ع.”.