IMLebanon

التوظيف الأمثل للبيانات المالية الكبيرة

MoneySalariesCEO
هشام فاضل
تقف الشركات الآن أمام كمٍ هائل ولا متناه من المعلومات، سواء كانت داخلية أم خارجية، لكن ذلك قد يؤدي إلى شلل في عملية التحليل. فمن الممكن للشركات أن تسبر أغوار حزم البيانات الكبيرة، لكن قد ينتهي بها الأمر إلى الغرق في أعماق بحار من البيانات،ولا تستخلص إلا نتائج محدودة جداً لرصد فرص النمو.

وعوضاً عن ذلك، ومن خلال استخدام التقنيات البصرية والتصويرية لتحويل جميع بيانات العملاء إلى مجموعات وفئات أصغر حجماً، يمكن أن تخرج الشركات بعروض مصممة خصيصاً للأفراد باستخدام القنوات الأكثر فعالية للتواصل مع كل فرد على حدة.

ويمكن لمثل هذه المقاربات أن تلقى تفاعلاً إيجابياً من قبل العملاء، بالإضافة إلى النمو الناتج عن الأرباح المجمعة لكل من الفئات الصغيرة. أما بالنسبة للشركات، فإن هذه المقاربات تساعدها على الاستثمار في حملات تسويقية يتم وضعها في القنوات المناسبة مع انتاجية عالية، مما يساعدها على زيادة ولاء العميل.

كان تحديد فئات أهداف التسويق في السابق يعتمد على معايير سكانية واسعة، على غرار الفئات العمرية والذكور والإناث بالإضافة إلى الدخل والتعليم. وفي ظل التوسع الهائل في البيانات المتاحة للشركات، يمكن تعزيز هذه المعايير العمرية من خلال إضافة العديد من العوامل الأخرى التي تميز بين كل عميل وآخر وفقاً لحاجات وتوجهات كلٍ منهم. فعلى سبيل المثال، يمكن تحديد الأيام والأوقات المناسبة التي يكون فيها شخص معين يستخدم شبكة الانترنت بفعالية، ومعرفة المواقع التي يزورها عادةً والمنتجات التي يفضلها، بالإضافة إلى مدى استخدام الهاتف المتحرك لتنفيذ عمليات شراء عبر الانترنت.

يساهم عرض البيانات بطريقة تصويرية بتسهيل تحويلها إلى فئات صغيرة الحجم.وعبر إجراء التجارب على العديد من المتغيرات، تبدأ فئات صغيرة مستقلة ومتجانسة بالظهور من خلال رسومات بيانية مستخلصة من البيانات الكبيرة المتوافرة. ويمكن لمسئولي التسويق تحديد مجموعة سوقية معينة تضم عملاء من معايير سكانية وسلوكية متشابهة.

ومن هنا يمكن للشركات بناء أو تعديل المنتجات المناسبة لكل من الفئات المحددة. كما تساهم غربلة البيانات هذه في تحديد أفضل القنوات لإيصال العروض لكل فئة بما يضمن نجاح عملية البيع إلى أقصى حد ممكن. فعلى سبيل المثال، يمكن استهداف العملاء الذين يلجأون لزيارة موقع الكتروني معين متخصص في الرياضة مباشرة بعد انتهاء مباريات فرقهم المفضلة، وذلك من خلال عرض الإعلان بالطريقة والوقت المناسبين على الموقع مما قد يستقطب انتباههم ويحقق النتيجة المرجوة.

ويأتي قطاع الاتصالات ضمن القطاعات التي يمكن أن تستفيد بشكل كبير من توزيع البيانات على فئات صغيرة، إذ وصل القطاع في الكثير من الأسواق الناشئة إلى مرحلة التشبع. وتفرض دراسة البيانات الكبيرة في فئات واسعة وغير محددة تكاليف مرتفعة فضلاً عن عدم كفاءتها نتيجة المبالغة في التركيز على أعداد هائلة من المستخدمين ذات عوائد محدودة، ولا تلقى العروض التي تتمتع بآفاق نمو واعدة القدر الكافي من التركيز.

ومن خلال عملية التوزيع على فئات صغيرة، يمكن للشركات رصد طلب محدد بطريقة أسرع وأكثر دقة، فعلى سبيل المثال، وفي حال رصد قيام مجموعة معينة من المستخدمين في الإمارات بإرسال رسائل نصية إلى أصدقائهم في سلطنة عمان بشكل متكرر، يمكن لشركة الاتصالات تحديد هذا التوجه وإطلاق خدمات إضافية وتخفيض على أسعار المكالمات الدولية إلى سلطنة عمان. وفي حال قيام مجموعة أخرى من العملاء المحددين داخل إحدى الفئات الصغيرة بتنزيل برامجهم المفضلة على الأجهزة اللوحية، يمكن لشركة الاتصالات أن تعرض عليهم خدمات إضافية لتحسين جودة العرض وسرعة التنزيل.

تُحدث هذه المعادلة أثراً كبيراً على العوائد، ففي العام 2011، عانت «تركسيل»، وهي أكبر شركة اتصالات في تركيا، من انخفاض متواصل في عدد عملائها، مع نمو بطيء في الاشتراكات. ولمواجهة هذه التحديات، اعتمدت الشركة على نظام يسمح لها بمتابعة بيانات جميع عملائها البالغ عددهم 34 مليون عميل بطريقة حية ومباشرة ، وبدأت بتقديم الخدمات المناسبة في الوقت المناسب بناءً على الحاجات والتوجهات الشخصية للعملاء.

وقد أدى هذا الحل إلى اختصار دورة التسويق بشكل كبير بالتزامن مع نمو العوائد بقيمة 15 مليون دولار تقريباً في 2011. ومن خلال تقسيم الكميات الكبيرة من المعلومات الخام إلى مجموعات متجانسة بهذه الطريقة، يمكن للشركات أن توظف بيئة البيانات لخدمة مصالحها الاستراتيجية عوضاً عن مواجهتها بتخوف والتعرض للعجز بسببها.