أعلن رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميّل أن “زيادة الصادرات الصناعية الغذائية بشكل مستمر، هو خير دليل على الثقة العالمية التي تتمتع بها، خصوصاً من الدول الأكثر تطلباً”، مؤكداً أن “المصانع اللبنانية تتعامل مع موضوع سلامة الغذاء بجدية”. وقال “نتفهّم الأهداف السامية لإطلاق هذه الحملة ونشاطرها إياها، لكننا نرى من الضروري اليوم سحب الموضوع من التداول الإعلامي، واتخاذ أقصى الإجراءات والعقوبات في حق المخالفين”.
شارك الجميّل في جلسة العمل الأولى ضمن “المنتدى العربي لسلامة وجودة الغذاء”، وألقى كلمة جاء فيها: “أثير أخيراً موضوع الأمن الغذائي وسلامة الغذاء، وشاهدنا وسمعنا وقرأنا عن تجاوزات وخلل وإشكالات ومخالفات، منها ما هو خطير يطاول صحة الانسان مباشرة، وأخرى مخالفات محدودة، لذلك ينبغي أن تتفاوت المقاربات والمعالجات، فلا يجوز أن نساوي بين ذاك وذلك. من هنا يقتضي معالجة موضوع سلامة الغذاء بحكمة وروية، من دون تشهير، نظراً إلى انعكاساته الجسيمة على سمعة لبنان.
ويهمّني أن أعلن أمامكم، أن جمعية الصناعيين اللبنانيين انطلاقاً من دورها الهادف الى تعزيز سمعة الإنتاج الوطني، تؤكد التزامها التام بسلامة الغذاء والعمل مع المعنيين على معالجة الموضوع ضمن استراتيجية شاملة لتحقيق سلامة الغذاء. وفي هذا الاطار أؤكد أن موضوع سلامة الغذاء يهمّنا كصناعيين ومستهلكين، ولا يمكن التهاون في هذه المسألة كونها تطاول صحتنا وصحة أولادنا، إضافة الى أن نجاح الصناعة الغذائية ونموّها مرتبط بمدى تقيّدها بالمواصفات والمعايير والجودة .
إن زيادة الصادرات الصناعية الغذائية بشكل مستمر، لهو خير دليل على الثقة العالمية التي تتمتع بها، خصوصاً من الدول الأكثر تطلباً كفرنسا والمملكة المتحدة وبلجيكا وكندا والولايات المتحدة. وتتعامل المصانع اللبنانية مع موضوع سلامة الغذاء بجدية، ففي أواخر عام 2013 تم اختيار 30 مصنعاً غذائياً من قبل خبراء برنامج الجودة QUALEBوذلك وفق معايير علمية موضوعة مسبقاً، حيث تلقت الدعم الفني والتدريبي والإستشاري من خبراء البرنامج بعد القيام بتقييم أوّلي لوضعها وقابليتها لتطبيق نظام إدارة الجودة في مجال سلامة الغذاء Food Safety management System وفي مجال نظام التتبع في الغذاء.
لا بد من الإشارة الى أنه في السنوات السابقة كان يتم استرجاع بعض السلع المصدّرة من أسواق التصدير، ولم يكن ذلك لعدم مطابقتها، كمواد، للمواصفات والمعايير المطلوبة أو عدم تمتّعها بالجودة، بل كان بسبب عدم مطابقة التغليف والتعريف عن السلعة (product labeling ) وفقاً للمواصفات المطلوبة في بلدان الاستيراد. وتحسساً بالمسؤولية أطلقت جمعية الصناعيين ونقابة أصحاب الصناعات الورقية والتغليف عام 2008 بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو” ونقابة الصناعات الغذائية وبتمويل من الحكومة السويسرية، المركز اللبناني للتغليف “ليبان باك”، لمساعدة السلع اللبنانية وزيادة قدرتها التنافسية، والإفادة من المراكز الدولية المعنية بالتغليف من خلال تحديث صناعة التغليف وتطويرها لتحقيق التطابق مع المواصفات الدولية في مجال التغليف واللصاقات وتقديم الإستشارات وتوفير البرامج التدريبية وتبادل الخبرات بين الشركات والمؤسسات في هذا المجال.
واستفاد قطاع الصناعات الغذائية من الخبرة الأكاديمية للجامعات اللبنانية في موضوع سلامة الغذاء وأبحاث تطوير المنتجات. ونحن اليوم نطالب بوضع استراتيجية شاملة لتأمين سلامة الغذاء ضمن برنامج زمني يشمل:
– تحديد المرجعية المتخصصة بسلامة الغذاء، حيث يتم حالياً التعاطي مع هذا الملف من قبل وزارات عدة الى حين إقرار قانون لسلامة الغذاء حديث وعصري.
– مراجعة بعض المواصفات الفنية ومنها مواصفات مادتي اللبنة والدجاج.
– تحصين كامل حلقة ودورة الغذاء، بمعنى ان تشمل المعالجة العوامل المتداخلة بسلامة الغذاء، كالمياه (مصادرها– نقاوتها…) والكهرباء لدى مراكز البيع والتوزيع والسوبرماركت (24 ساعة في اليوم) بعد خروج السلعة من المصنع، فمسؤولية الصناعي عن سلامة وجودة المنتجات تكون فقط داخل مصنعه وليس في مراكز البيع والتوزيع.
– تعزيز الرقابة الداخلية وتفعيلها والتدقيق في المصانع عن طريق تأهيل اليد العاملة الماهرة وغير الماهرة في هذا القطاع ودفعها لاعتماد أسس الانتاج الجيد والنظيف، GMP وGHP وصولاً إلى اعتماد أحدث وسائل ضمان الجودة وتحليل المخاطر المتمثلة بـ HACCP وISO 22200 بالتعاون مع المؤسسات الإستشارية وفق النمط الذي حدده وزير الصناعة، إضافة الى التدقيق المفاجئ والتدقيق غير المبرمج لدى وجود شكوى أو شك.
– إن استعداد الصناعات الغذائية التقيّد بالمواصفات اللبنانية ومعايير الجودة، هو أمر طبيعي. لكن من الطبيعي ايضاً أن تأتي تدابير الحكومة تجاه هذا القطاع مشجعة وعادلة، بحيث تعمل على جدولة الحلول وتمويلها تجاه بعض المؤسسات، فالتأقلم مع المتطلبات البيئية وسلامة الغذاء في المطلق يتطلب تجهيزات اضافية في بعض المصانع والمؤسسات، ما يفضي الى وضع برنامج تمويل ميسّر يسمح بتأمين المتطلبات، وتخصيص مناطق صناعية جديدة للصناعات الغذائية.
– تسليط الضوء على المصانع السورية غير المرخص لها وغير الشرعية في هذا القطاع التي بدأت تنافس الصناعات اللبنانية منافسة غير مشروعة.
– إن تجربة تعامل الإعلام مع موضوع سلامة الغذاء، مع ما رافقها من تشهير لبعض المؤسسات، لم تحلّ المشكلة بمنهجية، بحيث تم التعامل مع المفسدين والخارجين على القانون، بالأسلوب ذاته التي عوملت به المؤسسات التي ارتكبت اخطاءً محدودة.
– نحن نتفهّم الاهداف السامية لإطلاق هذه الحملة ونشاطرها إياها، لكننا نرى من الضروري اليوم سحب الموضوع من التداول الإعلامي، واتخاذ أقصى الإجراءات والعقوبات في حق المخالفين”.