اعتبرت وزيرة المالية السابقة ريّا الحسن ان الاصدار الذي اقفلته وزراة المالية اول منا مس بقيمة 2،2 ملياري دولار اميركي يتيح للحكومة اعادة تدوير الدين وتمويل عجز جديد، في وقت تفيد المصارف من معدلات الفوائد المرتفعة، وخصوصا انها عاجزة عن تكبير محفظتها الإقراضية في ظل انحسار الطلب على القروض، مما يضطرها الى استثمار سيولتها في ما يحقق لها مردوداً جيداً.
وقالت الحسن لموقع «Arab Economic News«، ان حجم الإقبال على إصدار «اليوروبوندز« الأخير، «أظهر انجذاب المستثمرين نحو معدلات الفوائد المحلية التي تفوق ما تحققه استثماراتهم في الخارج، رغم استمرار ارتفاع منسوب المخاطر السيادية، ما تُرجم اخيراً في خفض تصنيف لبنان«.
وقالت إن «الاصدار الذي أقفل (أول من امس)، ينعكس ايجاباً على محورين هما: الدولة والقطاع المصرفي. اذ يتيح الاصدار للحكومة اعادة تدوير الدين وتمويل عجز جديد، لان خدمة الدين تنمو مع تطويل آجال الاستحقاقات. اما المصارف، فتفيد من معدلات الفوائد المرتفعة، وخصوصا انها عاجزة عن تكبير محفظتها الإقراضية في ظل انحسار الطلب على القروض، مما يضطرها الى استثمار سيولتها في ما يحقق لها مردوداً جيداً».
وأشارت إلى ان «اللبنانيين لن يشعروا مباشرة بنتائج الاصدار«، معتبرةً ان سقف الـ2,2 ملياري دولار «يعني انه رغم الاوضاع، ثمة طلب مستمر على الاوراق اللبنانية بخلاف الاوراق اليونانية على سبيل المثال. وهذا مؤشر جيد للبنان رغم تصنيفه المنخفض».
وقالت ان «العلاقة العضوية القائمة ما بين القطاع الخاص والخزينة تحصّن متانة لبنان مالياً ونقدياً»، معتبرة ان «الوضع لا يتيح المسّ بهذه المنظومة الى حين استقرار الاوضاع وعودة النشاط الى الاقتصاد الحقيقي». وإذ رأت ان «مصرف لبنان قد يكون دفع المصارف نحو الاكتتاب بإصدار اليوروبوندز، تخفيفاً لمحفظته من الاوراق الحكومية (سندات خزينة وشهادات ايداع)«، توّقعت ان «تبادر المصارف الى خفض الفوائد على الودائع بنسب صغيرة«، مستبعدة أن يفضي ذلك الى انسحاب كتل مالية من لبنان «خصوصاً أن الفوائد في الخارج هي دون معدلاتها في الداخل». ولفتت الى ان «نمو الودائع المصرفية بنسبة 6 في المئة العام الماضي يؤشر على استمرار دخول الاموال، ورغم تراجعها مقارنة بالاعوام السابقة، تبقى هذه النسبة جيدة قياساً باتساع قاعدة الودائع الى نحو 144 مليار دولار».
وأبدت الحسن اطمئنانها إلى الوضع النقدي «اذ تنعدم الضغوط على الليرة، فيما يتأثر الوضع المالي بعوامل ايجابية، أهمها انخفاض اسعار النفط العالمية، واستمرار انخفاض الفوائد العالمية وتراجع سعر صرف اليورو«، لافتةً إلى ان «هذه عوامل مساعدة لتهدئة الوضع في الـ2015، فيما تبدو ادارة المالية العامة وبحسب ارقام الوزارة، جيدة في ظل الفائض الذي يفترض ان نتحقق منه، لانه قد لا يكون بالحجم الذي تظهره فيه الوزارة إذا دفعت مستحقات البلديات والضمان وغيرهما».
وعما إذا كانت هناك مخاوف اقتصادية في العام 2015، استبعدت الحسن أن تكون أسوأ من 2014، «لكن نحتاج إلى صدمة ايجابية لاعادة إنعاش الاقتصاد، وهذا متعلق بعوامل سياسية خارجة عن ارادتنا، وتتمثل في انتخاب رئيس وحكومة وإقرار موازنة تعكس سياسة اقتصادية مع إصلاحات عديدة وفي مقدّمها الشراكة».
وأضافت «خلاف ذلك، سيحقق النمو بحسب البنك الدولي بين 2 في المئة و2,5 في المئة، وهي نسبة مقبولة مقارنة بالنمو في المنطقة واوروبا. لكن على مستوى القطاع الخاص، هناك مشكلات حقيقية في ظل ما تردد عن اقفال نحو 370 مؤسسة تجارية في وسط بيروت اخيراً. ما يعني ان الوضع الماكرو اقتصادي لا يواجه ما يعانيه الاقتصاد الحقيقي«.
وأشارت الى مبادرات مصرف لبنان لإنعاش الاقتصاد «التي لولاها، لكان الوضع أصعب بكثير، إذ أن نصف نمو الاقتصاد ينجم عن القروض المدعومة من مصرف لبنان»، مستبعدة في الوقت عينه العودة الى مناقشة ملف سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام «في هذا التوقيت غير المناسب»، معتبرة أن «انخفاض سعر البنزين سيساعد اللبنانيين على تدبير امورهم بمعزل عن السلسلة، رغم ان كلفة النقل لا تشكل حصة كبيرة من سعر سلة السلع التي ستنخفض اكثر إن بقي اليورو في منحى تراجعي، علماً ان القوة الشرائية تحسنت قليلاً لدى اللبنانيين».