ممارسات التوظيف المتبعة في اليابان – بما في ذلك وظائف مدى الحياة والنقابات على مستوى الشركة وأجور الأقدمية الصارمة – تساعد وتعوق في الوقت نفسه محاولات تعزيز الاقتصاد، عبر زيادات الأجور على حد سواء. كما أنها تجعل بعض إحصاءات الأجور مضللة للغاية.
كثير من العمال اليابانيين لا يزالون يعملون في شركاتهم التي التحقوا بالعمل فيها مباشرة من الجامعة، ويبدأون فيها براتب أساسي متواضع، ومن ثم يتمتعون بارتفاع أجورهم السنوي بناء على الأقدمية كل عام، حتى يبلغوا الستينات من العمر. هؤلاء هم أسطورة رجال الرواتب.
مفاوضات الأجور على مستوى الشركة، مسترشدة بالحوار الوطني بين قطاع الأعمال والنقابات، تقدم للحكومة وسيلة للضغط من أجل زيادة الأجور.
غير أن نظام الأقدمية يملي الكيفية التي سيتم من خلالها تسليم تلك الزيادات. ويجوز للشركة أن تقدم زيادة بنسبة 2 في المائة في الأجر، وكان متوسط الأجور التي تم الاتفاق عليها في صفقة “شانتو” حول هذا المستوى على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، ولكن الأهم من ذلك هو في الواقع الزيادة لمن يتمتعون بسنة إضافية من بالأقدمية.
وحيث إن العمال الأقدمين يذهبون للتقاعد، في حين يصل الخريجون الجدد عند راتب أساسي ثابت، فإن “الزيادة في الرواتب” من هذا النوع قد لا تزيد فاتورة أجور الشركة على الإطلاق.
وهذا ما يفسر المطالب بـ “زيادة الأساس” في الرواتب، وهذا يعني ارتفاعا عند كل نقطة في جدول مرتبات للشركة، الذي يترجم مباشرة إلى زيادة في التكاليف الإجمالية للأجور.
زيادات الأجور على أساس الأقدمية تعني أيضا أن كل عامل في الشركة يحصل على الراتب نفسه، وبغض النظر عن الجدارة، أو مكان وجوده في الحياة. يخفف هذا الأثر الاقتصادي لارتفاع الأجور، لأن العمال الأفضل أجرا في الخمسينات، هم أكثر عرضة لتوفير المال الزائد، بدلا من إنفاقه.
كثير من المديرين التنفيذيين للشركات يقاومون مطالب النقابات بزيادة شاملة للأجور. في شركة المشروبات سنتوري القابضة، يقول الرئيس تاكيشي نينامي إنه يبحث في زيادة رئيسية تبلغ 2 في المائة هذا العام، ولكن يريد توزيع ما هو أكثر على الموظفين الأصغر الذين يباشرون تربية الأطفال.
ويرى آخرون ضرورة الضغط من أجل زيادة الأجور باعتباره فرصة للإصلاح، ودفع المزيد من أجل المتخصصين القيمين، ولكسر نظام الأقدمية الجامد.
وكما يقول نينامي: “ليست هناك حاجة إلى زيادة الأجور بشكل جذري. سوف يبدأ المستهلكون عملية الإنفاق إذا كان بإمكان الإدارة أن تشير إلى أن الأجور سترتفع كل عام، شيئا فشيئا”. وأضاف: “الأساس هو النمو المستدام في الأجور”.