ترسم المواقف السياسية من ازمة الالية الوزارية المعلقة حتى اشعار اخر خارطة جديدة للتحالفات على الساحة الداخلية وتختلف من حيث الشكل فقط عن التحالفات السابقة وذلك انطلاقا من الانقسامات حول الملف الاول والرئيسي منذ اشهر وهو ملف الاستحقاق الرئاسي المتعثر بفعل عرقلة مقصودة من بعض الاطراف السياسية المحلية. فإن استمرار تأجيل هذا الاستحقاق واليوم تأجيل اجتماع الحكومة، يؤشران الى انغماس لبنان فعلا في الفراغ كما كشفت مصادر ديبلوماسية سبق وان حذرت القوى السياسية في فريقي 8 و14 آذار من تكرار تجربة تعطيل الانتخابات الرئاسية كما حصل منذ سنوات.
واعتبرت هذه المصادر لـ”الديار” ان انتظام عمل المؤسسات الدستورية وصل الى مستوى من التعقيد والتعطيل بفعل الخلاف على تفسير المواد الدستورية وتحويل تطبيق الدستور الى مجرد وجهة نظر لدى القوى السياسية المشاركة في الحكومة، لكنها اكدت في الوقت نفسه ان العقبة لا تقتصر على هذا الاختلاف حول شكل الالية الوزارية الواجب اتباعها لتحقيق الانتاجية في الحكومة، محذرة من وجود ما يشبه سيناريو غير معلن لتعليق عمل كل المؤسسات الرسمية من دون استثناء وادخال الحكومة في ثلاجة المراوحة والانتظارلبضعة اسابيع وذلك في ضوء الحديث عن هبوب رياح الحرب على الحدود الشرقية مع سوريا.
واذ تحدثت المصادر الديبلوماسية عن ان اطراف الخلاف السياسي حول الآلية الجديدة التي دعا اليها الرئيس تمام سلام، ليسوا خصوصا لرئيس الحكومة كما انهم ينطلقون من هاجس الدفع نحو عدم الاعتياد على الشغور الرئاسي بدليل نفيهم التوجه لتشكيل جبهة سياسية جديدة، نبهت هذه الاطراف الى ان استمرارها في ممانعة اي تعاون وبصرف النظر عن العنوان المرفوع والذي يوافق عليه الجميع بدءاً من رئيس الحكومة، يصب في سياق الانزلاق نحو هذا السيناريو والذي يستغل واضعوه، الحرص السياسي والمسيحي بشكل خاص على رفض اي آلية تعزز بشكل غير مباشر الفراغ الرئاسي.
وفي سياق متصل اعتبرت هذه المصادر انه من الخطأ التسرع في الاصطفاف او حتى في اي اصطفاف سياسي او طائفي خصوصا من قبل قوى قريبة او منضوية في فريق 14 آذار، ولاحظت ان الحكومة ولو تغيرت طريقة عملها الداخلية، لن تملأ الفراغ الرئاسي ولن تؤخر الانتخابات الرئاسية، لان السبب الحقيقي لعدم حصول الانتخابات هو في مكان آخر وليس داخل الحكومة. وبالتالي فقد ركزت المصادر الديبلوماسية على وجوب الافادة من النصائح الفرنسية الموجهة الى كل المسؤولين والتي تقضي بوضع الاصبع على مكمن العلة في عدم حصول توافق على الاستحقاق الرئاسي، والانطلاق من هذه النقطة الى رسم التحالفات الواقعية على الساحة السياسية. كذلك قالت المصادر ان الخارطة الجديدة التي بدأت تتشكل تستند الى عاملين مهمين يسودان الواقع السياسي منذ مطلع العام الحالي: الاول هو التعاون السني – الشيعي على تجاوز ترددات الصراع المذهبي الاقليمي والثاني هو الرغبة المسيحية لدى الشارع قبل القيادات، في لملمة البيت المسيحي الداخلي من خلال مراجعة اخطاء المرحلة السابقة والتي ادت الى الازمة الرئاسية.
وعلى الرغم من ان القراءة السريعة لازمة الالية الوزارية تشير الى انها اعادت الاستحقاق الرئاسي الى دائرة الضوء وسرقت الاهتمام من ملفي الحوار والامن ومحاربة الارهاب، فإن المصادر الديبلوماسية نفسها، اعتبرت ان الرئيس سلام اسمع صوته الى كل الاطراف وان الوزراء المسيحيين كما القادة وجهوا رسالتهم الواضحة الى باقي القيادات السياسية في البلاد، وبالتالي فان التركيز الحالي يجب ان يأخذ المصلحة العامة لكل اللبنانيين والمؤسسات كأولوية وليس اي شأن آخر. واوضحت ان هذا الهدف يتحقق من خلال الانفتاح بين مكونات الحكومة “المسيحية” مع رئيسها، لتوفير مناخ عمل يؤمن تحديد التصور المشترك للالية الوزارية “الممكنة” لعدم تعطيل شؤون المواطنين من قبل الحكومة اذا كانت قوى خارجية تعطل الانتخابات الرئاسية.