يشهد مرفأ بيروت زحمة حاويات مكدّسة في باحاته نتيجة قرار إلغاء الخط الأخضر الذي يسمح بمرور المستوعبات والبضائع من دون تفتيش جمركي. في المقابل، تعلو صرخة التجار جراء تأخر عملية تخليص بضائعهم وتحويل جميع الحاويات الى الخط الاحمر الذي يستوجب الكشف والتفتيش.
«الخط الأحمر» أي الرقابة المتشددة والتفتيش، هو مسار كل الحاويات التي تدخل مرفأ بيروت، بصرف النظر عن نوعية البضائع أو المواد المستوردة.
هذا الوضع يأتي تنفيذاً لقرار إلغاء الخط الأخضر الذي كان يعفي الحاويات من التفتيش والكشف ويسهّل انسيابها في غضون 3 أيام. ويهدف قرار الغاء «الخط الأخضر» الى مكافحة الفساد والذي تقدّر خسائره على الخزينة اللبنانية بـ 700 مليون دولار سنويا كحد ادنى، في حين تشير تقديرات غير رسمية الى وصول الخسائر الى أكثر من مليار دولار.
رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت إيلي زخور يقول «انه لا يمكن لوم الوزير على هذا القرار لأنه يسعى الى وقف التهريب الذي تقدّر قيمته بمليارات الدولارات»، لكنه يعتبر ان إلغاء الخط الأخضر يضرّ «الصالح بضهر الطالح»، لأن المهرّبين الذين يستهدفهم هذا القرار يأخذون في جريرتهم نسبة 100 في المئة من المستوردين.
واشار زخور لـ«الجمهورية» الى ان قرار إلغاء الخط الأخضر رفع معدل الفترة التي يستغرقها خروج مستوعب من المرفأ، من ثلاثة أيام الى اكثر من عشرة ايام بسبب حاجة بعض البضائع الى تحاليل من معهد البحوث في وزارة الاقتصاد او الزراعة.
وبالتالي سيتكبّد التجار، أعباء مالية إضافية نتيجة رسوم التخزين التي تفرضها ادارة المرفأ على كل البضائع التي لا يتم سحبها في غضون 10 أيام. إضافة الى ذلك، سيضطرّ المستوردون الى دفع كلفة أيضا الى الوكلاء البحريين الذين يفرضون رسوم تأخير بعد انقضاء 7 أيام على عدم تفريغ مستوعباتهم من البضائع.
ونتيجة لذلك، لفت زخور الى ان التجار لن يتحمّلوا منفردين كلفة الأعباء المالية الاضافية، بل سيلجأون بطبيعة الحال الى رفع أسعار السلع، وبالتالي سيكون المستهلك اللبناني الضحية كالعادة.
وردّا على سؤال، اوضح ان الحاويات التي تحمل مواد غذائية كاللحوم وغيرها، ستخضع للتفتيش أيضا، «إلا انها حاويات مبرّدة يتم وصلها بالتيار الكهربائي على أرض المرفأ، حيث ان التيار مؤمّن 24على 24 ساعة. وبالتالي لا توجد مشكلة في هذا الاطار».
ورأى زخور انه يجب تشديد الرقابة ولكن ليس إلغاء الخط الاخضر المعتمد في معظم دول العالم. واوضح ان 60 الى 70 في المئة من البضائع المستوردة الى لبنان كانت تمرّ عبر الخط الاخضر في مرفأ بيروت، وبالتالي، فان فرق التفتيش التابعة لادارة الجمارك لا تكفي للكشف على هذا العدد الكبير من البضائع الاضافية، مما أدى الى تكدّس الحاويات فوق بعضها البعض حاليا في الباحة المخصصة للحاويات في المرفأ.
شقير
من جهته، كشف رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير لـ»الجمهورية» ان صرخة التجار علت تجاه قرار إلغاء الخط الأخضر. واكد انه تطرق الى هذا الموضوع مع وزير المال علي حسن خليل وقد وعده بايجاد حلّ، وهناك لجنة
من الهيئات الاقتصادية تتابع القضية.
وتمنّى اعادة العمل بالخط الاخضر «لأن كلّ تأخير يكبّد التجار أعباء اضافية، في ظل وضع اقتصادي على شفير الهاوية». وقال شقير ان وزير المال اتخذ هذا القرار لمكافحة تهريب البضائع «ونحن نؤيّد محاربة الفساد، لكن هناك بضائع عدّة معفاة أصلا من الجمارك ويمكن تمريرها من دون تفتيش مع الإبقاء على مبدأ الرقابة».
وشدد على أن كلّ يوم تأخير على خروج البضائع يضرّ بالتجار لأن مخزوناتهم لم تعد كبيرة اليوم نظرا الى تراجع حجم المبيعات في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
واشار الى ان تحويل كل البضائع الى الخط الاحمر في حين ان المرفأ يغلق أبوابه عند الساعة الرابعة بعد الظهر، يشكل مشكلة كبيرة من ناحية التأخر في تخليص البضائع.
ودعا الى زيادة ساعات العمل وزيادة عدد عناصر جهاز التفتيش، إلى حين التراجع عن قرار إلغاء الخط الاخضر او ايجاد حلّ بديل. ولفت الى ان الضرر كبير على جميع المؤسسات، منها الصناعية على سبيل المثال، التي تحتاج الى بضائع أولية، يؤخر عدم توفرها، عمليات الانتاج.