طوني رزق
يتطلّب العمل المصرفي في ظلّ الظروف الاقتصادية العالمية والمحلّية الراهنة تحصينَ المصارف من خلال عمليات الاندماج لمواجهة المتطلّبات العالمية والمنافسة وضعف الإيرادات وارتفاع الكلفة، فإذا كانت منطقة اليورو تضيق بـ30 مصرفاً فإنّ خفض المصارف اللبنانية الى 25 مصرفاً لم يعد بعيداً.
اشتدّت الرقابة المصرفية على النشاط المصرفي والمالي في جميع انحاء العالم وفي لبنان ولا يقتصر الامر على الرقابة الداخلية بل وأيضاً على الرقابة الدولية وفي طليعتها الرقابة الاميركية. وتتطلب هذه الرقابة إضافة أقسام داخلية جديدة متعدّدة خصوصاً تلك المولجة مراقبة المخاطر المصرفية وتلك المولجة التقيّد بالتدابير العالمية لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
ويرفع ذلك من حجم تكاليف الادارة المصرفية لاستيفاء المتطلبات المحلية والعالمية في خدمة الاستقرار المصرفي والنقدي الداخلي ولإبقاء النظام المصرفي والمالي العالمي بمنأى عن الاختراقات غير الشرعية. وكلما زاد حجم القطاع المصرفي اللبناني زادت الأعباء، خصوصاً في فترة زمنية تتّصف بضعف النموّ الاقتصادي وضيق آفاق التوظيف المجدي والبعيد عن المخاطر.
إنّ تراجع المربحيّة والذي يعود في جزء منه أيضاً الى اشتداد المنافسة بين المصارف اللبنانية ومع اتساع الهوّة بين المصارف الكبرى التي لا يتجاوز عددها العشرة وبين مجموعة كبيرة من المصارف المتوسِّطة والصغيرة. ويتّجه الامر الى الصعوبة الاكبر مع الاتجاه العام نحو خفض أسعار الفائدة المصرفية في لبنان وهو ما أعلن عنه أخيراً رئيسُ جمعية مصارف لبنان الدكتور فرنسوا باسيل.
ويُتوقع أن تضطر هذه المصارف الصغيرة للجوء الى عمليات الدمج والاندماج لتخفيض الكلفة المصرفية وتعزيز الأرباح. ويبلغ عدد المصارف في لبنان حاليا 72 مصرفاً موزعين كما يلي:
31 مصرفا لبنانياً، 10 مصارف لبنانية تحت إدارة عربية، مصرف لبناني واحد تحت إدارة اجنبية، 4 مصارف أجنبية، 10 مصارف عربية و16 مصرفاً استشارياً.
وعندما يقول الخبراء إنه يجب خفض عدد المصارف العاملة في لبنان من 72 مصرفاً الى 25 مصرفاً خلال خمس سنوات يبقى ضمن الثقافة المصرفية العالمية خصوصاً إذا عرفنا أنّ القوانين المصرفية والاوضاع الاقتصادية الاوروبية قد قلّصت عدد المصارف في منطقة اليورو الى نحو 30 مصرفاً وهو العدد الادنى منذ العام 2003.
كلّ ذلك في إطار تعزيز نسبة الملاءة في هذه المصارف بضغط مباشر من البنك المركزي الاوروبي. هذا وسط تراجع عائدات المصارف الى اقل من 0.1 في المئة من حجم موجوداتها أيْ اقل عشرة أضعاف من مثيلاتها الاميركية.
وتطلبت عمليات فتح فروع مصرفية جديدة على الاراضي اللبنانية إضافة الى متطلبات الرقابة والامتثال بالمعايير الدولية المختلفة زيادةَ عدد موظفي القطاع المصرفي.
وكان هذا العدد زاد 499 موظفاً في العام 2013 ليبلغ العدد الاجمالي العام 21629 موظفاً في المصارف التجارية اللبنانية وعددها 42 مصرفاً و734 موظفاً في فروع المصارف العربية والاجنبية وعددها 11 مصرفاً، و773 موظفاً في مصارف الاعمال وعددها 17 مصرفاً.
ويعود جزء من زيادة عدد الموظفين ايضاً الى تنوّع الاعمال المصرفية والخدمات الجديدة المختلفة. واذا كان الكومرز بنك الألماني موضوع عملية اندماج متوقعة فإنّ ذلك يدعو للتفكير ملياً إزاء افساح المجال امام عمليات اندماج كبرى على الساحة اللبنانية، خصوصاً أنّ الفارق الكبير بين حجم عودة والبنوك الاخرى وفي مقدمتها بلوم بنك اصبح كبيراً جداً، إذ تمكن بنك عودة من الارتقاء الى حجم كبير بات في مصارف المستوى الاقليمي أكثر منه المستوى المحلي.
إذ بلغ حجم موجوداته 41.96 مليار دولار مقارنة مع 27.98 مليار دولار لبنك بلوم و19.04 مليار دولار لبنك بيبلوس و17.66 مليار دولار لفرنسبنك و13.79 مليار دولار لبنك البحر المتوسط ونحو 14 مليار دولار لبنك بيروت.
ونما القطاع المصرفي اللبناني بشكل كبير في السنوات الاخيرة اذ زاد من 68.5 مليار دولار في العام 2005 الى 178 مليار دولار في العام 2014.