كتبت منال شعيا في صحيفة “النهار”:
تطبيق قانون السير قبل نيسان المقبل. هل هذا العنوان سيكون حقيقة او انه مجرد تطبيق اعلامي لا أكثر؟
منذ ثلاثة اعوام، ادرك اللبنانيون ان ثمة قانون سير جديداً، لكنهم لم يلمسوا تحسنا في احوال الطرق ولا في الانارة ولا في تنظيم سير الشاحنات والدراجات ولا في الازمة الخانقة. انما لفت الاسبوع الماضي، اجتماع للجنة الاشغال تستعجل فيه تطبيق القانون، وتذكر انها سبق ان ارسلت جملة قرارات الى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يعمل حاليا على اصدار 40 قراراً جديدا قبل 15 نيسان المقبل.
فما هي القرارات وهل ستشكل نقلة في تطبيق القانون، ام انها لن تكون سوى مراسيم في مشوار السير العقيم؟
“النهار” حصلت على القرارات، وعددها 45 وتحمل عنوان: “القرارات التي يجب على الوزراء المعنيين اتخاذها تطبيقا لنص القانون”.
اولا يتبين ان القرارات لا تشمل وزارة الداخلية وحدها انما ايضا وزارات الاشغال والعدل والمال والتربية. وتعتبر جملة خطوات تقنية ابرزها: “تحديد مواصفات الخوذة الواقية، تحديد السرعة القصوى للشاحنات ومركبات النقل العام والمركبات التي تنقل مواد خطيرة، تحديد اجراءات السلامة العامة لتنبيه مستخدمي الطرق عند القيام بالاشغال، نقل الاطفال، تحديد اعداد الشاحنات واوزانها الاجمالية والمواد المسموح بنقلها ومناطق توزيعها، تكليف موظفين بضبط المخالفات ذات الطابع الميكانيكي والحمولة الزائدة، تنفيذ المخالفات في الشوارع الخاضعة للوقوف لقاء بدل”.
ومن القرارات ايضا الزام الشاحنات وضع “المردات” والشارات الضوئية وتزويد بعض الاوتوسترادات رادارات اضافية.
وفي معلومات “النهار” ان لجنة الاشغال تحض منذ مدة على تطبيق القانون، وتجمع في اكثر من جلسة عددا من الاختصاصيين وممثلين للوزارات. هذا “الضغط” كان بدأ في جلسة قبل عيد الميلاد، والمفارقة ان اكثر من معطى اظهر حينها ان بعض الوزارات غير جاهز لتطبيق فعلي للقانون، فأين هي المعضلة؟
في الواقع اكثر من عامل يظهر ان تطبيق القانون سيكون بعيدا، واقله الى ما بعد نيسان.
اولا، ان اكثرية الغرامات اتت على صورة طابع مالي وفي هذه الناحية بالذات، اعلنت وزارة المال انها غير جاهزة.
ثانيا، ان نظام النقاط الذي اقره القانون الجديد ليس جاهزا، بسبب غياب المكننة.
ثالثا، هناك 27 دورة تدريب تجري لمفارز السير، وحتى اليوم، انجزت تسع دورات فقط، والمتوقع ان تنتهي الدورات في تشرين الثاني المقبل.
المجلس الاعلى
امام هذا الواقع، يشرح امين سر الـYasa، المتخصص في ادارة السلامة المرورية كامل ابرهيم لـ”النهار” ان “ثمة عوائق امام القانون، منها آلية ابلاغ المواطنين بالمخالفات عبر “ليبان بوست” والتي تعتبر خاطئة، فضلا عن غياب التخصص في الفصائل المولجة بتطبيق القانون، اذ ان ثمة عناصر لا تدرك طريقة التحقق في مخالفات السير، مما يفرض انشاء وحدة مرور تختص بشؤون السير، كما ان عديد العناصر اليوم غير كاف. ففي جونية مثلا 80 عنصراً، فيما المطلوب نحو 200 عنصر. وفي الجديدة عدد العناصر قليل جدا، مقارنة بحجم المنطقة والحوادث التي تقع فيها.
اما عن الامكانات، فحدث ولا حرج، ففي البقاع مثلاً اربعة رادارات، وفي المتن اكبر قضاء، بقي رادار معطلا نحو عام ونصف عام”.
كل هذه العوامل، وفق ابرهيم، تؤخر تطبيق القانون، وتشير الى غياب الجدية في تنفيذه اقله قبل نيسان.
باختصار، عاملان يساعدان في تطبيق القانون: القرار السياسي والتمويل. وهذان شبه غائبين. والمؤسف ان “تناتشا” حصل بين الجهات المولجة باخذ مردود المخالفات، وهي، وفق القانون الجديد: قوى الامن، القضاة، البلديات، والمطلوب ان تذهب الاموال الى تمويل صندوق السلامة المرورية. انما القانون لم يلفت الى هذه النقطة، وبقي مشروع الصندوق غائباً. ففي الاساس، لماذا ستذهب الاموال الى قوى الامن او الى القضاة او حتى الى البلديات؟ فهل كل البلديات تهتم فعلا بتنظيم بعض الامور المتصلة بالسير؟ ثم هل تدرب فعلا عناصر شرطة البلدية، كما لو ان تطبيق القانون ينبغي ان يكون على الاوتوسترادات وحدها وليس في الشوارع الفرعية الداخلية؟
هذه العراقيل لا بد من ان تؤخر تنفيذ القانون، لان التطبيق ليس في فرض غرامات عالية على المواطنين فحسب، بل في تنظيم شؤون سيرهم.
يعلق ابرهيم: “الغرامات العالية تعزز احيانا الرشى ولا تفي بالغرض المطلوب، اذا اتت يتيمة”، ويذكر “بتطبيق نظام النقاط الذي لا هيكلية له الآن”.
واذ يشير الى ان “تطبيق القانون عملية متكاملة”، يشدد على “انشاء المجلس الاعلى للسلامة المرورية وامانته الفنية”، وياسف “لكون هذا المجلس معطلا حتى اليوم. فهو لا يجتمع، وامانة سره غير موجودة، مما يدل على ان لا قرار سياسيا بالانتهاء من هذه الازمة، فأمانة السر يفترض ان تضم فريقاً متخصصا يجري الدراسات ويقوم الاداء الحالي للسلامة المرورية ويزود المجلس الخطط، لئلا نبقى نعاني تضارب الصلاحيات بين الوزارات، ولئلا تظل احصاءات حوادث السير خطوة ناقصة لتحسين السلامة المرورية”.
علينا ان ندرك اسباب الموت منعا للموت، وبالتالي نعالج العوامل التي تؤدي الى الاكثار من حوادث السير، وما يحصل ان قانون السير يطبق تدريجيا و”بالتقسيط”، مما سيؤخر في احداث نقلة نوعية في السلامة