IMLebanon

“النهار” تنشر القصة الكاملة لمشروع “مرأب” طرابلس

tripoli-2

 

 

كتب مصطفى العويك في صحيفة “النهار”:
أثار موضوع مشروع مرأب في وسط ساحة التل في طرابلس، الكثير من النقاشات في المدينة، نقاشات جزء يسير منها علمي صادر عن اهل الاختصاص وذوي الخبرة في مجال الهندسة والتخطيط المدني، وجزء آخر اعترت غالبه المزايدات المدنية والسياسية ودخلت فيه المصالح الشخصية التي لا تغيب عن اي مشروع انمائي مماثل.

المشروع المطروح عبارة عن اربعة طبقات تحت الارض في “ساحة عبد الناصر” وسط المدينة، في المكان الذي كانت قائمة عليه السرايا العثمانية القديمة والتي هدمت قبل اكثر من خمسين عاما. طبقتان لسائقي السيارات العمومية بهدف تخفيف زحمة السير التي تشهدها الساحة يوميا، بحيث تنتقل كاراجات هؤلاء الى الاسفل، وطبقات للعامة، على ان يكون لكل منها مداخل ومخارج منفصلة، مع مراعاة العوامل البيئية وشروط السلامة العامة، واعتماد المعايير العالمية لناحية الهندسة الفنية والجودة المعمارية.

المشروع الموكل تنفيذه الى مجلس الانماء والاعمار لاقى رفضا من فئة غير قليلة من بعض الجمعيات والفاعليات، لاعتباره “امتداداً للرؤية الانمائية الفاشلة التي تعتمدها الدولة تجاه المدينة لانه سيكرس الفوضى في ساحة التل، وسيتحول هو الاخر مرتعا للحشاشين ومروجي الدعارة والزعران، وان المدينة ليست بحاجة اليه، وانما الى محطتي تسفير شمالية وجنوبية”، بينما رحبت به هيئات مدنية أخرى معتبرة انه حاجة وضرورة لتخفيف ازمة السير الداخلية، ولاطلاق عجلة التنمية في طرابلس.

طرح الموضوع بداية على المجلس البلدي بعد طلب مجلس الانماء والاعمار من البلدية اسقاط ملكيتها لعقارين داخل الساحة، ودخل الملف حيز المزايدات الشخصية بين بعض الاعضاء، فتم رفضه بالاجماع بداية، باعتبار ان “هبة” مالية كبيرة (50مليون دولار اميركي) ستقدمها الحكومة التركية لبناء قصر للثقافة والمؤتمرات في الحيز المكاني المطروح لاقامة المرأب. فقد علمت “النهار” من اكثر من عضو بلدي ان زميلهم في المجلس خالد تدمري ابلغهم بالهبة التركية، “فرحبنا بالفكرة ثم ما لبث ان تبين انها غير موجودة اطلاقا، حتى السفير التركي في لبنان لا لعلم له بها، كل ما في الامر ان تدمري كان يحضر مؤتمرا في تركيا منذ مدة فقابل رئيس الوزراء احمد داود اوغلو وقال له حبذا لو تعود تركيا الى طرابلس عبر بناء قصر للثقافة مكان السرايا القديمة بهبة منها، فقال له اوغلو: ان شاءالله خيرا”.

انتهت القضية عند هذا الحد، ولم يجر اي عمل مادي لتحريك الهبة، وكانت زيارة رئيس البلدية نادر الغزال ومعه بعض الاعضاء للسفير التركي لتقديم طلب رسمي له بالهبة (تعتبر الخطوة الفعلية الاولى) فأبلغهم بعدم علمه بها اطلاقا، وقال: “لم أتسلّم اي اوراق او معطيات من الخارجية التركية في هذا الخصوص”.

وبعدها تبين ان الهبة التركية غير موجودة فعليا وانها عبارة عن كلام عابر بين تدمري واوغلو، وبعد تأييد الرئيس نجيب ميقاتي في بيان المشروع، واجتماع الرئيس سعد الحريري مع المجلس البلدي، دعا محافظ الشمال رمزي نهرا مجلس بلدية طرابس الى اعادة النظر في المشروع، فوافق المجلس على المرأب وقرر قبول اسقاط العقارين موضوع طلب مجلس الانماء والاعمار، على الا يتضمن مواقف لسيارات الاجرة، مع تمني البلدية على مجلس الإنماء والإعمار تعديل الدراسة بما يسمح بإنشاء السرايا القديمة فوق المرأب، وبالتالي إعادة النظر في التصميم الحالي ليلحظ إزالة مسارب سيارات كانت معدة لسيارات الأجرة، وسواها من عناصر قد تعوق بناء السرايا فوق المرأب.

وبالاضافة الى ذلك، تم تشكيل لجنة من المهندسين الأعضاء في المجلس البلدي ومن مصلحة الهندسة في البلدية لمتابعة الموضوع والتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار والمكتب المكلف التصميم لإعادة النظر في المشروع ليتماشى مع إنشاء مبنى السرايا فوق المرأب.

وكان تشديد على متابعة موضوع الهبة التركية عساها تأتي ولو بعد حين، مع اقتراح انشاء مبنى السرايا على نفقة بلدية طرابلس التي يحظى صندوقها المالي بوفر كبير.

بهذا القرار يقول غزال لـ”النهار” يكون المجلس البلدي، قد التزم مسؤوليته في الحفاظ على تراث المدينة، لا بل تعويض بعض ما خسره منه عبر إعادة بناء السرايا التي تم هدمها منذ أكثر من خمسين عاماً، ولم يفوت فرصة الإستفادة من مشروع مرأب يساهم في استيعاب الزائرين والسائحين وفي تخفيف إزدحام السير في وسط المدينة والإتجاه بها نحو منطقة مخصصة للمشاة”.

من جهته يقول المحامي صبح لـ”النهار”: خلافا لما تداوله الاعلام، المجلس البلدي لم يغير رأيه في موضوع المرأب، فقد اتخذ قرارا في جلسته السابقة بإعادة احياء سرايا طرابلس العثمانية، وتطور هذا القرار بعدما قابلنا الرئيس سعد الحريري في بيروت، وقلنا يجب أن يكون المرأب فقط للقصر الثقافي ولقصر المؤتمرات مع تأهيل واجهات وابنية ومداخل ومخارج في منطقة التل، لكي نعيد إحياء تراثها وارثها التاريخي، وتكون متحفا حيأ.

وافقت البلدية على المشروع بصيغته المعدلة التي تسمح بناء قصر للثقافة فوقه، وجعل المرأب مخصصاً فقط للسيارات الخاصة، فانطلقت بالتزامن مع اجتماع المجلس البلدي في السرايا، اعتصامات تندد بالمجلس البلدي وتصفه بـ”مجلس العار”. بعد ذلك غرد ميقاتي على “التويتر” منتقدا موافقة البلدية على المشروع، وتظاهر بعض المحسوبين عليه امام المجلس البلدي تعبيرا عن استيائهم، منددين “بخضوع المجلس البلدي لارادة مجلس الانماء والاعمار وآل الحريري معاً”، مما دفع البعض الى الرد عليهم على صفحات التواصل الاجتماعي بالقول: “ولماذا لم يفعلها الرئيس ميقاتي اثناء توليه الحكم ويقر مشاريع للمدينة وينفذها”؟.