Site icon IMLebanon

لماذا قرّرت “النصرة” التخلّي عن وساطة الشيخ الحجيري؟

مع اتمام العسكريين الاسرى شهرهم الثامن في قبضة مسلحي “النصرة” و”داعش”، عادت قضيتهم الى الواجهة مع استئناف كل من قطر وتركيا دورهما الفاعل على خط التفاوض بين الدولة اللبنانية و”النصرة”، في حين تفيد كل المعطيات ان التفاوض مع تنظيم “داعش” مجمد طوال الفترة الأخيرة، وسط القلق على مصير العسكريين في ظل ارتفاع منسوب الحديث عن معركة حاسمة قد يقودها الجيش ضد المسلحين في مدى زمني لا يتخطّى الشهرين.

ونقلت صحيفة “الديار” عن مصادر مطلعة على اجواء المفاوضات ان الدولة تبلغت من جهات دبلوماسية غربية “نصائح” بضرورة الاسراع في اتمام صفقة تبادل العسكريين، في ظل القلق الدولي عموما والغربي خصوصا على لبنان واستقراره، ورفع منسوب الدعوات الى تحصين سلطته السياسية بانتخاب رئيس جمهورية قبل الصيف المقبل، وان هذا القلق يتعدى الامن الى السياسة والاقتصاد، لا سيما بعد “الهزة” التي تعرضت لها حكومة الرئيس تمام سلام، وسط التساؤلات عن دوافعها واسبابها على رغم اجماع معظم المكونات الحكومية على ضرورة الابقاء على الحكومة، موضحة ان جملة عناصر رفعت من منسوب هذا القلق، خصوصا في ظل الحديث عن هجمات قد يشنها المسلحون على الحدود الشرقية في الربيع المقبل واتجاه الازمة السورية الى مزيد من التعقيد، بما بات يستدعي استنفارا لبنانيا واسعا لمنع الانهيار السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي على حد سواء، وتفكيك الملفات التي تشكل الغاما موقوتة جاهزة للتفجير والاطاحة بكل شيئ في مقدمتها ملف الاسرى العسكريين، بعد ما بينته التجربة طوال الاشهر الماضية من عمر الازمة.

في غضون ذلك، وفي تطور قديم جديد اشارت المصادر الى ان “جبهة النصرة” ابلغت الوسيط اللبناني الشيخ مصطفى الحجيري ان المفاوضات عبره مع الحكومة اللبنانية قد توقفت، عازية السبب الى اتجاه المسلحين نحو تركيز اهتمامهم حاليا على الخط المباشر الذي فتحه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي يتنقل بين انقرة والدوحة في جولات من المحادثات المكوكية، حيث يجري اتصالات مع المسؤولين المكلفين بمتابعة الملف في البلدين وفي مقدمتهم رئيسي جهاز المخابرات، للبحث معهم في تفاصيل الصفقة التي يعمل على انجازها، مع عودة الزخم القطري والتركي الى المفاوضات نتيجة الضغوط الفرنسية والاميركية، كاشفة ان ضابطا رفيعا في جهاز المخابرات القطري زار مقر الجولاني في سوريا، واجتمع مع المولجين بمتابعة الملف في مكتبه، مناقشا معهم تفاصيل المطالب ومسار التفاوض، حيث عاد بلائحة اسماء لـ48 معتقل في سجن رومية، ولمعتقلات في السجون السورية، فضلا عن اتفاق بدفع فدية مقدارها ستة عشر مليون دولار اميركي.

واكدت المصادر ان التأخير الذي حصل نتج عن مرافقة مدير المخابرات التركي للرئيس اردوغان في زيارته للملكة العربية السعودية، الا ان اللائحة وصلت الى الجهات اللبنانية المعنية حيث يجري التدقيق في الاسماء ودراسة الملفات كل على حدة في ما خص الموقوفين في السجون اللبنانية، بينما يجري التحقق مما اذا كانت اسماء المعتقلات موجودة فعلا في السجون السورية، اما فيما خص موضوع الفدية فأشارت المصادر الى ان لا مشكلة في الموضوع في ظل ابداء اكثر من طرف لبناني وعربي استعدادهم لدفع المبلغ المطلوب، واكدت المصادر ان الضغط التركي – القطري اسفر عن تراجع الخاطفين عن معادلة «5/50» وموافقتهم على السير ب «3/50» اي ثلاثة سجناء من لبنان وخمسين من سوريا مقابل كل اسير، مبدية اعتقادها ان المرحلة القادمة من المفاوضات ستتمحور حول آلية ومكان التسليم المرجحة خارج لبنان.

في موازاة هذه التطورات، طلبت الجهات اللبنانية تضيف المصادر، التي كانت كلفت الشيخ الحجيري بلعب دور الوسيط، طالبة منه عدم التوقف عن القيام بالجهود التي كان يبذلها لا سيما لناحية مواصلة زياراته لمحتجزي العسكريين ومتابعة الحديث معهم كي تبقى قناة التواصل التي يتولاها حية، تداركا لاي فشل قد يصيب المفاوضات، وقد اكد الحجيري، أن المفاوضات التي يديرها تحوّلت إلى المفاوضيْن القطري والتركي، مؤكداً انه أمضى نهاية الاسبوع الماضي ليلة لدى المسلحين كي يتابع معهم المستجدات ويبحث معهم في ما آلت اليه الامور،الا انه لم يحقق اي نتيجة واضحة باعتبار ان الخاطفين ابلغوه ان الامور تستلزم توضيحات لما يجري من قبل الدولة اللبنانية.

وسط كل ذلك، يبقى الترقّب هو المسيطر الأوحد على ما يمكن أن تؤول اليه هذه القضية الإنسانية بالدرجة الأولى والسياسية في إحدى جوانبها المتعدّدة والمتشعّبة، في الوقت الذي يواصل فيه اهالي العسكريين المرابضين في مخيم رياض الصلح على بعد امتار من السراي الحكومي، وسط حفيظة الاهالي من الخمول وتضارب المعلومات في المفاوضات والخوف من ان يتحول هذا الملف من اولوية الى ملف مهمل، ما استدعى تشاورا جديا فيما تحسبا لاي تصعيد مفاجئ.