لمياء شديد
«الثمر الذي نقطفه لا يصلح للبيع ولا للأكل ولا حتى للعصير، حبات مهترئة أتلفتها العواصف والبرد والجليد» هذا ما يجمع عليه مزارعو الحمضيات على الساحل البتروني الذين ينعون مواسمهم وانتاجهم، ولا يأملون خيرا بالموسم المقبل لأن العواصف ألحقت الاضرار بالاشجار كما بالثمر، فاقتلعت عددا منها وحطمت الأغصان.
الساحل البتروني معروف باحتضانه لزراعة الحمضيات التي يعتمد عليها أبناء البلدات الساحلية ومنها مدينة البترون عاصمة القضاء، لأن التربة مناسبة لهذا النوع من الزراعات التي نشطت بعد مشروع جر مياه نهر الجوز، وسهول الحمضيات امتدت على امتداد مجرى نهر الجوز عند مصبه بين مدينة البترون وبلدة كبا جارتها. ويقال ان ليمون ساحل البترون له نكهة مميزة وهو اطيب من ليمون طرابلس وانطلياس، وهذا ما أدخل البترون الى موسوعة غينيس بوك العالمية بأكبر كباية ليموناضة من حامضها في العام 2012.
وبرغم تراجع زراعة الحمضيات على الساحل البتروني بعد شق الاوتوستراد الدولي الــذي اختــرق الاراضــي المزروعــة بالحمضيات، الا ان هذه الزراعة لا تزال تشكل مصدر رزق مهم لعــدد كبــير من المزارعين، كما يأتيــها مزارعون من خارج المنطــقة ومن مناطق لبنانية عدة لاستثمار بساتين اللــيمون وبيــعه في الأســواق، إما بالجملة وإما بالمفرق. وهناك من يعرض الانتاج على الطريق العام عــند مداخل البساتين.
وقد تكون بلدة كبا الأكثر شهرة بزراعة الحمضــيات على أنواعها، الا ان هذا العام أتى محمّلاً بالعواصف التي فتكت بالسهول والبساتين، فالعاصفة تلو الأخرى، ضربت مواسم الحمضيات على أنواعها من الليمون الحامض الى الافندي والكلمــنتين والإيــفاوي وكسّرت الاشجار واسقطت الثمر على الأرض. موسم بكامله لطالما عول عليه المزارعون لم يبق منه الا القليل، وما تبقى في الشجر لا يصلح حتى للعصير لأن الاهتراء ضربه.
المطلوب تعويضات
ويشكو مزارعو الحمضيات من الخسائر التي يتكبدونها والمدفوعات التي ذهبت سدى للحصول على إنتاج جيد، ويقفون مكتوفي الأيدي في حيرة من أمرهم والديون المتراكمة عليهم لدى اصحاب مؤسسات بيع الأدوية والاسمدة لا تنتظر.
يقول المزارع رئيف راجي: «لدي بين الكلمنتين والايفاوي 300 شجرة، كنت اجني منها ما يقارب 7000 آلاف دولار، وهذا الموسم لا يعطيني اكثر من 1000 دولار حتى الاغصان يبست والثمرة التي تزال في الشجر مهترئة والثمر الذي سقط كسا الارض»، مناشداً «الدولة ووزارة الزراعة التعويض علينا. لأننا خسرنا موسمين وليس موسما واحدا. العاصفة ضربت الاشجار وكسرتها ولن يكون هناك زهر فيها حتى تثمر في الموسم المقبل».
أما المزارع سمير موسى الذي أتى من الجبل الى البترون لاستثمار بساتين الليمون فلديه 65 دونماً، ويقول لـ «السفير»: «رحلتنا مع أضرار العاصفة بدأت منذ شهر تشرين الاول حيث ضربت حبات البرد الافندي، ثم العواصف التي جاءت أخيراً، ضربت الايفاوي وخسرنا حوالى الـ2000 صندوق، تبلغ قيمتها حوالي 30 مليون ليرة، وهذا المردود كنا نعتمد عليه لكي نحضر للموسم التالي ولنسد ديوننا. منذ 3 سنوات جاءتنا الضربة اقسى من اليوم ولم يعد لدينا ثقة، لكي نشكو ونصرخ لايصال الصوت لأنه لن يصل ولن يجد آذانا صاغية تسمع صوت الوجع والمعاناة من الضربات المتتالية. نتمنى ان تتعاطى الدولة مع هذه الكارثة بجدية هذه المرة فتعوض علينا لكي نستطيع الاستمرار».