عندما وافق مجلس ادارة الضمان على تعديل المادة 42 من النظام الطبي في الصندوق، جاء استجابة لتطبيق نص قانوني هو المادة 47 من القانون رقم 91 تاريخ 6 آذار 2010 “قانون مزاولة مهنة الصيدلة”، إذ أنه لا يمكن لا لمجلس ادارة الصندوق ولا لغيره الامتناع عن تطبيق القانون، ولكن القضية لم تنته هنا. فقرار وزير الصحة رقم 290/أ تاريخ 16 شباط 2015 الذي عدل بموجبه قرار السابق رقم 1/1295 تاريخ 2011/12/7، ومع انه أخذ ملاحظات ممثلي الصندوق في هذا التعديل، إلا أن الخلاف الجوهري لا يزال قائماً حيال تطبيق البند 3 من المادة 47 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة، والتي تنص على أن “تظهر موافقة الطبيب الزامياً على الوصفة عبر موافقته على الاستبدال أو عدمه وفق النموذج المعتمد من وزارة الصحة. وفي حال عدم وجود اي ملاحظة على الوصفة الطبية لا يحق للصيدلي استبدال الدواء”.
ومع أن النص القانوني اعطى وزارة الصحة إعداد نموذج الوصفة الطبية، إلاّ أن مصادر ممثلي العمال في مجلس ادارة الضمان أكدت لـ”النهار”، أنه “من غير المسموح أن تأتي الوصفة مخالفة لأحكام النص القانوني أو قاصرة عن تلبية أحكامه، من هنا فإن الفقرة “ثالثاً” من قرار وزير الصحة رقم 290/1 تاريخ 16 شباط 2015 لا تتوافق مع احكام الفقرة 3 من المادة 47 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة المذكورة اعلاه، حتى لا نقول انها تخالفها اذ نصت على “تكتب عبارة اسمح للصيدلي بإستبدال الدواء ما عدا المؤشر عليه بحرفي NS (Non Substitable) في المربع”.
لذا تنبه المصادر عينها “وعملاً بالمادة 47 من قانون مزاولة الصيدلة، وقبل أن تطبع الوصفة الطبية الموحدة ان يتم استدراك الامر لأن ممثلي العمال في مجلس ادارة الصندوق سيرفضونها انطلاقاً من أن أولوياتهم صحة المواطنين وليس التوفير في الفاتورة الصحية، أو أن يطبقوا وصفة طبية لا تحمي صحة المضمونين وتصون حقوقهم”، لافتة الى الكتاب الذي أرسله وزير الصحة وائل ابو فاعور الى المدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي ويذكر فيه ان الوزارة تتخذ “تدابير عدة تهدف الى خفض الفاتورة الصحية ومنها قرارات خفض الاسعار، الا أن التدبير الأهم يبقى زيادة نسبة استعمال الادوية الجنيسية لتناهز 50% من الاستهلاك”.
وبما أن المادة 47 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة صدرت في 6 آذار اي قبل 5 أعوام، تعتبر المصادر أن تأخير شهر أو شهرين لا يعدّ مشكلة إذا كان الهدف التوصل الى نموذج وصفة طبية موحدة تلبّي النصوص القانونية وتأخذ بالملاحظات الجوهرية التي وضعتها كبرى المؤسسات الضامنة، اي الضمان.
ولا يقتصر التخوف على ممثلي العمال في الضمان، إذ يؤكد النائب السابق اسماعيل سكرية لـ”النهار” أن الانفاق على الصحة في الدول المتقدمة والنامية يتخطى عادة نسبة النمو الاقتصادي. لذلك، وبما أن الدواء جزء مؤثر في الاقتصاد الوطني، تضغط الدول لخفض فاتورة الدواء والتركيز على الجينيريك، ويسأل كيف يسجل دواء بدون فحص مخبري كامل؟. فقانون مزاولة مهنة الصيدلة وفي المادة 82 يفرض ضرورة إجراء تحاليل على جميع الأدوية عند إستيرادها وفحصها في المختبر المركزي قبل بيعها وتوزيعها.
وإذ أكد أنه لا وجود لأي رقابة لحركة سير الدواء من المصنع مروراً بالمرافئ والتخزين والنقل للمستوصف والمستشفى والصيدلية والمستهلك، سأل هل تراقب الوزارة الصيدليات وتسحب ادوية عند الضرورة كما في اوروبا واميركا، أم إنها تركت هذا الدور للشركات.
كلام سكرية لا يعني أنه ضد اعتماد ادوية الجنيريك، فهو وفق ما يؤكد أنه كان ولا يزال من أول المطالبين بضرورة إعتماد أكبر نسبة من الجنيريك، شرط توفير مختبر الرقابة حرصاً على “الأمن الدوائي” وصحة الناس.
وموضوع الوصفة الطبيّة الموحدة كان مدار بحث بين المدير العام للضمان الإجتماعي محمد كركي ونقيب الأطباء البروفسور أنطوان البستاني حيث تم وضع التعديلات النهائية عليها في ضوء تلك الأساسية التي وضعها الصندوق والتي تمّ التوافق عليها في خلال الإجتماع الذي عقد في وزارة العمل بين الوزير سجعان القزي ووزير الصحة وائل أبو فاعور.
وأكد المجتمعون ضرورة السير بالوصفة بأسرع فرصة ممكنة ضمن مجموعة من الضوابط التي تؤمّن ضمان صحة المريض وأهمها: الدور الأساسي للطبيب الذي يجيز الإستبدال أو عدمه، موافقة المريض على عملية الإستبدال أو عدمه، جودة ونوعية أدوية الجنيريك” في السوق اللبنانية، ودور وزارة الصحة العامة الأساسي في هذا المجال.
وأعلنوا أنهم كلفوا التقنيين في الضمان وفي نقابة الأطباء، وضع التعديلات التي تمّ التوافق عليها على نموذج “الوصفة الطبية الموحّدة” لتأخذ شكلها النهائي، وذلك في انتظار مصادقة وزير العمل على تعديل المادة 42 من النظام الطبي التي أقرّها أخيراً مجلس إدارة الضمان بتاريخ 26/2/2015 والتي أصبحت تجيز للصيدلي استبدال دواء الـBRAND بدواء “جنيريك”.