أوضحت مصادر حكومية لـصحيفة ”المستقبل” أنّ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام سيبدأ باعتماد جملة تدابير حازمة في إدارة جلسات مجلس الوزراء “شكلاً ومضموناً” بغية تعزيز انتاجيته وضبط إيقاع العمل فيه.
في الشكل، نقلت المصادر أنّ سلام مصمّم على “وضع سقف زمني لجلسات الحكومة لا يتخطى الثلاث ساعات، رافضاً العودة إلى نسق الجلسات المفتوحة وترف التأخّر عن الحضور في الموعد المحدد لانعقاد المجلس أو حتى الخروج والدخول من وإلى القاعة خلال انعقاده”، موضحةً أنه “في الجلسات الصباحية على سبيل المثال سيعلن سلام انعقاد المجلس عند تمام العاشرة وفي حال تعذّر اكتمال النصاب خلال الدقائق العشر الأولى التالية لن ينتظر طويلاً حتى يحضر الوزراء المتأخّرون بل سيبادر فوراً إلى رفع الجلسة حتى موعد لاحق”، وأردفت المصادر: “باختصار الجدّية مطلوبة من الجميع في العمل الحكومي، فحتى في الشكل سيكون على الوزراء أن يلتزموا نظام “ريجيم” غذائياً خلال ساعات انعقاد المجلس لأنّ رئيس الحكومة لن يقبل بعد اليوم إضاعة الوقت على تناول المأكولات داخل قاعة الاجتماع ولن يمنح الإذن للوزراء بالخروج من القاعة لارتشاف القهوة والتسامر في الغرف الجانبية كما كان يفعل بعض الوزراء ريثما ينتهي النقاش حول بند معيّن فيصار إلى مناداتهم وانتظار عودتهم إلى داخل المجلس حين يحين موعد إقرار هذا البند أو ذاك”.
أما في المضمون، فإنّ سلام عازم على وضع ضوابط عملية لطريقة العمل أثناء انعقاد مجلس الوزراء بحيث لفتت المصادر إلى أنّ الاستغراق في النقاش والمماحكة من دون جدوى خلال طرح أي بند على طاولة المجلس لن يكون متاحاً بعد اليوم، إذ إنّ رئيس الحكومة عند نشوب خلاف معيّن بين طرفين حول أي من البنود المطروحة سيسارع إلى تخطّيه حتى إشعار آخر على قاعدة “بس تتفقوا خبروني”، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ سلام متمسك بالتوافق الحكومي لكن على أساس مفهوم التوافق الذي لا يعني التعطيل والعرقلة ولا يحتّم إجماع كل مكونات الحكومة.
وأكدت المصادر من هذا المنطلق أنه “في حال اقتضت المصلحة الوطنية إقرار بند معيّن يعترض عليه وزير أو وزيرين أو ثلاثة وزراء فسيتم إقراره بالاستناد إلى توافق معظم أعضاء مجلس الوزراء، على أن تتولّى الآلية الزمنية إقرار المراسيم بعد مرور مهلة 15 يوماً التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية للتوقيع على المراسيم، ناقلةً في هذا الإطار عن رئيس الحكومة حرصه على أن يسود مبدأ التوافق في عمل الحكومة باعتباره “الحجر الأساس الذي قامت عليه بنية الدولة اللبنانية منذ تأسيسها بشهادة التاريخ الحافل بالمحطات الوطنية وأبرزها رفض المسيحيين الانضواء تحت الانتداب الفرنسي ورفض المسلمين الانخراط في منظومة الوحدة العربية على حساب الكيان اللبناني”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “النهار” أن مجلس الوزراء يعود الى الانعقاد محكوماً بسقف عدم الاختلاف منعاً لانفراط عقد حكومة لا بديل منها في الوقت الحاضر. والمجلس المتغيب منذ اسبوعين وأكثر، محكوم بالنيات بعد الفشل في التوصل الى آلية جديدة تحكم اتخاذ القرارات فيه، وهو يواجه جملة من الملفات الملحة لعل أبرزها الفراغ الذي قد ينسحب على لجنة الرقابة على المصارف وما يمكن ان يعكسه الامر على صورة لبنان حيال المجتمع الدولي المالي، اضافة الى تحدي انتهاء ولاية المجلس الدستوري، وملفات اخرى.
ومن المنتظر ان يناقش مجلس الوزراء من خارج جدول أعماله ملف تعيين لجنة الرقابة على المصارف التي تنتهي ولايتها في 11 آذار الجاري، منعا لأن يطاول الفراغ ايضا هذه اللجنة التي تُعتبر صمام أمان القطاع المصرفي. وكان وزير المال علي حسن خليل تسلم الاسماء التي رشحتها التيارات السياسية لعضوية اللجنة بالاضافة الى أسماء مرشحي جمعية مصارف لبنان و”المؤسسة الوطنية لضمان الودائع”.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “النهار” ان الخلاف السياسي مستمر على اللجنة، ولا يزال “التيار الوطني الحر” متمسكا بموقفه المطالب بإدخال تعديلات عليها بتعيين مرشحيه ضمنها، وقت تصر قوى 14 آذار وجمعية المصارف على إعادة تعيين اعضاء اللجنة الحالية في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها البلاد. واستنادا الى الآلية القانونية التي يجب اتباعها، يطلع وزير المال على أسماء المرشحين، ثم يرفع الى مجلس الوزراء اقتراحاً لتسمية الأعضاء المقترحين وإصدار التعيينات.
ومع استمرار الخلاف السياسي على هذه اللجنة، أشارت “النهار” إلى ان ثمة اتجاهاً الى تأجيل بت هذا الملف الى الجلسة التالية لمجلس الوزراء التي يتوقع ان تنعقد الخميس المقبل إفساحا في المجال لمزيد من المفاوضات والمشاورات، توصلاً الى صيغة ترضي الجميع. وهذا الاقتراح قد يقر استنادا الى المعطيات التي قدمتها وزارة المال والتي تفيد أن تاريخ نشر قرار تعيين أعضاء لجنة الرقابة على المصارف في الجريدة الرسمية كان 17 آذار 2010 وليس يوم صدور القرار في 10 آذار 2010، وتالياً يكون آخر يوم عمل لهذه اللجنة في 18 آذار 2015 وليس 11 آذار 2015.
من جهتها، توقعت مصادر وزارية لصحيفة “اللواء” ان يستهل الرئيس تمام سلام جلسة مجلس الوزراء بكلمة هي عبارة عن بيان يلخص حصيلة الجهود التي جرت لاستئناف الجلسات، وأن الحكومة لا تقوم مقام رئيس الجمهورية، ولا تهدف إلى الاستمرار طويلاً في ملء الفراغ، وأن العبرة تتعلق بالانتاجية وتسيير مصالح النّاس، والابتعاد عن كل ما من شأنه ان يعيق التوافق والتفاهم.
وكشفت “اللواء” ان الكتل الوزارية المشاركة في الحكومة عقدت جلسات تشاور في الساعات الماضية وتبلغت توجيهات تقضي بوجوب التجاوب مع دعوات الرئيس سلام عدم دفع مجلس الوزراء مرّة جديدة إلى امتحان التوقف عن الجلسات.
ويأتي في هذا الإطار الاجتماع الذي عقد بين الرئيس سليمان ووزراء الدفاع سمير مقبل والمهجرين أليس شبطيني والرياضة عبد المطلب حناوي، حيث جرى التداول في المواقف التي يتعين اتخاذها في مجلس الوزراء تسهيلاً لاتخاذ القرارات وحفاظاً على وحدة الحكومة واستمرارها.
وأكد الرئيس سليمان خلال الاجتماع ان “المصلحة العليا تتطلب التنازل حيث تدعو الحاجة، والابتعاد عن الحسابات الشخصية والانانية”.
وكشف مصدر مقرّب من قوى 8 آذار ان هناك جملة من الاستحقاقات الداهمة التي تقضي بإبعاد مجلس الوزراء عن “الموت السريري” ليتمكن من التصدّي لهذه الاستحقاقات في الاقتصاد والادارة والأمن وحماية الدستور.
ولم يستبعد المصدر ان يرفع وزير المال علي حسن خليل أسماء اللجنة الجديدة للرقابة على المصارف والتي تنتهي ولاية أعضائها في 11 آذار الجاري، في حين ان جلسة مجلس الوزراء ستعقد في 12 أي في الأسبوع المقبل، على أن يليها سفر الرئيس سلام يوم الجمعة في 13 منه على رأس وفد وزاري واقتصادي الى القمة الاقتصادية التي تنعقد بين 13 و15 في شرم الشيخ، ثم يزورها بعد أسبوعين، أي في 28 آذار للمشاركة في القمة العربية.
في هذا الوقت، رأى مصدر وزاري لـصحيفة “القبس” ان اصحاب المعالي في حكومة الرئيس تمام سلام سيتحولون الى وزراء ظل باعتبار ان الملفات الكبرى ستبحث بعيدا عن الضوء بين رؤساء الكتل قبل ان تطرح على مجلس الوزراء، ولن يكون امام الوزراء سوى ان يوقعوا بالاصابع العشرة.
بدورها، رأت صحيفة “الأخبار” أنه رغم أن لا تغيير طرأ على آلية العمل، إلا أن مصادر وزارية أكّدت أن التغيير سيُلمس في طريقة إدارة الجلسات. وأوضحت أن الرئيس سلام سيكون أكثر حزماً في إدارة الجلسات، وفي حسم النقاشات التي بلا طائل، وهو ما كان يؤدي أحياناً إلى بقاء المجلس ملتئماً إلى ما يزيد على ست ساعات. وبالتالي، بحسب المصادر نفسها، لن تكون هناك جلسات ماراتونية بعد اليوم.
ومع تأكيد ضرورة التوافق، إلا أنه لن يسمح لأي فريق، تحت هذه الذريعة، بعرقلة عمل المجلس، خصوصاً في ما يتعلق بالشؤون الحياتية والمعيشية التي تهمّ الناس. والأمر نفسه، على ما تؤكد المصادر، ينطبق على المراسيم التي كان البعض يطالب بضرورة توقيع الوزراء الـ 24 عليها.