نشر الاعلامي الفرنسي جان فيليب لوبيل على صفحته الالكترونية وعلى موقع Mediapart في فرنسا مقالا بعنوان “ظلال زيارة البرلمانيين الفرنسيين الاربعة الى سوريا ولقاء بشار الاسد” جاء فيه:
“ان المرتزقة الكوماندوز في الحزب الاشتراكي والاتحاد من اجل الحركة الشعبية واتحاد الديموقراطيين والمستقلين الذين يضعون نصب اعينهم مواجهة سياسة الارتباك وعدم الوضوح ازاء سوريا، أرادوا فتح قناة دبلوماسية مناهضة تماما للخط السياسي الرسمي للأغلبية وللحكومة. فالنائب جاك ميار (الاتحاد من اجل الحركة الشعبية) وفي معرض توضيح اسباب الزيارة اثبت انه من الهواة المتحيزين لصالح نظام سمم شعبه بالغاز. وللدلالة الى مدى سذاجة وقلة معرفة نائب الامة بسوريا النظام المحنك والمناور، نقدم الدليل عبر واقعة لنائب الامة في المجموعة البرلمانية الفرنسية- السورية.
علم ميار لدى عودته إلى بيروت، انه تم الافراج عن عُليّ حسين (معارض سوري) بكفالة، بعدما سلم نائب وزير الشؤون الخارجية معلومة من وكالة الصحافة الفرنسية تتضمن اسماء بعض المدافعين عن حرية التعبير المحتجزين لدى النظام من دون ان يستوقفه اسم رئيس تيار بناء الدولة السورية، وهو لؤي، وليس عُلَي حسين، علما ان هذا الاسم لا يمكن ان يدرج على قائمة الاعضاء المحتجزين من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير.
هذه الاستراتيجية المخادعة، تخفي واقعا آخر خلف كواليس معاقل الأسد.
وفيما كان “كوماندو” البرلمانيين في طريقه إلى دمشق للتحاور مع “أسد” سوريا، كان الاسد يقسم على وتر احدى سمفونيات القمع المفضلة لديه، على واحد من أبرز قادة الأمن السياسي في نظامه.
في الواقع، ان بشار الأسد، وخدمة لمنافع ومصالح شخصية عمد الى بيع بلاده لحلفائه وحماته الإيرانيين الذين لولاهم، لكان اخرج من الحكم منذ زمن طويل.
هذا النموذج الجديد للنظام السوري قاده إلى إقالة رئيس جهاز الأمن السياسي رستم غزالي الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية السورية في لبنان الذي كان يتصرف تماما كما لو كان قنصلا واتُهم بتهديد الرئيس رفيق الحريري قبل اغتياله في 14 شباط 2005 بفترة وجيزة، بعدها تم تعيينه من قبل الرئيس بشار الأسد في رئاسة الأمن السياسي في سوريا في تموز 2012، بعد مرور عام على اندلاع الثورة السورية.
منذ شهرين، وفي أعقاب التدخل الإيراني “غير المقبول” من البعض في سوريا، برزت خلافات بين عشيرة غزالي، وهو سني من درعا، على الحدود الأردنية وبعثي قومي مؤيد لوحدة سوريا وضد وضع يد إيران وحزب الله على البلاد، وبين بشار الأسد الذي يريد الاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن، بما في ذلك على أنقاض سوريا المهدمة والمقسمة طائفيا.
في 16 كانون الاول 2014، اظهر شريط فيديو على “يو تيوب”، كيفية هدم منزل رستم غزالي الفخم في قريته قرب درعا بعبوات ناسفة خلال المواجهات بين عناصر “جبهة النصرة” و”حزب الله” والحرس الثوري الإيراني. وتقاطعت مصادر مختلفة عند نقطة ظهور الشقاق داخل نظام بشار الأسد والخلافات الكبيرة داخل هذا النظام وثمة الكثير من الوثائق المتاحة الداعمة لهذه المعلومات يمكن الاطلاع عليها على موقع “يو تيوب”.
وتؤكد مصادر في المخابرات السورية واقعة ان خالد شحادة، رئيس الاستخبارات العسكرية السورية، دعا رستم غزالي الى اجتماع امني. ولدى وصوله، تم نزع سلاح حراسه وتم ربطه وتعذيبه ورميه امام مستشفى الشامي في دمشق وهو بين الحياة والموت. وعلى الفور ارسل ثلاثة أطباء من مستشفى أوتيل “ديو دو فرانس” في بيروت، موالون للحليف المسيحي لحزب الله، العماد ميشال عون، احدهم اختصاصي في أمراض القلب، واخر في الأمراض العصبية وثالث في حالات الطوارئ، الى سوريا من اجل انقاذه.
ويوم الاثنين 2 اذار توجه فريق متخصص من ضمنه طبيب غزالي المعالج، وطبيب أعصاب وطبيب نفسي الى دمشق. وطلب رستم غزالي، الذي حكم لبنان خلال سنوات الاحتلال السوري مساعدة من طبيب نفسي معالجته من “صدمة نفسية خطيرة اصيب بها”. ومن المهم الاشارة الى ان في اللحظة التي كان فيها وفد البرلمانيين الفرنسيين في دمشق، يساند في مواقفه الاصوات الداعية الى التقارب مع الأسد الذي يعتبرونه جزءا من الحل السياسي، كان الأخير ينتهز الفرصة “لكتم أصوات متباينة حتى داخل عشيرته.
مما لا شك فيه ان التهديدات المتعاظمة الناجمة عن ممارسات الدولة إلاسلامية تزيد الوضع تعقيدا، لكن ومهما قال بشار الأسد لمحاوريه، فإن المعارضة السورية لا تزال على قيد الحياة وفاعلة اكثر بكثير، عبر مواقفها البناءة في التوصل إلى حل سياسي في سوريا، من بشار الأسد الذي يأخذ على عاتقه المسؤولية الرئيسية في التطرف والصراع والذي لم يتردد في تسميم شعبه بالغاز وتحويل بلاده الى حقل خراب وتدمير.
انها حقيقة مرة محاها نوابنا من ذاكرتهم من خلال الذهاب الى دمشق للقاء بشار الأسد”.