Site icon IMLebanon

مستشفى صيدا الحكومي.. صرح صحّي آخر أسقطته السياسة؟


خضر حسان
بعد أقل من شهر على إستقالة مدير عام مستشفى بيروت الحكومي فيصل شاتيلا، قدّم رئيس مجلس إدارة مستشفى صيدا الحكومي الدكتور علي عبد الجواد إستقالته، اليوم، إلى جانب أعضاء المجلس “إحتجاجاً على حملة التشويه المنظمة التي استهدفت المستشفى”. وكانت الإدارة الحالية للمستشفى قد واجهت في وقت سابق إتهامات في ملفات تتعلق بـ”الفساد المالي والإداري”، ما دفع العاملين فيه الى الإحتجاج ضد هذه الإتهامات.
لكن الوقفات الإحتجاجية والإستنكار الدائم ومحاولة نفي الإتهامات، باءت بالفشل، ليس لأن الإتهامات صحيحة، بل لأن التجاذبات والمصالح السياسية أقوى من أي إعتبار في مثل هذه الملفات. وعليه، إنضم مستشفى صيدا الى نظيره في بيروت، ليسيرا معاً في درب جلجلة هدفها النهائي تصفية المرافق الحكومية، على الرغم من تعدد الوسائل وتعدد القطاعات. ولعلّ التشابه في المعطيات بين المكانين يفضي الى التأكد من ان ما يحصل ليس وليد صدفة، بل وليد سياسات واضحة وممنهجة، تفعل فعلها عبر التغلغل في أدق تفاصيل العمل اليومي للمستشفى، وتصيب مفاصل أساسية فيه، يستحيل العمل من دونها، أهمها رواتب الموظفين وتأمين المعدات والأدوات الطبية وصيانتها.
ومهما كثر الكلام وتعددت التبريرات، إلا ان كثرتها لا تقدّم ولا تؤخّر في حلّ القضية، لأن البحث يكون في تعويض غياب المستقيلين، وليس معالجة مكمن الخلل الأساسي، ألا وهو إهتراء البيت السياسي. ووصول أزمة مستشفى صيدا الى ذروتها عبر إستقالة إدارته، يعيد الى الأذهان الحل الأساسي المطروح لأزمة مستشفى بيروت، وهو تحديد دور المستشفى وهدفه، وغياب هذا الأمر أيضاً مقصود، والنظر الى الشرائح الإجتماعية المستفيدة من المستشفيات الحكومية، يقدّم الإجابة عن كل مستور. أما المستفيدون من المستشفيات المذكورة، فهم “من اللبنانيين من سكان صيدا، وشرق صيدا، والجنوب، وإقليم الخروب، وبقية المناطق، ومن الأشقاء الفلسطينيين والسوريين”، وفق ما أشار إليه النائب السابق أسامة سعد خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم، على خلفية الإستقالة هذه.
الجهات المستفيدة من المستشفى لم تتركه حتى في أحلك ظروفه، وبواسطة هذا الدعم المعنوي، “وبفضل مجلس الإدارة وسائر العاملين، نجح مستشفى صيدا الحكومي خلال السنوات الأخيرة، في تحقيق إنجازات مشهودة. فعندما تولى مجلس الإدارة مهامه، قبل عشر سنوات، كان المستشفى يعاني من أوجه خلل ونواقص وثغرات عديدة، كانت لها نتائج غير مرضية على سير العمل فيه. وواجه هذا المجلس خلال عمله الصعوبات الناجمة عن وجود المستشفى في موقع تعرض لأحداث أمنية متكررة، كما واجه تقصير الحكومات المتعاقبة في توفير المستلزمات الضرورية لعمل المستشفى، وعدم إعطائه حقوقه ومستحقاته. زيادة على ذلك واجه هذا المجلس الحرتقات السياسية المحلية، والعراقيل والعقبات التي وضعت في طريقه”، وأضاف سعد ان “ما سمي بالتحقيق المالي أثبت عدم وجود أي قضية مالية فعلية، وأن الأمر يقتصر على افتراءات فارغة”. ودعا الحكومة الى “تعيين من يتسلم المستشفى من مجلس الإدارة المستقيل، ويتولى أموره”، مطالباً الحكومة بـ”إعطاء مستشفى صيدا الحكومي حقوقه ومستحقاته كافة، لكي يتمكن من متابعة تقديم خدماته للألوف من المواطنين والأشقاء”.
حلّ أزمة مستشفى صيدا الحكومي، التي انفجرت اليوم، يكاد يكون معروفاً، وهو إبرة مورفين تهدىء روع المشهد، وتعطي المستفيدين ممّا حصل وقتاً أطول لإجراء بعض التحسينات في الصورة الخارجية للأزمة. لكن في العمق، يبدو ان الطبقة السياسية قد نجحت مرة أخرى في إسقاط معقل صحّي جديد.