هل هو قدر طرابلس ألا تكتمل فرحتها مع المشاريع المقررة لها والتي تؤجّل أو يتباطأ العمل فيها أو تنسف عن بكرة أبيها؟
ولماذا لا تحظى مشاريعها بالدعم المطلوب مالياً ولوجستياً أسوة بمشاريع سائر المناطق اللبنانية؟
ولو استعرضنا أوضاع هذه المشاريع المقررة أو المنفذة جزئياً لفوجئنا بالمصير التعس لها دون أن يتم استكمالها وفق الشروط المطلوبة.
ونبدأ بالمبنى الجامعي الموحّد الذي تقرر إقامته في منطقة البحصاص جنوبي طرابلس والذي تجاوز المدة المقررة لإنشائه وتعثرت أعماله رغم توافر الدعم المالي له من قبل مؤسسات مالية عربية، وقد أنجزت ثلاث كليات هي العلوم والفنون والهندسة، وتبقى كليات الحقوق والآداب والصحة العامة والعلوم الاجتماعية وإدارة الاعمال بانتظار تأمين الأموال اللازمة لها، وهكذا ينتظر أهالي طرابلس والشمال انجاز هذا المبنى الجامعي الموحّد الذي كان من المقرر تسليمه منذ بضع سنوات، وتبلغ كلفة هذا المشروع نحو 280 مليون دولار.
ومشروع ثانٍ لم تنعم به طرابلس رغم انجازه بعد أن كلف ما يزيد على الخمسين مليون دولار وهو الملعب الأولمبي الكائن في مدخل طرابلس الجنوبي والذي كان من المقرر أن يحتضن المباريات الدولية، ولم تجرِ فيه سوى مباراتين في البطولة الآسيوية لكرة القدم، ليصرف النظر عنه ولتصدأ مبانيه ومنشآته قبل أن يتحوّل الى ثكنة عسكرية.
وخير مثال على مصير مشاريع طرابلس هو «الارث الثقافي» الذي رصد له مبلغ 19 مليون دولار لاحياء مناطق طرابلس الداخلية لتتحوّل الى بؤرة ركام بعد أن تعطل العمل فيه لأسباب غير واضحة، وليصبح سقف نهر أبو علي مرتعاً لأكواخ «البالات» والأحذية المستعملة دون أمل بتصحيح ما خرّبه هذا المشروع ولا من يهتمّ أو يبالي.
أما عن مشروع المنطقة الاقتصادية المتخصصة فهو معطل ولا يحتاج سوى الى تشكيل مجلس إدارة، الأمر الذي ينفخ الروح لهذا المشروع الذي يوفر فرص عمل لمئات الأيدي العاملة. ويحدثونك عن مشروع تسيير القطارات باتجاه الأراضي السورية شمالاً، دون أن يتعهدوا بإمكانية توفير فرص العمل، والذي لا يحقق أي تنمية لطرابلس.
وكان الاسبوع المنصرم ميدان سجالات بين مؤيّدي مشروع انشاء أربعة طوابق للسيارات في ساحة التل تتسع لنحو 400 سيارة، وأقرّ له مبلغ 19 مليون دولار ليرتفع صوت المعارضين الذي لا يرون في هذا المشروع أي جدوى اقتصادية مع رفض أصحاب مواقف القبة وأبي سمراء والميناء جعل مواقفهم تحت الأرض.
ويرى المعارضون أن المشروع المجدي لساحة التل التي كانت تضم السراي العثمانية هو بإنشاء قصر الثقافة الذي يضم قاعة مؤتمرات ومسرحاً ومتحفاً لذاكرة طرابلس وموقفاً للسيارات تحت المبنى المذكور وتحويل ساحة التل للمشاة على أن يتم انشاء موقفين للسيارات أحدهما جنوبي طرابلس والآخر في شمالي المدينة، وأن هذا المشروع الذي يضم حديقة ومكتبة خاصة بتراث المدينة يعزز وجه طرابلس الحضاري والثقافي.
هذه هي حكاية طرابلس مع مشاريعها المؤجلة دون أن ننسى مشروع معرض طرابلس الدولي الذي مرّ على انشائه خمسون عاماً (اليوبيل الذهبي) ولم تستفد منه طرابلس ولم يحظ بعناية الإدارات المعنية بتوفير المعارض الدولية فيه مما يسمح بجذب الزائرين إليه.
ويمكن أن نعتبر آثار طرابلس المملوكية والعثمانية من ضمن المشاريع المؤجلة بل والمنسية والتي لا تحظى باهتمامات وزارة السياحة ولا المديرية العامة للآثار، ويعتقد الطرابلسيون أنه لو كان الملعب الأولمبي، والمعرض، والآثار في منطقة لبنانية أخرى لحظيت بدعم المسؤولين وتم توفير الدعم المالي لها وتحقق الانماء لهذه المنطقة.
وماذا عن جزر الميناء ومشروع السياحة البيئية فيها؟ وماذا عن انتظار أهالي باب التبانة لمشروع تأهيل المباني والبنى التحتية فيها، والذي تترقب المنطقة تنفيذه منذ سنوات؟
هذه هي بعض حكايا طرابلس عن مشاريعها المؤجّلة والمجمدة والتي تحتاج الى اهتمام جاد من قبل نواب المدينة ووزرائها، والمطلوب كما نكرر وندعو باستمرار في هذه الزاوية موقف موحّد من الحكومة والوزارات المعنية كي تلبي حاجات العاصمة الثانية ومشاريعها المختلفة.
ليس من الصعوبة بمكان أن يلتقي نواب المدينة لتحقيق مشاريع تنموية للمدينة فقد كفاها انتظار وعوداً كمونية لم تخط سوى بسراب وكلام في الهواء رغم اعتراف الجميع بحق طرابلس بهذه المشاريع المؤجلة والمجمدة لتبعث فيها الروح والأمل بإنقاذ طرابلس من الاهمال والتسويف.