مع زيادة النمو الاقتصادي والعولمة، من المتوقع أن يكون عام 2015 عاماً استثنائياً للاستثمار الأجنبي المباشر في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم. وتظهر الزيادة في توفر رأس المال حاجة البلدان إلى الذهاب أبعد من الأرقام المالية وفهم العوامل التي تؤثر على استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر. ودعماً لهذه الجهود، يشير تقرير اطلقته ديلويت بالاشتراك مع مبادرة التقدّم الاجتماعي، الى أن السياسات الصائبة يمكنها أن تؤمن العوامل الايجابية اللازمة للتقدم الاجتماعي في بلد ما، حيث يساهم هذا الأخير باستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر والذي بدوره يمكن أن يساعد على تحقيق المزيد من التقدم.
إن تقرير ديلويت بعنوان »الاستثمار الأجنبي المباشر والنمو الشامل للدول: التأثيرات على التقدم الاجتماعي،« يقارن البيانات المتعلقة بمؤشر التقدم الاجتماعي، وهو مقياس شامل يتخطى الناتج المحلي الإجمالي في 132 بلداً ليشمل النمو والأداء والاستثمار الأجنبي المباشر.
وأفاد رشيد بشير، الشريك المسؤول عن قسم الخدمات الاستراتيجية في ديلويت الشرق الأوسط : »في حين أن المنافع الاقتصادية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر باتت واضحة، إلا أن معالم مساهمة هذا الاستثمار في التقدم الاجتماعي تبقى أقل وضوحاً. ويبين هذا التقرير كيف يمكن لمؤشر التقدم الاجتماعي أن يكون بمثابة دليل للشركات للقيام باستثمارات استراتيجية وجذابة ويظهر للحكومات أن السياسات التي تركّز على دفع عجلة التقدم الاجتماعي يمكنها أن تجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يساهم بدوره في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء».
ويشير تقرير ديلويت ان الاستثمار الاجنبي المباشر يمكنه ان يشجع التقدم الاجتماعي لبلد ما على المدى البعيد من خلال دعم قطاعات محددة لا سيما قطاعي الرعاية الصحية والتعليم ومن خلال زيادة فرص العمل ورفع مستوى الدخل الفردي.
وفضلا عن ذلك يمكن للعوامل المساهمة في التقدم الاجتماعي مثل البنى التحتية والتعليم والامن الشخصي والسياسي ان تساعد على جةذب الاستثمارات الخارجية. ومن بين الامور التي توازي الاستثمار الاجنبي المباشر من حيث الاهمة نذكر عوامل التنوع والاندماج وقبول الآخر التي تؤثر على نمط الحياة وتساعد على جذب القوى العاملة والاستثمارات الدولية المطلوبة للقطاعات ذات المهارات العالية كقطاع التمويل على سبيل المثال.
إلا أنه من حيث التقدم الاجتماعي، ليست كل الاستثمارات الأجنبية المباشرة متساوية والنتائج الايجابية تبقى غير مضمونة.
فعلى سبيل المثال، وبغض النظر عن التقدم الاجتماعي، قد تحدّ الاضطرابات السياسية الاستثمار الأجنبي المباشر كما هو الحال حالياً في كل من مصر والعراق. كما يجب على الحكومات أن تضع سياسات متكاملة لدفع عجلة التقدم الاجتماعي من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر. وتستقطب بلدان مثل البرازيل وروسيا والهند والصين (بريكس BRICs) وكازاخستان مستويات عالية من الاستثمار الأجنبي المباشر من دون تحقيق تقدم اجتماعي مرتفع. ويمكن أن يحدث ذلك في العديد من الحالات لا سيما عندما يتجاوز النمو الاقتصادي السريع وتيرة التقدم الاجتماعي، أو عندما يكون الاستثمار الأجنبي المباشر موجه بشكل غير متناسب نحو بعض القطاعات مثل الموارد الطبيعية، أو عندما تمنع البيئة السياسية الاستثمار أو تقع الدول في براثن الفقر.
ومن أهم الخلاصات المتعلقة بالشرق الأوسط ما يلي:
– تستقطب العديد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة الضخمة نسبيا،
– تشكل الصراعات وعدم الاستقرار التي يشهدها كل من العراق ومصر حاجزا أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة بغض النظر عن مستوى التقدم الاجتماعي
– تجذب البلدان التي تفرض ضرائب منخفضة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعيدا عن التقدم الاجتماعي كما هي الحال في لبنان
التقدم الاجتماعي والاستثمار الاجنبي المباشر وسلم النمو الاقتصادي
بحسب التقرير، يمكن للتقدم الاجتماعي أن يفسّر بعض الاتجاهات في الاستثمار الأجنبي المباشر ويمكن للاستثمار الأجنبي المباشر أن يفسّر بدوره بعض التحسينات في مستوى التقدم الاجتماعي. ويكشف التقرير كيف تتطور عناصر التقدم الاجتماعي المختلفة عبر مراحل التنمية الاقتصادية، وكيف يساهم التقدم الاجتماعي في تسلق البلدان لسلم التنمية هذا. في حين أن غالبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة متدفقة حاليا نحو الاقتصادات الناشئة، فإن فهم ما هي العوامل التي يمكنها أن تدفع عجلة التنمية سيساعد البلدان على الاستفادة من هذه العلاقة ذات الفوارق الدقيقة بشكل أفضل.
ويقول مايكل غرين المدير التنفيذي لمبادرة التقدم الاجتماعي: يظهر هذا التقرير ان العلاقة بين الشركات والمجتمع يمكن ان تكون تكافلية وغير متضاربة وانه في الظروف المناسبة يحقق الاستثمار الاجنبي المباشر منافع حقيقية لحياة الاشخاص العاديين بشكل يتخطى اثره الاقتصادي. الا انه يظهر ايضا وبشكل حاسم ان الشركات تحقق اقصى قدر من الازدهار في المجتمعات السليمة.