انور عقل ضو
يواجه قطاع الزراعات المحمية في عاليه والمتن الأعلى والشوف تبعات ما خلفته العواصف الثلجية من أضرار بدأ حجمها الحقيقي يتكشف لتبدو كوارث أكبر بكثير مما كان متوقعا بين عاصفتين قويتين، الأولى شلعت خيم البلاستيك بما حملت من رياح عاتية، والثانية قضت على مواسم الزهر والخضار أحرقها الصقيع عندما تدنت الحرارة إلى أكثر من خمس درجات تحت الصفر على ارتفاع ألف متر وما دون، وهذا أمر نادر الحدوث ولم يكن متوقعا.
وتعتبر بلدة الغابون نموذجا وشاهدا على حجم الكارثة، كونها بلدة زراعية و «عاصمة» الزراعات المحمية في جبل لبنان الجنوبي، حتى أن رئيس بلديتها الشيخ أكرم بو حسين أكد لـ «السفير» أن «الغابون بلدة منكوبة»، وأشار إلى أن «90 بالمئة من أهالي البلدة يمثل القطاع الزراعي مورد رزقهم الاول».
وقال: «لقد أتلفت مواسم الخضار والأزهار على أنواعها، وخسائرنا من قطاع زراعة الورود فحسب، أكبر من أن نتحمله، خصوصا أن الوردة الواحدة تباع في الشتاء بألف ليرة ولكم أن تقدروا حجم الخسائر، فالبرد القارس «أحرق» الأزهار وتسبب بأضرار طاولت الشتول أيضا، ما يعني تأثر المزارع أبعد من خسارة موسم واحد».
ولفت إلى أن «الغابون تعتبر الاولى في لبنان من حيث إنتاج الورد كما ونوعا»، وأشار إلى أنه «يصعب تقديم أرقام دقيقة ولكن نؤكد أن الانتاج يقدر ببضعة ملايين من الازهار»، ولفت إلى «أن الغابون تحتضن نحو ثلاثمئة خيمة فضلا عن وجود خيم لابناء الغابون خارج البلدة من الساحل (الدامور) الى الشوف وسهل البقاع إضافة الى القرى المجاورة».
وأكد أن «ثمة ضرورة لاجراء مسح ميداني للأضرار»، وأشار إلى أنه يملك «12 خيمة وخسرت من الورد كحد أدنى خمسين الف زهرة يقدر ثمنها بنحو 40 مليون ليرة»، وقال: «هذا حال جميع المزارعين في البلدة والجوار منهم من كانت خسارتهم أكبر ايضا»، وأشار بو حسين إلى أن خسائرنا لم تقتصر على الورد فحسب، وانما طاولت أنواعا عدة من الأزهار، منها «الليليوم» والـ «دوان بلانش»، فضلا عن «التوليب» الذي يقاوم ظروف المناخ الا انه تضرر ايضا بنسبة 70 بالمئة، اضافة الى «الفريزيا» التي تعرف بـ «نسيم الصباح» وكل شيء تضرر بما في ذلك قطاع الخضار كالبندورة والخيار والباذنجان والحشائش على انواعها (بقدونس، خس وبصل)».
وقال: «الأضرار كانت كبيرة بسبب تمزق البلاستيك وتطايره في العاصفة الاولى، وأنا واحد من المزارعين ممن سهروا داخل البيوت البلاستيكية القليلة التي لم تقتلعها الرياح خلال تساقط العاصفة الاخيرة بشكل خاص لنزيل عنها الثلوج».
وأشار إلى «اننا واجهنا كارثة قبل سنوات عدة نتيجة العواصف والثلوج وأرسلت كتابا للهيئة العليا للاغاثة، إلا أن أحدا لم يعوض علينا كمزارعين»، ولفت إلى «اننا ابلغنا وزير الزراعة النائب اكرم شهيب وكلنا أمل أنه سيكون الى جانب معاناتنا كمزارعين من كل المناطق اللبنانية، لانه قريب من هموم المزارع ومشاكله».
وأشار المزارع ربيع زين الدين إلى أن «الاضرار لم تقتصر على خسارة المواسم فحسب، فالعواصف والسيول أدت الى انهيارات كبيرة»، واعتبر أن «المشكلة بدأت ترمي علينا بثقلها كون الزراعة المحمية هي مورد رزقنا الاساس»، ولفت إلى أن «بعض المزارعين لا سيما الصغار ممن يملكون نحو خمس خيم، أو أكثر أو أقل لن يكون في مقدورهم ترميمها وشراء النايلون وأنا واحد منهم.
الدكتور زهير بو حسين أشار إلى أنه يملك «25 خيمة تضررت بالكامل بعد أن انتزعت الرياح النايلون عنها»، ولفت إلى أن «الخسائر لم تقتصر على الأزهار فحسب، وإنما تضررت الشتول بحيث أن الكارثة تتطلب اعادة زرع شتول جديدة»، لكنه أشار إلى «اننا قمنا بتقليم أغصان الشتول المتضررة على أمل أن تعود إلى ما كانت عليه لجهة حجم الانتاج».
نقيب «مزارعي الازهار والشتول في لبنان»
وأشار نقيب «مزارعي الازهار والشتول في لبنان» روجيه معوض لـ «السفير» إلى أن «الخيم تضررت من جراء ثلاث عواصف، الأولى أتت على النايلون وطاولت الحديد في هياكل الخيم، والثانية كانت أضرارها مماثلة، فيما الثالثة «أحرقت» الأزهار بسبب البرد والصقيع»، ولفت إلى أن «الأضرار تتفاوت بين منطقة وأخرى، بحسب موقع الخيم، فتلك الموجودة على التلال أضرارها أكبر كونها مشرعة أكثر للرياح»، إلا أنه لفت إلى أن «الأضرار تركزت بشكل أكبر في منطقة الجنوب».
وقال معوض: «مع اول عاصفة توجهنا كنقابة الى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وعرضنا له المشكلة، وطالبناه بإجراء مسح للخسائر، وبالفعل اتصل برئيس الهيئة العليا للاغاثة الذي قال لا يمكن ان يقوم بشيء الا بقرار صادر من مجلس الوزراء، فوعد الرئيس سلام بطرح القضية عند اول اجتماع للحكومة، وطلبنا من الرئيس سلام ان يكون مسح الأضرار بمعاونة اختصاصيين من الجيش اللبناني توخيا للشفافية والمصداقية».
وأشار معوض إلى أنه «في تلك الفترة تبين لنا ان وزير الزراعة أكرم شهيب طلب من المزارعين التوجه وتقديم تصاريح بالأضرار في مكاتب الوزارة في المناطق والاقضية، وقدم المزارعون المتضررون الوثائق المطلوبة المصدقة من البلديات أو المجالس الاختيارية، تبعا لما هو مطلوب ووصلنا الى هنا فقط».
وتخوف أن يكون ما حصل حتى الآن هو «تحويل معاناتنا الى فولكلور لامتصاص نقمة المزارع»، وأشار معوض إلى «اننا سنتابع المشكلة وطلبنا موعدا من وزير الزراعة لوضعه في كل هذه الاجواء وإعادة تحريك هذه المشكلة وصولا إلى طرح موضوع إنشاء صندوق تعاضدي للمزارعين لمواجهة الكوارث الطبيعية».