IMLebanon

روايات متناقضة عن “نهاية” رستم غزالة

rostom-ghazali

هل يرقد رئيس إدارة الأمن السياسي في سورية اللواء رستم غزالة في المستشفى في دمشق، لأنه تعرّض للضرب والتعذيب من الاستخبارات السورية، ام لأنه يدّعي ذلك؟ أي أنه أشاع أخبارا بتعرّضه للضرب والإذلال وأدخل نفسه المستشفى، ليستدرّ عطف الرئيسِ بشار الاسد، كي يُمدِّد له ولا يسرّحه في السابعِ من ايار المقبل، تاريخِ إحالته على التقاعد؟ وهل سبب خلافه مع النظام رفضه سيطرة إيران و”حزب الله”على بلاده، ام كشْف فساد يضطلع به من خلال ابتزازِ التجارِ والأغنياء الكبارِ، ورعايته عمليات تهريب الديزل الى مناطقِ المسلّحين المعارضين لقاء قبض 5 أضعاف سعرِها؟

هذه الأسئلة شقّت طريقها الى بيروت التي وجدتْ نفسها في قلب عاصفة التساؤلات عن مصير غزالة، رئيس ما كان يسمّى”جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان الذي تسلّم منصبه العام 2002 بديلاً للواء غازي كنعان، ليصير بمثابة حاكم لبنان بالترهيب والترغيب الى أن انسحب الجيش السوري من بلاد الأرز في ابريل 2005.

الروايتان اللتان شغلتا بيروت عن مصير غزالة، الاولى أوردها الاعلامي الفرنسي جان فيليب لوبيل على موقع”Mediapart”في فرنسا، والثانية بثها تلفزيون”الجديد” اللبناني وعرض فيها – نقلاً عن مصادر في النظام السوري – ما اعتبر انها”قد تكون تفاصيل لرواية عن نهاية رستم غزالة”، أثبتتا ان ورقة ابن محافظة درعا، (الذي اشتهر في لبنان خصوصاً بأنه هدّد الرئيس رفيق الحريري قبل التمديد للرئيس اميل لحود في ايلول 2004)، احترقت لدى الأسد، وأنه عُزل من منصبه. كما قطع السيناريوان ،اللذان تم تداولهما في اليوم نفسه وبفارق ساعات ،الطريق على الإشاعات التي كان جرى تداوُلها عن ان رئيس إدارة الامن السياسي في سورية اغتيل او قُتل في المعارك او انه اصيب بأزمة قلبية.

وكان اول الكلام عن شيء ما حصل بين النظام السوري وغزالة (الذي كان بُث له فيديو يوضح ملابسات قيامه بتدمير قصره في مسقط رأسه بلدة قرفا”كي لا يقول المدافعون عن ريف درعا انهم يدافعون عن قصر غزالة”) بدأ مع تغريدة نشرها الصحافي السوري المعارض، موسى العمر، في 23 شباط الماضي، على صفحته على”تويتر”اذ قال:”الأسد يقيل رستم غزالة من إدارة الأمن السياسي ويعين اللواء زهير حمد (شيعي دمشقي) مسؤولا للتنسيق مع (حزب الله) وإيران”، قبل ان يضيف أن”إقالة غزالة جاءت بعد ورود تقارير أن اسمه ضمن قائمة أممية لمرتكبي جرائم الحرب ستصدر الشهر المقبل”، ليردف نشطاء على”تويتر”انه في المستشفى”بين الحياة والموت”وأنه تأكد”دخوله مشفى الشامي في دمشق ولكن لم يتسرب أي شيء عن وضعه الصحي سوى أن العارض هو أزمة قلبية”.

وفيما عقّب معارضون للنظام بين متحدثين عن محاولة اغتيال غزالة في إطار تصفية الشهود في جريمة اغتيال الرئيس الحريري او ان رئيس إدارة الامن السياسي دفع ثمن قوله في قرفا “تسقط القرداحة ولا تسقط قرفا”، حمل تطوراً تمثّل في نشْر لوبيل مقالاً انتقد فيه زيارة 4 نواب فرنسيين الأسد، قبل ان يعلن ان “النظام السوري أقال غزالة”، موضحاً انه “قبل شهرين، وفي أعقاب التدخل الإيراني غير المقبول من البعض في سورية، برزت خلافات بين عشيرة غزالة – وهو سنّي من درعا – على الحدود الأردنية، وبعثي قومي مؤيد لوحدة سورية وضد وضع يد إيران و(حزب الله) على البلاد من جهة، وبين الأسد الذي يريد الاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن من جهة ثانية”. واضاف: “في 16 كانون الاول 2014، اظهر تسجيل فيديو على (يوتيوب)، كيفية هدم المنزل الفخم لرستم غزالة في قريته قرب درعا بعبوات ناسفة (…) وتقاطعت مصادر مختلفة عند نقطة ظهور الشقاق داخل نظام الأسد”. وتابع: “تؤكد مصادر في الاستخبارات السورية واقعة ان رئيس الاستخبارات العسكرية السورية، خالد شحادة، دعا رستم غزالة الى اجتماع امني. ولدى وصوله، تم نزع سلاح حراسه وتم ربطه وتعذيبه ورميه امام مستشفى الشامي في دمشق وهو بين الحياة والموت. وعلى الفور اُرسل 3 أطباء من مستشفى (أوتيل ديو دو فرانس) في بيروت، احدهم اختصاصي في أمراض القلب، وآخر في الأمراض العصبية وثالث في حالات الطوارئ، الى سورية من اجل انقاذه. وتوجه الإثنين 2 اذار فريق متخصص من ضمنه طبيب غزالة المعالج، وطبيب أعصاب وطبيب نفسي الى دمشق. وطلب غزالة، من طبيب نفسي معالجته من (صدمة نفسية خطيرة اصيب بها)”.

وبعد ساعات نشر تلفزيون “الجديد” اللبناني تقريراً قدّم فيه رواية جاء فيها: “تبدأ الرواية بقرارٍ اتّخذه رئيس (شعبة الامنِ العسكريِّ) رفيق شحادة، قضى بتوقيف عدد من مهرّبي الديزل الى مناطقِ المسلحين المعارضين لقاء قبض 5 أضعاف سعرِها، ليتبيّن أنّ هؤلاء من المحسوبين على غزالة من منطقتي قرفا القريبة من مسقط رأس غزالة ودرعا. وعلى الاثر اتّصل الاخير بشحادة ليتطوّر الحديث الى كيل من الشتائمِ والتهديد بالقتل. ثم استدعى غزالة رئيس جِهازِ الامنِ السياسيِّ في طرطوس العميد عدي غصة، وهو شقيق زوجة شحادة. ولدى دخول الاخيرِ الى مكتبِه لوّح له غزالة بمسدسٍ قائلاً له، (روح خبر صهرك انو بدي فرّغو براسو). واضاف التقرير:”ركب غزالة سيارته بعد كلامه الاخير، وزنّر نفسه بحزام ناسف مُتجهاً الى مكتب شحادة في كفرسوسة. وما إن دخل المبنى حتى أطلق جِهاز كشف المتفجّرات عند المدخل إنذاراً فطلب أحد الحراسِ إلى غزالة التوقّف للتفتيشِ، إلاّ أن غزالة ردّ بأن انهال عليه ضرباً قبل أن يقبِض عليه بقية الحراس ويكتشفوا أنه مزنّرٌ بحزام ناسف. كبّلت يدا غزالة ورجلاه واستُدعيت فرقة الهندسة التي فكّكت الحزام، ليجري ادخال غزالة الى مكتب شحادة”. وتابع:”ذكرت بعض التقاريرِ تعرّض غزالة لضرب مبرحٍ حيث سُحل من المكتب باتجاه المستشفى وهو مدمّى، فيما أشارت المعلومات التي حصلت عليها قناة “الجديد” إلى أنّ شهوداً عاينوا خروج غزالة من مبنى رئيسِ جِهازِ الامنِ العسكريِّ سيراً على قدميه، لتكون المفاجأة أنه أُدخل الى المستشفى ليلاً”.

وأردف التقرير:”ولمّا ذكرت تقارير الاطباء أنه لم يتعرّض للضرب أصرَّ غزالة على تسطيرِ محضر في مخفرِ شرطة العالية يقول إنه ضُرب على يد عناصرِ الاستخبارات العسكرية”.

ونقل”الجديد”عن مصادر مقرّبة الى النظام أنّ”توجّه غزالة الى المستشفى، ومن ثمَّ الى مخفرِ عالية إنما هو لحماية نفسه، ولاتهامِ النظامِ في حالِ تعرّضه لأيِّ مكروه لا سيما بعدما بدأت تتكشّف أخبار عن أعمالِ جِهازِه، ومنها أن رئيس فرعِ الأمنِ السياسيِّ في دمشق العقيد عمار طلب، ورئيس فرعِ الريف العقيد محمّد زيدان، يُقدمانِ بإيعازٍ من غزالة على ابتزازِ التجارِ والاغنياء الكبارِ على جمعِ أتاوى وخُوّاتٍ باسمِ صندوقِ شُعبة الامنِ السياسيّ”.

وأشارت المصادر الى أنّ”غزالة يعمل في الوقت عينه على استدرارِ عطف الرئيسِ بشار الاسد من خلال إشاعة أخبارِ تعرّضه للضرب وإذلاله كي يُمدِّد له ولا يسرحه في السابعِ من ايار المقبل، تاريخِ إحالته على التقاعد”.