أندي شارمان
أندي بالمر ما كان ليكون أبدا الرئيس التنفيذي لشركة نيسان في اليابان. جلس ذات مرة في بلاط كارلوس غصن، الرئيس القوي لتحالف رينو – نيسان، واشتهر باعتباره موسوعة صناعة السيارات، قادرا على صياغة كل من حاجيات واستراتيجيات التسويق.
أدار علامة إنفينيتي الفاخرة، لمجموعة نيسان، وطور مركبات وآليات السوق العامة التي قدمت منافذ جديدة في سوق مزدحمة. لكن بالمر -مثل آخرين في مجموعة متزايدة من المديرين التنفيذيين لصناعة السيارات في منتصف العمر- بلغ ما يمكن تسميته “سقف غصن”، المحكوم عليه بألا يكون مكان غصن، الفرنسي – اللبناني – البرازيلي الذي لا يكل أبدا.
يقول: “أردت أن أكون الرئيس التنفيذي لشركة سيارات – أردت أن أكون كذلك منذ أن كان عمري 20 عاما”. ويضيف: “أنا لا أعتقد أني سأتمكن أبدا من أن أكون خلفا لكارلوس غصن”.
بدلا من ذلك، وجد بالمر شركة لصناعة السيارات على بعد خمسة أميال من مكان مدرسته في وسط بريطانيا – لكنها لم تكن شركة عادية لصناعة السيارات. بالمر البالغ من العمر 51 عاما، هو الآن في مقعد القيادة في أستون مارتن، إحدى العلامات التجارية الأعلى قيمة في صناعة السيارات، لكنها تجد نفسها في وضع مالي محفوف بالمخاطر.
انهارت المبيعات من 7300 سيارة في عام 2007 إلى نحو 4000 في عام 2014. وتعاني الشركة خسائر دائمة حتى أن وكالات التصنيف حذرت من حمل ديونها.
يقول بالمر، وهو جالس في زاوية مكتبه في مقر أستون في وورويكشاير: “إنها علامة تجارية عظيمة ولديها كمية كبيرة من الفرص، لكن من ناحية أخرى، أصبح لديها كمية كبيرة من المشكلات الكامنة في الحال التي هي عليه اليوم”. ويتابع: “كانت الشركة تدور حول حلقة الوفرة والندرة طوال تاريخها”.
ويتعين على بالمر أن يكشف النقاب عما سيكون عليه مستقبل الشركة المصنعة البالغة من العمر 102 عام. ويدعو هذا المستقبل لمصلحة خطة جديدة لصناعة السيارات في القرن الـ21.
في الوقت نفسه، الأجهزة المنظمة تضيق الخناق بشأن الانبعاثات بشكل لم يسبق له مثيل. والعملاء الذين يستخدمون الهاتف الذكي يدعون لمزيد من التواصل وأحدث تكنولوجيا في التحكم الذاتي – على الرغم من أن كثيرا من الشباب ليس لهم دراية بالقيادة. وفي غضون ذلك، المنافسون الجدد يشاهَدون من مرآة الرؤية الخلفية وهم يتحركون: “تِسلا” مع سياراتها الكهربائية المتميزة، و”جوجل” مع سيارتها ذاتية القيادة، وحتى “أبل” مع شيء سري لكنه مهم بالتأكيد.
خطة بالمر الجديدة -التي وافق عليها أصحاب الأسهم الخاصة؛ دار الاستثمار الكويتية وإنفست إندستريال الإيطالية- ترى أستون وهي تبني “أفضل وأنقى” السيارات الرياضية، لكن ما يسمى منتجات الهالة لجذب العملاء لاثنين من الخطوط الجديدة. وستكون هذه سيارات صالونات فاخرة من النوع الذي يقوده سائق خاص -جزئيا تحت العلامة التجارية التي أعيد إنتاجها، وهي لاجوندا- ومنتج جديد، ربما يكون سيارة الاستخدامات الرياضية “سوفت رودر” (التي تجمع بين شكل سيارة الصالون والسيارة الرياضية)، وهي تستهدف الأمهات الغنيات في الأسواق الناشئة والمشترين الأصغر سنا.
يقول بالمر، وهو شخص مستقيم وصادق، على الرغم من ارتدائه قميصا ورديا لامعا وربطة عنق أرجوانية: “السيارات الرياضية في الواقع مثيرة للاهتمام فعلا، وهي جزء رئيس مما هي عليه الشركة”. ويضيف: “ومع ذلك، تحتاج إلى التوسع في الحديث عن ذلك مع العملاء الصينيين، أو عملاء الشرق الأقصى، أو الأهم من ذلك، الزبونات أو الجيل الأصغر سنا من الزبائن، الذين لا يرون بالضرورة السيارة الرياضية بالطريقة نفسها التي يراها جيلي”.
تلك الأفكار الكبيرة تتناقض مع واقع تشغيل شركة سيارات صغيرة مستقلة. أستون التي كانت جزءا من مجموعة بريمير أوتوموتيف، التابعة لشركة فورد حتى عام 2007، هي اليوم سمكة صغيرة نسبيا. لقد كانت تقاتل فقط لتجديد مختلف منتجاتها والحفاظ على اهتمام الزبائن في عالم حيث تطوير تقنيات جديدة يكلف المليارات ويتم دعم المنافسين من قبل المحسنين الأغنياء.
بنتلي، مثلا، التي من المتوقع أن تكشف النقاب في جنيف عن سيارة ذات مقعدين تنافس أستون بقوة، مملوكة لمجموعة فولكسفاجن. وقد أنفقت مجموعة صناعة السيارات الألمانية العام الماضي 13.5 مليار دولار على البحث والتطوير، أي أكثر من أي شركة أخرى في العالم – بما في ذلك “سامسونج” و”جوجل” و”مايكروسوفت”.
وكل من رولز رويس ومازيراتي ولامبورجيني وفيراري لديها راع صناعي غني. ووفقا لستاندرد آند بورز، سجلت أستون خسارة قبل الضرائب بلغت 25 مليون جنيه استرليني في عام 2013 وكانت تحمل ديونا معدلة تبلغ 424 مليون جنيه استرليني في نهاية أيلول (سبتمبر). وخفضت وكالة التصنيف الشهر الماضي تصنيفها الائتماني طويل الأجل إلى B-، مشيرة إلى خطر أن الشركة “لن تكون لديها سيولة كافية” خلال العام المقبل لتمويل إنفاقها بالكامل.
ويعترف بالمر بحجم التحدي، لكنه يقول من الخطأ أن نرى أستون باعتبارها شركة صناعة سيارات تخوض المعركة وحيدة. ويقول: “أنا لا أعتقد أنها شركة قائمة بذاتها، لكن قد تكون مع شخص محسن غني”. الداعم المالي لأستون هو ديملر، المساهمة بنسبة 5 في المائة. وبموجب اتفاق وقع في تموز (يوليو) 2013، ستتقاسم الشركتان محركات إيه إم جي التابعة لشركة صناعة السيارات الألمانية وخبرتها الفنية في “العمارة الإلكترونية” التي تقدم لأستون أي شيء ابتداء من مفاتيح ضبط التدفئة إلى أنظمة الترفيه.
ويضيف بالمر: “لقد حاولنا أن نجد لأنفسنا مكانا وهو أمر بالكاد يمكن أن يحدث اليوم. يمكنك الحصول على خفة الحركة والاستقلالية، لكن الوصول إلى التكنولوجيا يتطلب كميات هائلة من المبيعات وكميات هائلة من البحث والتطوير”.
وأثار التعاون تكهنات بأن ديملر يمكن أن تستحوذ على العلامة البريطانية، على الرغم من أن رئيسها التنفيذي، ديتر زيتشه، استبعد علنا أي تحرك وشيك. ويقول بالمر: “إذا تمكنا من إنجاح هذا الأمر، وأعتقد أن ذلك في مقدورنا، سنحصل على أفضل ما في العالمين”. ويضيف: “إننا نبقي على خبرتنا في تكنولوجيا السيارات الرياضية (…) لكن يمكننا استيراد التقنيات التي يجدها جيل الشباب الأصغر مهمة”.
وكانت صفقة ديملر عاملا كبيرا في قرار بالمر القدوم إلى أستون، التي بقيت بدون رئيس تنفيذي لمدة عام تقريبا، قبل أن يبدأ العمل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وكانت بذلك العودة للوطن، وإلى المنطقة التي كان فيها متدربا يبلغ من العمر 16 عاما في منتجات السيارات في وست ميدلاندز. واستمر في العمل في أوستن روفر قبل بدء 23 سنة قضاها في نيسان.
وارتقى بالمر إلى منصب كبير إداريي التخطيط في شركة صناعة السيارات اليابانية، وأشرف على منتجات مثل سيارة قاشقاي الصغيرة للاستخدامات الرياضية، وجوك – هاتشباك المعززة التي تعتبر جذابة للسائقين الشباب – وليف، التي هي الآن السيارة الكهربائية الخالصة الأكثر مبيعا في التاريخ. لكنه مثل كارلوس تافاريس -الذي يشغل الآن منصب الرئيس التنفيذي لشركة بيجو سيتروين، ويوهان دي نستشن في كاديلاك، وجد بالمر المسار إلى الأعلى مسدودا في نيسان. غصن الذي ظل يدير نيسان لمدة عقد ونصف عقد، يريد أن يكون خليفته يابانيا.
هنا يأتي دور أستون. عودة بالمر إلى المملكة المتحدة تجيء مع تمتع صناعة السيارات في البلاد بالصحة والعافية. فبعد مرور عقد على انهيار إم جي روفر، ارتفع إنتاج بريطانيا من أقل من مليون مركبة في عام 2009 إلى أكثر من 1.5 مليون مركبة في العام الماضي، مدعوما بنجاح نيسان في منطقة سندرلاند، وجاكوار لاند روفر المملوكة لمجموعة هندية. ويقول محللون إن الرقم القياسي الذي لم يسبق له مثيل، البالغ 1.9 مليون مركبة، المسجل عام 1972 قبل أن يحل التفكك الصناعي، يمكن أن يتم تجاوزه في غضون عامين.
ويتم تذكير بالمر بذلك النجاح كل صباح خلال سيره إلى مقر أستون في جايدون. هناك 100 أو أكثر من الأقماع المرورية على طول الطريق، وضعت هناك لمنع الجحافل المتزايدة من موظفي جاكوار لاند روفر، العاملين في قاعدة تطوير السيارات المجاورة، من إيقاف سياراتهم في مواقف أستون.
ويقول: “الإدارة المسؤولة عن كل من شركات السيارات هذه هي في نهاية المطاف ليست بريطانية”، مشيرا جزئيا إلى الجار المزعج لأستون. “هل يعد ذلك مشكلة؟ ليس بالضرورة من وجهة نظر استحداث فرص العمل، لأنه طالما أننا نتمتع بكفاءة هائلة في التصنيع، فإن كل ذلك يعد بشرى سارة”.