Site icon IMLebanon

حضور رسمي واسع وشامل في عشاء “حركة الاستقلال” في سيدني.. معوض: إما ينتصر لبنان الحرية وإما تنجر المنطقة للتطرف

أكد رئيس حركة “الإستقلال” ميشال معوض ان لبنان في خطر، وفي خطر جدي. وقال: “لبنان بخطر لأن منطقة الشرق الأوسط بأكملها تغلي، ثمة دول تتغير معالمها وكياناتها وأنظمتها، والحدود تسقط: بين لبنان وسوريا، بين سوريا والعراق، ومن إيران للعراق تسقط الحدود، من الأردن إلى سوريا مثلما من تركيا إلى سوريا تسقط الحدود أيضا”.

معوض، وفي كلمة خلال عشاء “حركة الاستقلال” السنوي الثالث في سيدني- أستراليا، رأى أن لبنان في خطر لأن التطرف والإرهاب ينموان بشكل غير مسبوق، ولأن الإرهابيين أصبحوا يذبحون البشر مثل الخراف، وهذا الإرهاب يكفر كل واحد لا يشبهه، ولبنان لا يمكن ان يشبهه.

واضاف: “لبنان بخطر لأن ثمة فريقا من المفترض أن يكون لبنانيا، لكنه فضل انتماءه لإيران على هويته اللبنانية، فريق قرر أن يكون ميليشيا إيرانية عابرة للحدود تنفذ أجندة الحرس الثوري على ضفاف المتوسط”، لافتا الى أن “حزب الله” حوّل لبنان الى مجرد ساحة من ساحات الجبهة المفتوحة من إيران إلى لبنان، على حساب الكيان اللبناني والحدود والسيادة والدولة اللبنانية، وعلى حساب لقمة عيشنا واستقرارنا واقتصادنا ونظامنا الديمقراطي.

وتابع معوض: “نعم “حزب الله” يخوض، كل يوم بذريعة مختلفة، معارك في سوريا وفي العراق وفي اليمن والبحرين، وينفذ عمليات أمنية ومالية تمتد من أميركا الجنوبية، مرورا ببلغاريا وصولا إلى أستراليا فهم يخوضون معاركهم وكل لبنان يدفع الفاتورة”.

واعتبر أن البلاد في خطر لأنه هناك نظامين على حدوده أطماعهم لا تنتهي فيه، وقال: “من جهة، هناك إسرائيل تنتهك سيادتنا واجواءنا ومياهنا وتشكل خطرا دائما علينا. ومن جهة ثانية، ثمة نظام إرهابي ديكتاتوري ارتكب الجرائم بحق شعبنا، مثلما يرتكب اليوم بحق شعبه”.

واكد معوض ان لبنان في خطر أيضا لأن دولته مفككة، ومؤسساته الدستورية ضربها الفراغ وليس لديه المناعة الكافية ليواجه!، وقال: “لبنان بخطر لأنه بلد بلا رأس، وليس قادرا أن ينتخب رئيسا جديدا للجمهورية. ويبدو أن البعض يصر على أن يأخذنا إلى أزمة نظام ليضرب “الطائف” والمناصفة ويحقق مشاريعه الخاصة”.

وأضاف: “لبنان بخطر لأن حكومته عاجزة عن تنظيم انتخابات نيابية، ومجلس النواب يمدد لنفسه مرة بعد مرة، وهذا الواقع يهدد ديمقراطيتنا بشكل مباشر ويهدد نظامنا البرلماني الحر. لبنان بخطر أيضا لأن شعبنا يفقد مرة بعد مرة إيمانه بوطنه وبإمكانيته على العيش بكرامة فيه وبقدرته على المحاسبة والنضال والتغيير… وهذا هو الخطر الأكبر”.

ولفت معوض الى أنها ليست المرة الأولى التي يكون فيها لبنان في خطر، معتبرًا أنه عبر التاريخ لبنان تخطى مخاطر أكبر، وفي كل مرة كان يخرج منتصرا وأقوى. واليوم لبنان بخطر، ولكن لن نسمح أبدا بسقوطه، مضيفًا “هذه الأرض التي تبلغ مساحتها 10452 كيلومتر مربع، هي كل كرامتنا وعنفواننا، هذه أرضنا وهويتنا، وعلى هذه الأرض استشهد آباؤنا وسقوها من دمهم الغالي، ونحن لم نعتد أن نفرط بدم شهدائنا”.

ورأى “اننا لسنا امام خيارين، أمامنا خيار واحد هو الصمود والمواجهة، والسؤال الكبير هو: كيف نواجه كل هذه المخاطر التي تحيطنا من الخارج والداخل؟”، مضيفًا “المواجهة اليوم هي بالعودة الى الثوابت التي يقوم عليها وطننا، والتي من دونها لا وجود للبنان”، لافتا الى أنه “حان الوقت لنعود كلنا إلى للثوابت يدا بيد، حان الوقت لنخرج من انقساماتنا ومن أحقادنا ومن دفاتر الماضي. لا يمكن أن نبقى غارقين بمشاكل الماضي مهما كانت صعبة وأليمة. كلنا دفعنا أثمانا وبات لزاما أن ننظر الى الغد، من أجلنا ومن اجل اولادنا ومن أجل لبنان”.

واضاف معوض: “لبنان لنا جميعا ونريد العيش فيه سويا، ويجب ان تكون التجارب علمتنا ان لا أحد يستطيع أن يلغي الآخر. لذلك دعونا نسترجع كلام الرئيس رينيه معوض منذ 25 سنة، عندما دعانا “لنتبصر في أوضاعنا ونحلل أسباب مأساتنا ونحدد مسؤولياتنا. لنتمعن في ما تسبب به خلافنا وانقسامنا وصراعات النفوذ، ومضاربات السلطة والمواقف الفئوية، وطفرة الغرائز وفورة التعصب وتفجير الأحقاد وتهدم المؤسسات”.

وتابع: “نعم، حان الوقت لنجدد جميعنا إيماننا بلبنان ونعود إلى الثوابت التي قام عليها وطننا. العودة الى الثوابت يعني العودة الى الصيغة اللبنانية، الى العيش المشترك والى المناصفة والشراكة التي ثبتها الطائف. طفح الكيل من ان تنفرد كل طائفة بمغامرات جنونية. طفح الكيل من أن يفتح كل واحد على حسابه. دروس التاريخ علمتنا أن أي طائفة لا تستطيع أن تحمي نفسها بمعزل عن الآخرين، ولا تستطيع أي طائفة أن تلغي الآخرين أو تدعي حمايتهم. لبنان وحده يحمينا”.

 

واشار معوض الى ان العودة للثوابت يعني العودة للدولة والمؤسسات، ولن يكون هناك دولة من دون الالتزام بدستور واحد، بمؤسسات واحدة وبسلاح واحد. لماذا أستراليا التي تضم نحو 200 اتنية جاؤوا من كل أنحاء العالم، يعيش شعبها بأمان وبحرية وبحبوحة؟ لأن في أستراليا دولة فعلية. هذا يعني أن الدولة لا تبنى بجيشين، والأمن لا نستطيع ان نخصصه، لا دفاعا عن الجنوب، ولا لحماية نفطنا وغازنا الموعودين، ولا في مواجهة الإرهاب”.

وقال: “المؤسسات الأمنية الشرعية وحدها مسؤولة عن أمننا وليس أي احد آخر، والجيش والقوى الأمنية الشرعية برهنوا أنهم هم من استطاعوا ان يحموا الضاحية وليس الأمن الذاتي، وهم من استطاعوا أن يحموا الحدود الشرقية اليوم وليس أي أحد آخر… تحية للجيش اللبناني ولكل القوى الأمنية الشرعية اللبنانية”.

وكرر معوض ان الدولة لا تقوم الا بدستور واحد ومؤسسات واحدة وسلاح واحد، مضيفًا “لا تبنى دولة من دون رأس ومن دون رئيس جمهورية. لا يقوم بلد من دون رئيس جمهورية، فبناء الدولة والمؤسسات يبدأ من فوق، وتحديدا من رئاسة الجمهورية التي تشكل صمام أمان لانتظام عمل المؤسسات والحياة الدستورية والسياسية في لبنان. يكفي مناورات وتذاك واجتهادات، وليتفضل كل النواب الى المجلس ويقوموا بواجباتهم وينتخبوا رئيسا”.

وتابع: “نعم، لا يوجد دولة ومؤسسات من دون رئيس جمهورية، ولا مؤسسات من دون احترام المواعيد الدستورية ومن دون انتخابات نيابية، وبتمديد يليه تمديد. هذا الواقع سيؤدي الى انهيار النظام اللبناني على رؤوسنا جميعا .ولا يظنن احد أنه يمكن أن يخرج منتصرا”.

ورأى معوض ان العودة الى الثوابت تعني نسج علاقات جدية بين لبنان المغترب ولبنان المقيم، علاقات تكون عبر اشراك المغتربين بصياغة القرار الوطني اللبناني وعدم التلاعب بحقهم بالمشاركة بالانتخابات النيابية، وأيضا عبر تفعيل استثمار لبنان المغترب بأرض لبنان وبالانسان اللبناني وبالاقتصاد اللبناني، للحفاظ على الأرض وتأمين صمود اللبنانيين بالداخل والمساهمة بتطوير وتحديث البنية الاقتصادية الاجتماعية، حتى يستطيع اللبناني أن ينجح في لبنان كما ينجح في العالم كله”.

وقال: “العودة الى الثوابت تعني العودة الى الاستقرار والالتزام بإعلان بعبدا لتحييد لبنان عن كل صراعات المنطقة. الخروج عن إعلان بعبدا يعني التنكر للبنانيتنا والمساهمة بتحويل لبنان الى ساحة من ساحات صراع المنطقة. ويعني أيضا استجلاب الحروب والإرهاب إلى قلب لبنان وتحويله ساحة للعمليات الانتحارية والسيارات المفخخة والمعارك مع الجيش وخطف العسكريين”.

واضاف معوض: “العودة الى الثوابت تعني محاربة الإرهاب أينما كان. لا يوجد إرهاب “بسمنة وإرهاب بزيت”. الإرهاب إرهاب سواء كان سنيا أو شيعيا أو مسيحيا. ذبح الناس وحرقهم وجلدهم إرهاب. وإبادة الناس بالأسلحة الكيماوية وبالبراميل المتفجرة هو أيضا إرهاب. وأيضا الاغتيال السياسي هو إرهاب. وعدم تسليم المتهمين للمحكمة الدولية أو للمحاكم اللبنانية هو حماية لإرهابيين وشراكة بالإرهاب. حمل السلاح خارج إطار الدولة هو إرهاب وترهيب للمواطنين، وإرسال مقاتلين الى دول أخرى هو إرهاب.

 

وأستراليا مثلا مثلما تعرفون تسحب جنسية أي مواطن يذهب ليقاتل في الخارج وتعتقله إذا عاد… وهكذا تفعل كل الدول التي تحترم نفسها”.

وأعلن “ان المسيحيين في الشرق الأوسط وأفريقيا، في سوريا وفي العراق، في ليبيا ونيجيريا، يقعون ضحية الإرهاب. نحنا كمسيحيين مشرقيين ليست المرة الأولى التي نستهدف فيها. من يراجع تاريخنا يعرف أن المسيحيين في المنطقة عانوا كثيرا، لكن لم يستسلموا يوما. ومن يراجع تاريخنا يعرف أن مسيحيي لبنان كانوا وسيبقون صمام الأمان لمسيحيي الشرق الأوسط. المسيحيون يتعرضون للاضطهاد صحيح، ولكن الإرهاب والإرهابيين لا يعتدون على المسيحيين فقط، بل يعتدون على المسيحيين والمسلمين. وإذا كانوا يقتلون مئة مسيحي، فهم يقتلون ألف وعشرة آلاف مسلم. الإرهاب يستهدف المسلم قبل المسيحي لأنه يكفر المسلم قبل المسيحي. الإرهاب يستهدفنا جميعنا مهما كانت طوائفنا. الإرهاب يستهدف حقنا بالحياة. يستهدف مبدأ الحياة وقدسية الحياة والحرية التي أعطانا الله إياها، ولن نسمح لأحد أن يحرمنا منها. الإرهاب يستهدف حقنا بالنمو والإزدهار. حقنا بحرية الإيمان والاختيار”.

وقال معوض: “من يريد أن يحارب الإرهاب حقيقة، لا يستطيع أن يستنكر عندما تذبح “داعش” مسيحيين في سوريا أو في العراق، ويعتبر نفسه غير معني عندما تذبح “داعش” المسلمين، أو عندما يقتل بشار الأسد الآلاف بالأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة. الإرهاب لا نستطيع مواجهته لا بخلفية طائفية ولا بخلفية مذهبية، ولا بالدعوة لتحالف الأقليات… أساسا هذه النظرية كارثية وسقطت بكل التجارب العملية. الإرهاب لا نستطيع مواجهته بإرهاب مضاد أو بأنظمة ديكتاتورية. جرائم نظام الأسد غزت قيام داعش وتغذي استمرارها، ووجود “داعش” يسلح بشار الأسد بحجة ليبرر بقاءه بالسلطة. الارهاب لا نستطيع مواجهته بارهاب مضاد، والإرهاب لا نستطيع محاربته وننتصر عليه بعمليات عسكرية فقط، سواء بقصف جوي أو حتى بعمليات برية محدودة. العمل العسكري أساسي لكن لا يكفي وحده”، مؤكدا انه “يجب أن يترافق مع مواجهة فكرية وسياسية”.

واضاف: “المعركة في وجه الإرهاب ليست بين أكثريات وأقليات. المعركة ليست بين مسلمين ومسيحيين. المعركة ليست بين سنة وشيعة. المعركة هي بين الإرهاب والتطرف من جهة، والحرية والاعتدال من جهة ثانية. المعركة هي بين سيطرة حكم الميليشيات وانتشار الحروب المذهبية والفوضى، وبين قيام دول تحمي القانون والديمقراطية والتعددية. وهذه المعركة لا يمكن الانتصار فيها إلا بنسج شبكة اعتدال بين المسلمين والمسيحيين يحميها قيام دول تعددية بمؤسسات فعلية. المعركة لا يمكن ربحها إلا بالتزام جدي من المجتمع الدولي الذي وصل إليه الإرهاب كما حصل في كندا والولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا. وهذا يؤكد أن الإرهاب مثل السرطان عندما يتفشى لا يرحم أحدا”.

وتابع معوض: “لو التزم المجتمع الدولي جديا مع الشعب السوري ومع ثورته السلمية في وجه اجرام نظام بشار الاسد، لما كانت خلقت “داعش” ولما وصلنا إلى هنا. نعم الإرهاب لا نستطيع محاربته إلا يدا بيد نحن وشركاؤنا المسلمون المعتدلون عبر نسج شبكات الاعتدال على امتداد لبنان والعالم العربي”.

واكد اننا “اليوم كلنا مهددون، مسيحيين ومسلمين. في هذه المعركة إما تنتصر الحرية والاعتدال، وإما نخسر جميعا في وجه الإرهاب والتطرف، أو تنتصر إرادة الحياة وحب الحياة أو تنتصر لغة القتل والدم والذبح. إما ننتصر جميعنا للتعددية والتنوع وإما نذهب ضحية التكفير ورفض الآخر. إما ننتصر لحضارتنا وتاريخنا وثقافتنا، وإما نخسر وندخل على عصر تدمير الحضارات مثل ما حصل في العراق وحلب. إما ننتصر لمنطق حقوق الانسان وحقوق المرأة، ونحن نحيي اليوم العالمي للمرأة، وإما سنبقى نسمع بأخبار من القرون الوسطى عن سبي النساء وبيعهن في سوق النخاسة”.

وختم معوض: “في الخلاصة، إما تنتصر فكرة لبنان وتتعمم، لبنان الحرية والعيش المشترك والتعدد والتنوع والحريات، لبنان الاستقرار والنمو والحداثة، لبنان الرسالة كما وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وإما أن تنجر المنطقة كلها للتطرف والإرهاب وتتحول إلى ساحة صراعات مذهبية مفتوحة عابرة للحدود والكيانات. وعندها العالم كله سيكون أمام خطر جدي اسمه صراع الحضارات. قرارنا البقاء والمواجهة، ولن نستطيع أن نواجه وننتصر إلا عندما نكون نحن والاعتدال أكثرية”.