عصام شلهوب
القطاع العقاري في لبنان في حالة جيدة نسبياً على عكس باقي قطاعات الاقتصاد، التي تأثرت كثيراً بالوضع الأمني والسياسي الذي يشهده لبنان والمنطقة. ومع ذلك يجمع خبراء العقار علىان هذا القطاع مؤهل للانطلاق مجدداً على الرغم من التحديات التي يواجهها.
وتترقب سوق العقارات الضوء الأخضر السياسي تحديداً، باعتبار ان الوضع الأمني الداخلي ممسوك.. وهذا الانتظار لا يزال قيد المراقبة في أوساط المستثمرين في لبنان والخارج.
ويتوقع المعنيون بأن يشهد القطاع العقاري تحسناً، إذا ما سمحت التحولات السياسية الداخلية بنقل البلد من مرحلة الاضطراب السياسي إلى مرحلة سلوك المواضيع الدستورية طريقها الصحيح. وتعتبر خطة مصرف لبنان التي نفذت سابقاً، والمستمرة حتى اليوم لاقراض المصارف مبالغ تعدت قيمتها المليار دولار وباسعار فائدة منخفضة، من أبرز العوامل المساهمة في صمود القطاع العقاري والسكني.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي «ان القطاع العقاري لم يتأثر كثيراً بالوضع العام، لأن القروض المصرفية متوفرة وأسعار الشقق مقبولة وقابلة للتفاوض». ولفت إلى ان بعض المناطق حافظت على أسعار عقاراتها، وأن مالكي العقارات ذات المواصفات العالية لا يفكرون في بيعها بل في استثمارها.
ويربط المطورون العقاريون ارتفاع الأسعار في هذا القطاع باجراء انتخابات رئاسية في لبنان، وتسير حركة السوق وانفراج الملف النفطي. ويؤكد معظمهم انه في حال البت بأي من هذه العوامل، فسيأتي ذلك على حساب الطبقة المتوسطة أو دون الوسط لأن ميسوري الحال يشترون في كل الأحوال.
وعلى الرغم من هذا الانتظار اليوم للمسار الدستوري والسياسي والنفطي، فإن مؤشرات بداية عامة 2015 ليست مشجعة فقد بينت إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية تراجعاً في أداء القطاع العقاري خلال شهر كانون الثاني من العام 2015. بحيث انخفض عدد المعاملات العقارية إلى 3.551 معاملة في كانون الثاني 2015، مقارنة مع 7.141 معاملة في شهر كانون الأوّل من العام 2014، ويأتي هذا التراجع بالاخص في ظل تهافت المستثمرين لتسجيل عقاراتهم في الشهر الاخير من العام خوفاً من ارتفاع قيمتها التأجيرية وبذلك رسوم التسجيل في العام الحالي.
وأظهرت الإحصاءات انه على الصعيد العام السنوي، فقد تراجع عدد المعاملات العقارية بنسبة 22.01٪ من 4.553 معاملة في شهر كانون الثاني من العام 2014، كذلك انخفضت قيمة المعاملات العقارية خلال شهر كانون الثاني 2015 إلى 524.83 مليون دولار، مقابل 903.13 مليون دولار في شهر كانون الأوّل من عام 2014.
حبيقة
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة «ان سبب جمود العقارات وتراجع مبيعاتها يعود إلى ضعف الطلب، لأن الأسعار غالية نسبياً للقدرة الشرائية، وبالتالي اللبناني لا يشتري، بالماضي كان الاتكال على المغتربين اللبنانيين والعرب الذين بمعظمهم اشتروا في السابق، واليوم يتجهون إلى اليونان واسبانيا وقبرص، حيث الشقق السكنية والعقارات ارخص من لبنان.
ورأى انه يجب تخفيض أسعار الشقق لتعزيز البيع، ومن يرفض تخفيض اسعاره اليوم سيضطر إلى ذلك في المستقبل، ومع استمرار الشغور ستنخفض الأسعار أكثر.
والاحوال المعاشة اليوم في لبنان منعت من أن تكون عمليات الشراء والتملك جيدة، فأتت النتائج بحسب أرقام مديرية الشؤون العقارية سلبية بعض الشيء، إذ بلغت قيمة المعاملات العقارية خلال شهر كانون الثاني 2015 إلى 524.83 مليون دولار، مقابل 903.13 مليون دولار في شهر كانون الأول من العام 2014. غير أن قيمة الصفقات العقارية سجلت زيادة سنوية بنسبة 9.34٪ من 1.48 مليار دولار في شهر كانون الثاني.
ومن جراء ذلك ارتفعت قيمة الصفقة العقارية الواحدة بشكل ملحوظ إلى 147.797 دولار أميركي في شهر كانون الثاني من العام 2015 من 105.510 دولار أميركي في الشهر نفسه من العام السابق.
حصة الأجانب
هذه المؤشرات أظهرت أن حصة الاجانب من عمليات المبيع العقارية قد زادت إلى 2.01٪ خلال شهر كانون الثاني من العام 2015 من 1.69٪ في نهاية العام 2014. ويرد الخبراء ارتفاع هذه الحصة إلى تهافت هؤلاء على تسجيل عقاراتهم خوفاً من ارتفاع قيمتها التأجيرية وبذلك رسوم التسجيل، بعد الحملة ا لتي قام بها وزير المالية لضبط عمليات التخمين العقاري… والباقي معروف.
التوزيع الجغرافي
وتشير مصادر السجلات العقارية إلى أن التوزع الجغرافي للمبيعات العقارية الاجمالية بحسب المساحات المسجلة أن منطقة بيروت استأثرت بتحسن متوسط قيمة المعاملة العقارية الواحدة وزادت إلى 945.861 دولار اميركي في كانون الثاني من 567.233 دولار اميركي في نهاية العام 2014.
وتحسنت قيمة المعاملة العقارية في منطقة المتن إلى 213.735 دولاراً من 210.955 دولاراً ف نهاية 2014.غير أن هذه الاحصاءات بينت أن متوسط قيمة المعاملة العقارية في منطقة كسروان تراجعت في نفس الفترة إلى 128.920 دولاراً من 139.612 دولاراً.
نقابة المهندسين
وفي ما خص حركة البناء فقد سجلت مساحة رخص البناء الممنوحة ازدياداً بنسبة 4.8٪ في الفترة ذاتها، قياساً مع السنوات السابقة المسجلة في الأعوام 2013 و2012.
وردت النقابة أسباب ذلك إلى الحركة الطبيعية التي يعيشها القطاع العقاري بعيداً عما يسمى «الطفرة» التي حدثت في السنوات السابقة… خصوصاً وأن المستثمرين ينتظرون جلاء الأوضاع السياسية المحلية لمعاودة تحركهم.
العوامل المشجعة
ويتلخص العوامل السابقة الخاصة بالسوق العقاري اللبنانية مع النظريات الاقتصادية المتنوعة، فإن العوامل برمتها تصب في مصلحة العقار باجتذابها السيولة مع تراجع مساحات الأراضي المعدة للعرض، ومع الإجراءات المتخذة من قبل مصرف لبنان تشجيع القروض الاسكانية، ومع استعداد مؤسسة الاسكان إلى دفع كامل مستحقاتها للمصارف المحلية، خصوصاً وأن المؤسسة تقدّم أكثر من 90٪ من قروض لمتوسطي الدخل، فإن ذلك يعني حراكاً مهماً للقطاع العقاري قد يكون مفاجأة للجميع.