Site icon IMLebanon

بعد تراجع حركة مرفأ بيروت بنسبة 20 في المئة…ما هي آفاق المستقبل؟

BeirutPort3

جوزف فرح

تساءل رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور عن إمكانية استمرار مرفأ بيروت في تحقيق النتائج الجيدة بحركته الاجمالية ووارداته المالية، في ظل تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية وتدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، واستمرار المعارك المستعرة في سوريا منذ أكثر من 4 سنوات. وأبدى تخوفه من أن يكون تراجع حركة مرفأ بيروت في كانون الثاني من العام الحالي، عما كانت عليه في الشهر ذاته (كانون الثاني) من العام الماضي، مؤشرا على بدء العد العكسي في هذا المرفق البحري الخدماتي الأهم في لبنان، آملا أن يكون مؤقتا واستثنائيا، نتيجة للأحوال الجوية السيئة التي ضربت لبنان خلال شهر كانون الثاني وأدت الى عدم وصول البواخر الى مرفأ بيروت في مواعيدها المحددة. وتحدث زخور عن قرار وزير المال علي حسن خليل بتعليق العمل بالخط الاخضر في مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري، واعتماد فقط الخط الاحمر الذي يفرض الكشف الجمركي على كافة البضائع والمستوعبات دون استثناء، فأشار الى أن هذا القرار أتى بعد أن طفح كيل الوزير الذي لمس أن كافة الاجراءات والتدابير التي اتخذت لوقف التهريب والغش والفساد لم تؤد الى أية نتيجة.
ـ تراجع حركة مرفأ بيروت ـ
تصريح رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور لـ«الديار» جاء في سياق تعليقه على نتائج مرفأ بيروت خلال شهر كانون الثاني من العام الحالي، مقارنة مع تلك المسجلة في الشهر ذاته من العام الماضي، فأشار الى أن هذه النتائج أظهرت أن حركة المرفأ الاجمالية ووارداته المالية جاءت أدنى مما كانت عليه في كانون الثاني2014 . وتساءل عن إمكانية استمرار هذا المرفق البحري الخدماتي الأهم الذي يعتبر البوابة الرئيسية لتجارة لبنان مع العالم الخارجي، المحافظة على النشاط الجيد الذي كان حققه خلال الاعوام الأربعة المنصرمة، رغم الأحداث الأمنية والأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد واستمرار الحرب في سوريا. وأمل أن يكون هذا التراجع استثنائيا وعائدا الى سوء الاحوال الجوية التي شهدها كانون الثاني الماضي، مما أدى الى تراجع دراماتيكي بعدد البواخر التي وصلت المرفأ، عما كان عليه في شهر كانون الاول وكانون الثاني من العام الماضي.
وأوضح زخور أن المقارنة أظهرت أن عدد البواخر في كانون الثاني 2015، بلغ 133 باخرة مقابل 166 باخرة في الشهر ذاته من العام 2014، أي بانخفاض ملموس قدره 33 باخرة ونسبته 20 في المئة.
وانسحب هذا الانخفاض أيضا على الوزن الاجمالي للبضائع المستوردة والمصدرة فبلغ 575 ألف طن مقابل 702 ألف طن، أي بتراجع كبير قدره 127 ألف طن ونسبته 18 في المئة. وتوزع هذا الوزن الاجمالي البالغ 575 ألف طن في كانون الثاني 2015، كالآتي:
البضائع المستوردة برسم الاستهلاك المحلي: بلغ وزنها 520 ألف طن مقابل 636 ألف طن، أي بانخفاض قدره 116 ألف طن ونسبته 18 في المئة.
البضائع اللبنانية المصدرة: بلغ وزنها 55 ألف طن مقابل 66 ألف طن، أي بتراجع قدره 11 ألف طن ونسبته 17 في المئة.
وتابع زخور قائلا: أن مجموع الحاويات التي تعامل معها مرفأ بيروت سجل تراجعا كبيرا عما كان في الشهر ذاته (كانون الثاني) من العام 2014، فقد تداول المرفأ 83770 حاوية نمطية مقابل 91018 حاوية، أي بانخفاض قدره 7248 حاوية نمطية ونسبته 8 في المئة.
وانعكس تراجع مجموع الحاويات على حركة الحاويات المستوردة برسم الاستهلاك المحلي التي بلغ عددها 26717 حاوية نمطية مقابل 28731 حاوية، أي بانخفاض قدره 2014 حاوية نمطية ونسبته 7 في المئة. كما تراجع عدد الحاويات برسم المسافنة الى 28907 حاوية نمطية مقابل 33715 حاوية، أي بانخفاض قدره 4808 حاوية نمطية ونسبته 14 في المئة. في حين ارتفع عدد الحاويات المصدرة ملأى ببضائع لبنانية الى 4661 حاوية نمطية مقابل 4302 حاوية، أي بزيادة قدرها 359 حاوية نمطية ونسبتها 8 في المئة.
وانخفض أيضا عدد السيارات المستوردة والمعاد تصديرها بحرا فبلغ 6583 سيارة مقابل 9092 سيارة، أي بتراجع قدره 2509 سيارات ونسبته 28 في المئة.
ـ انخفاض المجموع العام للواردات ـ
وانعكس تراجع حركة مرفأ بيروت الاجمالية في كانون الثاني 2015، سلبا على المجموع العام للواردات المالية التي بلغت 202.308 مليون دولار مقابل 224.813 مليون دولار في الشهر ذاته من العام 2014، أي بانخفاض قدره 22.505 مليون دولار ونسبته 10 في المئة.
وتوزع هذا المجموع البالغ 202.308 مليون دولار في كانون الثاني 2015، كالآتي:
الواردات المرفئية: بلغت 16.007 مليون دولار مقابل 18.496 مليون دولار، أي بتراجع قدره 2.489 مليون دولار ونسبته 13 في المئة.
الواردات الجمركية: بلغت 103.053 مليون دولار مقابل 106.765 مليون دولار، أي بانخفاض قدره 3.712 مليون دولار ونسبته 3 في المئة.
واردات الضريبة على القيمة المضافة (VAT): بلغت 81.909 مليون دولار مقابل 98.293 مليون دولار، أي بتراجع قدره 16.384 مليون دولار ونسبته 17 في المئة.
واردات رئاسة الميناء: بلغت 1.339 مليون دولار مقابل 1.259 مليون دولار، أي بتحسن قدره 80 ألف دولار ونسبته 6 في المئة.
وأعرب زخور رداً على سؤال عن تخوفه من أن يؤدي تفاقم الازمات السياسية وتدهور الاوضاع الامنية الى استمرار تراجع حركة مرفأ بيروت خلال العام 2015، بعد أن حقق أرقاما قياسية خلال الاعوام الاربعة المنصرمة، لا سيما على صعيد حركة الحاويات التي جعلته أن يكون في قائمة المرافئ المئة الاولى في العالم التي تتعامل مع أكثر من مليون حاوية نمطية سنويا.
ـ ردم الحوض الرابع ـ
وحول تجميد أعمال ردم الحوض الرابع لاستحداث مكانه رصيف جديد متعدد الاستعمال، بسبب الاضراب المفتوح الذي كانت أعلنته نقابة مالكي الشاحنات العمومية في مرفأ بيروت، أوضح زخور أن مشاريع التطوير والتوسيع والتجهيز يجب أن تتواصل في المرفأ ليكون دائما مؤهلا لتقديم أفضل الخدمات للبواخر التي تؤمه، ولتعزيز الدور المحوري الذي أصبح يلعبه على صعيد عمليات المسافنة التي شهدت ازدهارا كبيرا في العام 2014، حيث فاقت حصتها الـ36 في المئة من مجموع حركة الحاويات التي تعامل معها مرفأ بيروت والبالغ 1.210 مليون حاوية نمطية.
وأضاف: الجميع يعلمون أن مرفأ بيروت أصبح محصورا حاليا بين مجرى نهر بيروت بعد استكمال أعمال التوسيع من الجهة الشمالية في الربع الاخير من العام 2013، ومشاريع «سوليدير» من الجهة الجنوبية، وبالتالي لا بد من زيادة القدرة الاستيعابية للمرفأ لكي يتمكن من استيعاب الارتفاع المتواصل بحركة الحاويات التي لم تكن تتجاوز الـ389 ألف حاوية نمطية في العام 2004 (أي قبل بناء محطة الحاويات) الى 1.117 مليون حاوية نمطية في العام 2013، و 1.210 مليون حاوية نمطية في العام 2014. ومن المتوقع أن تصل هذه الحركة الى 1.306 مليون حاوية نمطية في نهاية العام الحالي، في حال استمرت نسبة النمو (8 في المئة سنويا) على وتيرتها التصاعدية، مما سيؤدي الى تجدد أزمة الازدحام اعتبارا من نهاية العام 2016، لأن القدرة الاستيعابية الحالية للمرفأ لا تفوق الـ 1.350 مليون حاوية نمطية سنويا. ولا أكشف سرا إذا قلت أن شركات ملاحية عدة أعربت عن رغبتها لاعتماد مرفأ بيروت مركزا لعمليات المسافنة نحو مرافئ البلدان المجاورة، أسوة بالشركتين الحاليتين اللتين تعتمدانه حاليا، لكن ادارة المرفأ لم تتجاوب معها خوفا من تجدد الازدحام الذي عانى منه المرفأ قبل استكمال التوسعة الجديدة من الجهة الشمالية واستخدامها في الربع الاخير من العام .2013
وتابع زخور: أن الرصيف الجديد الذي سيبنى مكان الحوض الرابع سيكون قادرا على التعامل مع سفن الحاويات والبضائع العامة والمحملة بالحديد معا، لا سيما التي تفوق حمولتها الـ50 ألف طن لأن غاطسه سيتجاوز الـ15.5 مترا، علما أن في مرفأ بيروت حاليا رصيفا واحدا قادرا على استقبال مثل تلك السفن العملاقة وهو الرصيف رقم 12 الذي يبلغ غاطسه الـ13 مترا، في حين أن غاطس الحوض الرابع لا يتجاوز الـ11.5 مترا، وبالتالي غير قادر على استقبال هذه البواخر. لذلك نأمل أن يتوصل المعنيون الى إيجاد حل لمشكلة الحوض الرابع ليتمكن المرفأ من تثبيت موقعه على خارطة التجارة والشحن العالميتين وتعزيز ميزاته وقدراته التنافسية في شرق المتوسط.
ـ تعليق العمل بالخط الاخضر ـ
وتحدث زخور عن القرار الذي أصدره وزير المالية علي حسن خليل والقاضي بتعليق العمل بالخط الاخضر في مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري واعتماد الخط الاحمر فقط والذي يفرض الكشف الجمركي على كافة أنواع البضائع والمستوعبات دون استثناء، فقال: لا يمكننا لوم الوزير خليل على قراره بعد أن طفح الكيل وتبين له أن كافة الاجراءات والتدابير التي اتخذتها ادارة الجمارك لم تضع حدا لعمليات التهريب والغش والفساد والتلاعب بأنواع البضائع، وذلك من أجل التهرب من تسديد الرسوم الجمركية المتوجبة عنها. هذا الوضع غير الطبيعي دفع الوزير الى تعليق العمل بالخط الاخضر الذي يعفي البضائع والحاويات من الكشف الجمركي ويسهل لها المعاملات الجمركية وتسليم البضائع للمستوردين خلال فترة لا تتجاوز الـ4 أيام. علما أن الهدف من تعليق العمل بالخط الاخضر واعتماد فقط الخط الاحمر هو لوضع حد لعمليات التهريب والفساد والتي تحرم خزينة الدولة من استيفاء الرسوم الجمركية المتوجبة عنها، والتي تفوق مئات الملايين من الدولارات سنويا، ولكنه اعتبر تعليق العمل بالخط الاخضر أخذ بالمستورد الصالح بجريرة الطالح، لأنه ساوى بين القسم الاكبر من المستوردين الذين يحترمون الأنظمة والقوانين، والقسم الصغير منهم الذين سيظلون يمارسون عمليات التهريب والغش ما لم تؤخذ بحقهم عقوبات رادعة. وأشار الى أن هذا القرار رفع المعدل اليومي للمستوعبات المطلوب الكشف الجمركي عليها من حوالي 165 مستوعباً الى أكثر من 410 مستوعبات يوميا، في حين انخفض عدد المستوعبات التي يتم إخراجها من المرفأ الى الداخل اللبناني من 790 مستوعبا يوميا الى 567 مستوعباً حاليا. وأضاف: أن هذا القرار أدى أيضا الى اكتظاظ الحاويات في محطة الحاويات، وبالتالي سيؤدي «الى عدم توفر أماكن لتخزينها ما قد يعيق عمليات تفريغ السفن وبالتالي التأخير في خدماتها» كما جاء في البيان الذي أصدرته ادارة المرفأ مؤخرا. وأوضح زخور أن هذا التأخير في تسليم البضائع سيؤدي أيضا الى زيادة فترة الخزن في المرفأ وسيرتب رسوم خزن إضافية، كما أنه سيكلف المستورد تسديد رسوم تأخير (Demurrage) على عدم تفريغ مستوعباته من البضائع في فترة السماح الممنوحة له من قبل الخطوط البحرية. كما أكد أن كافة الأعباء الاضافية التي سيتكبدها المستورد ستدفعه الى رفع أسعار السلع، وبالتالي تحميلها كالعادة للمستهلك اللبناني.
وأشار زخور أخيرا الى أن رئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد نزار خليل أكد له أن تعليق العمل بالخط الاخضر لن يستمر طويلا، بانتظار اتخاذ اجراءات وتدابير استثنائية اضافية من قبل ادارة الجمارك لوضع حد للتهريب والغش والفساد، وتسهيل تسليم وإخراج البضائع من مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري في آن معا.