لا تعدو بعض المواقف الدولية المتصلة بالوضع الداخلي اللبناني أن تكون تذكيرا باهتمام مفقود يتصل بملفات حيوية اعتاد لبنان، منذ الاستقلال، أن يكون للخارج الرأي المقرر فيها، وأبرزها انتخاب رئيس جمهورية.
ما يؤكد عليه مسؤولون غربيون هو حرص مستمر على إبقاء لبنان ضمن دائرة مقبولة وقابلة للتحمّل، على حلبة محتدمة يطاله شررها منذ اللحظات الأولى لانفجار الساحات العربية. وعليه، فإن أموراً مختلفة تتحكم بالوضع اللبناني وتبقيه قادرا على السير بأقل الاضرار، مانعة أي تطورات دراماتيكية يعجز الواقع الداخلي عن استيعاب مخاطرها.
ويوجز هؤلاء لصحيفة “السفير” هذه “العوامل المانعة للانفجار الكبير” بثلاثة:
ـ وجود سقف أمني لكل شيء، أي ما اصطلح على تسميته مظلة تمنع الانفجار، مع استمرار المناوشات على الحدود الشرقية، من دون حصول تطور كبير يؤثر في عملية إدارة الاستقرار.
ـ الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، وتحديدا «داعش»، فلبنان عضو في هذا التحالف انما «على القطعة»، أي إذا كان هناك أمر يزعج لبنان ولا يقدر على تحمل مسؤولية الانخراط فيه لا يتبناه، أما كل ما يريحه ويصب في مصلحة سيادة منطق الاستقرار فيه فيوافق عليه.
ـ التغطية الدولية للبنان، ففي حال تعرض لهجوم ارهابي كبير بمقدور لبنان ان يطلب المساعدة، وهنا برزت مشكلة مفادها: ممن سيطلب لبنان المساعدة؟ إلا أن التحالف الدولي نفسه أوجد المخرج الملائم، إذ أبلغ لبنان أن لا مشكلة بالمساعدة العسكرية إذا طلبها، ولكن على أن لا تشمل الاراضي السورية، أي شن ضربات جوية أو صاروخية على المجموعات الارهابية المسلحة في الجهة السورية المقابلة للحدود اللبنانية.
يقرّ الغربيون بضرورة التنسيق اللبناني ـ السوري ببعده الامني والعسكري، ويُستدلّ على ذلك من قولهم: «لبنان لا يتواصل مع سوريا علناً، هناك تواصل ضمني، والثابت أن المعارك في القلمون وجرود عرسال ورأس بعلبك لن تنتهي إلا بعمل مشترك لبناني ـ سوري نابع من مصلحة لبنانية مطلقة. لذلك، ستستمر المناوشات إلى حين الاقتناع بالعمل المنسّق ببعده العسكري. وإلى حين تحقيق ذلك، لن يكون هناك تطور ضخم يغيّر المعادلة لمصلحة الارهابيين”.