Site icon IMLebanon

غموض مستقبل اليورو يُرجّح إنهياره

EuroDown1
رنا سعرتي
يبدو ان الدولار الأميركي مستمرّ في تحقيق المكاسب مقابل العملة الأوروبية الموحدة، حيث ان المؤشرات الاوروبية لا تُنذر بمستقبل مشرق لليورو الذي من المتوقع، وفقا لمدير مركز الأبحاث الاقتصادية في جامعة البلمند الأب بول الدويهي، ان يخرق حاجز الدولار الواحد. فقد بدأ البنك المركزي الاوروبي والمصارف المركزية في النظام الاوروبي امس، عملية مكثفة لشراء ديون عامة في الاسواق، في إطار برنامج مخصصّ لتحريك دينامية الاقتصاد في منطقة اليورو ، تبلغ قيمته أكثر من الف مليار يورو، وفق نموذج بنك انكلترا المركزي او الاحتياطي الفدرالي الاميركي. هذه العملية التي أُطلق عليها «التيسير الكمي» ستتم وفقا لوتيرة 60 مليار يورو من المشتريات شهريا، وسيتناول القسم الاكبر منها سندات ديون عامة.

وكانت العملة الأوروبية قد سلكت مسارها الانخفاضي منذ ان أعلن رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي الاسبوع الماضي ان البرنامج سينطلق يوم الاثنين (امس)، فتراجع اليورو الى أدنى مستوياته منذ 11 عاما ليصل أمس الى 1.08 مقابل الدولار.
هذا المسار يدفع المستثمرين للتساؤل حول مستقبل العملة الأوروبية، فهل تشهد مزيدا من التراجع؟

في هذا الاطار، أوضح مدير مركز الأبحاث الاقتصادية في جامعة البلمند الأب بول الدويهي ان هناك عدّة عوامل تفسّر ما يحدث على صعيد اليورو. أوّل تلك العوامل تتمثل بأزمة اليونان التي ما زالت مستمرّة، والتي لا تشير المفاوضات لغاية اليوم الى وجود امكانية للتوصل الى اتفاق. واعتبر الدويهي ان «هناك عملية شدّ حبال اليوم بين الدول الاوروبية واليونان، وهي عامل ضغط سلبي على اليورو».

وقال لـ«الجمهورية»: «اننا نتكلم عن عملة ما زلنا نتساءل إن كانت كلّ مكوّناتها أو كل الدول المستخدمة لها، ستظلّ قائمة في المستقبل. بينما في ما يتعلّق بالدولار الاميركي ليس هناك شكوك ان تنفصل نيويورك او ولاية اخرى عن الولايات المتحدة الاميركية».

واعتبر الدويهي ان هناك أزمة وجودية خطيرة في ما يتعلّق بمنطقة اليورو، وسط احتمال خروج اليونان من المنطقة وامكانية ان تتبعها ايضا دول أخرى.

واكد ردّا على سؤال، ان ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا لا يملك خيار ضبط الاوضاع لأن المكوّنات الاوروبية تتداعى واحدة تلو الاخرى، «فاليونان وصلت الى ما هي عليه جراء أزمة اقتصادية ولّدت أزمة اجتماعية، فأزمة سياسية من خلال انتخاب اليسار المتطرّف».

أضاف: في إسبانيا ايضا، هناك بوادر للتوجّه اكثر نحو التطرف ايضا في الخيارات السياسية. وجميع تلك المؤشرات لا تبعث الثقة في العملة الاوروبية الموحدة.

وبالتالي، اعتبر الدويهي ان من الطبيعي ان يتراجع الطلب على اليورو لأن مستقبل العملة غامض وغير مطمئن، ومن غير المستبعد انهيارها.
ولدى مقارنة الاقتصاد الأميركي بالاقتصاد الاوروبي، اشار الدويهي الى ان الولايات المتحدة تمرّ اليوم بمرحلة نمو اقتصادي، وهناك مؤشرات اقتصادية عدّة تدلّ على تحسّن النمو كتراجع معدل البطالة في سوق العمل، على عكس اقتصاد أوروبا، حيث ما زالت الأزمة الاقتصادية ترخي بظلالها.

وفيما لفت الى ان الوضع الاقتصادي ينعكس على السياسات النقدية للبلاد، شرح ان المصرف المركزي الاميركي انتهى من برنامج التيسير الكمّي، ويبحث اليوم برفع الفوائد. في حين ان المركزي الاوروبي بدأ امس برنامجه للتيسير الكمّي، في ظل فوائد منخفضة لا بل سلبية.

التداعيات والتوقعات

بالنسبة الى تداعيات تراجع اليورو على الاقتصاد اللبناني، رأى الدويهي ان اهمّها انخفاض فاتورة الاستيراد، لأن تراجع اليورو لا يؤثر سوى في عمليات الاستيراد والتصدير. مشيرا الى ان القدرة التنافسية للبضائع المستوردة من اوروبا، سترتفع، مما قد يفيد المستوردين والتجار.

اما في المرحلة الراهنة، وفي ظل الغموض المحيط بمستقبل منطقة اليورو، وقدرة الاوروبيين على الخروج من الأزمة بأقلّ ضرر ممكن، رأى الدويهي ان احتمال تدهور اليورو يغلب احتمال تعافيه. واكد انه ليس بالضرورة ان يستمرّ المسار الهبوطي لليورو، «فهو ليس في اتجاه واحد، ولكنه سيبقى في تقلّب مستمرّ.

وذكّر انه عند اطلاق العملة الاوروبية في العام 1999، كان اليورو يبلغ 1,17 دولار وعاد ليخرق حاجز الدولار الواحد ليصل الى 0,83 دولار، ليستعيد بعدها صعوده الى 1 و1.10 و1.20 دولار، وصولا الى 1.60 دولار.

لذلك، اعتبر الدويهي ان كل الاحتمالات واردة، لكن اذا بقي الوضع في أوروبا على ما هو عليه اليوم، من غموض ومزيد من التأزّم في اليونان، فان اليورو يتّجه الى مزيد من التراجع في المستقبل القريب «ولست متفائلا بمستقبل اليورو».