Site icon IMLebanon

انهيار صناعة الأدوية: محنة المرض تقتل السوريين

MedicinePrice2
سلام السعدي
تحاول هدى (29 عاماً)، التي تقيم في العاصمة دمشق، تأمين الدواء الخاص بها دون جدوى. تقول لـ”العربي الجديد”: “بعد ‏الخروج من عيادة الطبيب، تبدأ رحلة البحث عن الدواء في صيدليات دمشق، وذلك بسبب فقدان الأدوية من الأسواق”، ‏وتضيف مستهجنة: “الغريب أننا نسمع تصريحات حكومية، تقول بأن أزمة فقدان الأصناف الدوائية قد جرى حلها، ما ‏يجعلنا نتساءل عن أي بلد تتحدث الحكومة، فهل تتحدث عن سورية؟”.‏

محنة فقدان الأدوية
وكان وزير الصحة، نزار يازجي، قد أكد أخيراً على “التحسن الملحوظ في توافر عدد من الأصناف ‏الدوائية المنتجة محلياً”. وكذلك فعل نقيب صيادلة سورية، فارس الشعار، الذي صرح بأن البلاد قد “تجاوزت محنة فقدان ‏الأدوية بنسبة 90%”. وبأن “جميع الأدوية النوعية أصبحت متوافرة في السوق المحلية، إضافة إلى إعادة تشغيل المعامل ‏المتوقفة”.‏
من المفترض أن تصنّف أدوية علاج الأورام السرطانية في خانة “الأدوية النوعية” التي تحدث عنها الشعار، ومع ذلك يعاني ‏”جميل” في تأمين الدواء الخاص بأخيه المصاب بالسرطان. يقول جميل، لـ”العربي الجديد”: “يتلقى أخي العلاج في مشفى ‏البيروني الحكومي الذي يعد الأكبر لمعالجة مرضى السرطان في سورية، وهو يواصل العمل حتى اليوم، لكن المشفى عاجز ‏عن تأمين الأدوية، وهو ما يرتب على المرضى البحث عن الدواء بأنفسهم”.‏

أزمة معامل الدواء
يقدّر رئيس الجمعية الطبية السورية الأميركية، الدكتور زاهر سحلول، في حديث لـ”العربي الجديد”، عدد معامل الدواء ‏المتوقفة عن الإنتاج في سورية بنحو 65 معملاً، ويعتبر أن صناعة الدواء كانت “تتميّز بالجودة وبانخفاض أسعارها ‏بصورة نسبية، فضلاً عن تنوّع أصنافها حتى باتت تغطي نحو 90% من حاجة السوق المحلية”. ويضيف: “بعد ‏توسّع رقعة الحرب، تضررت صناعة الأدوية، كون معظم المعامل تقع في ريفي دمشق وحلب”. ‏وتقدّر الجمعية الطبية عدد المرضى السوريين الذين لقوا حتفهم بسبب الأمراض الجرثومية والمعدية بنحو 300 ألف مريض ‏خلال السنوات الأربع الماضية، وذلك بسبب عدم توفر الأطباء بعد هجرتهم أو ملاحقتهم من قبل السلطات السورية، ‏وبسبب عدم توفر الأدوية وارتفاع أسعارها”.‏
فيما يؤكد الباحث الاقتصادي، عادل الفاضل، لـ”العربي الجديد”، أن “الحكومة السورية عاجزة عن توفير الأدوية، كما أن ‏المعامل لم تعاود العمل كما كانت من قبل”. ويضيف: “المعامل التي عاودت الإنتاج، وهي قليلة، لا تزيد إنتاجيتها عن 30‏% من الإنتاجية قبل الثورة”. أما عن سبب ذلك فيعود، بحسب الفاضل، إلى “صعوبة استيراد المواد الأولية ونقلها عبر ‏المدن، كما يصعب انتقال العمال، وتتذبذب أسعار الصرف، وترتفع التكاليف بصورة كبيرة. نتحدث عن بيئة اقتصادية ‏وسياسية غير مستقرة”.‏
بحسب رئيس مكتب عمال الصناعات الكيماوية، عهد الديري، فقد بلغت خسائر قطاع الأدوية في سورية نحو 18 مليار ليرة سورية، (ما يقارب 82 مليون دولار). ويؤكد أن سورية “لا تنتج حالياً من الأدوية سوى مستحضرات الكريمات والكبسولات، بعدما ‏كانت تنتج ما يصل إلى 270 مستحضراً”.‏
يأتي ذلك، في وقت حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من تفشي مرض الكوليرا خلال الأشهر المقبلة في سورية، حيث ارتفع ‏عدد الإصابات بالأمراض المنقولة عبر الماء، مثل “التيفوئيد” و”التهاب الكبد الوبائي”، بسبب تدهور مستوى النظافة وفقاً ‏للمنظمة الدولية‎.‎
من جهة أخرى، يشارك الدكتور سحلول منظمة الصحة مخاوفها من انتشار “العديد من الأمراض المعدية، كالتهاب الكبد الوبائي والتيفوئيد ‏والحمى المالطية والسل، فضلاً عن الأمراض الناجمة عن تدهور الصحة العامة، كالجرب والقمل”.

الكوليرا على الأبواب
وأما في ما ‏يتعلق بمرض الكوليرا، فيؤكد سحلول أن “احتشاد عشرات الآلاف من النازحين واللاجئين السوريين في تجمعات وخيام تفتقد إلى ‏شروط الصحة العامة، وعدم توفر مياه الشرب الآمنة، يشكل بيئة ملائمة لمرض الكوليرا وغيرها من الأمراض المعدية ‏الوبائية، وخصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة، وضعف عمليات التخلّص من النفايات بطريقة سليمة، وتلوث المياه”، وهو ما تخشى ‏منظمة الصحة العالمية حدوثه وتفاقمه في فصل الصيف المقبل.‏