على عتبة الجولة الحوارية الثامنة الاسبوع المقبل بين “حزب الله” وتيار “المستقبل” وفي ما يشق حوار “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” طريقه نحو انهاء مرحلته الاولى باعلان “بيان النيات” ولقاء الزعيمين ميشال عون وسمير جعجع، لاحظت اوساط سياسية متابعة اوجه شبه عدة بين الحوارين ولئن اختلفا في العناوين وملفات البحث والمقاربة.
في الشكل يتخذ الحوار بين القوى السياسية الاسلامية الطابع الامني اكثر من اي عنوان آخر، ذلك ان قادة الطرفين حددوا تنفيس الاحتقان في الشارع الاسلامي شعارا تدور في ظله كل النقاشات بعدما استشعروا مدى الخطر المحدق بالواقع الميداني وامكان انفجاره في اي لحظة بما يعني ذلك من مخاطر لن تقتصر حكما على هذا الشارع وانما ستهدم الهيكل على من فيه في وطن محاصر بالتهديدات الارهابية وخطر الاغتيالات السياسية والبركان المتفجر اقليميا.
اما في المضمون فتقول الاوساط لـ”المركزية”، ان الحوار ما كان ليقلع ويستمر لو لم تسحب منه فتائل التفجير الكامنة في داخله، وهي اساسا الملفات الواجب التحاور في شأنها لكونها تشكل السبب الرئيسي للاحتقان، الا ان الرغبة الداخلية والارادة الخارجية حتمتا اطلاق الحوار وتجاوزها، وهي سلاح “حزب الله” وقتاله في سوريا وموقفه من المحكمة الدولية. وتعتبر ان التقاء الحزب والمستقبل على مقاربة الملف الامني نابع من رغبة مشتركة بمنع الفتنة التي اطلت برأسها من اكثر بوابة وتحولت هاجسا حمل القيادتين على تخصيص حيز واسع من الخطابات لتأكيد اهمية وضرورة الحوار كاطار وحيد لمعالجة المشاكل، وان كان البعض لا يرى فيه سوى مسكّن موضعي لآلام مزمنة لا يعالجها سوى حوار عام على المستوى الوطني، الا ان الوقت ليس اليوم وقته ولا الزمان زمانه.
واذا كان العنوان العريض للحوار الاسلامي أمنيا بامتياز، فان صبغة الحوار المسيحي سياسية، باعتبار ان ملفات الحوار ترتكز الى قضايا بعيدة من الهاجس الامني وتتصل بشؤون سياسية عامة من جهة ومسيحية خاصة من جهة ثانية، ادرجت في بنود جدول اعمال بيان “اعلان النيات” الذي سيحضر في الجلسة المسائية اليوم في الرابية بين العماد عون والنائب ابراهيم كنعان ومسؤول جهاز الاعلام والتواصل في “القوات اللبنانية” ملحم رياشي الذي ينقل لعون المسودة متضمنة ملاحظات جعجع لابداء الرأي.
وكما في الحوار الاسلامي كذلك في المسيحي، اذ يبدو وفق الاوساط المشار اليها ان مواضيع الخلاف وضعت جانبا، خشية ان تؤدي اثارتها الى نسف اسس الحوار الذي سيعالج ملفات تتصل بتعزيز الوجود المسيحي واستعادة الدور في المؤسسات وطي صفحة الخلافات المسيحية المزمنة على مدى اكثر من ثلاثين عاما وتحديد آلية تنفيذية لكيفية تحصين هذا الدور على مستوى الدولة.
وتقول الاوساط ان ابرز هذه الملفات يتعلق برؤية “التيار الوطني الحر” لدور “حزب الله” في الداخل اللبناني وخارجه وورقة التفاهم بين الجانبين، فاذا ما حاول المتحاورون المسيحيون خوض غمارها سيعرضون حكما الحوار للفشل والاتفاق للعرقلة والآمال المرسومة على نتائجه للانهيار.
وتبعا لذلك تؤكد الاوساط ان الحوارين يتقاطعان عند مركزية وضع الملفات الخلافية جانبا وابقاء خطوط التواصل مفتوحة في مرحلة الوقت الضائع منعا للفتنة وتنفيسا للاحتقان وتعزيزا للوجود المسيحي.
اما رئاسة الجمهورية وان كانت ادرجت في مراحل متقدمة على اجندة المتحاورين، الا انها لا تبدو اولوية ما دامت ظروفها غير ناضجة، وهو ما حمل رئيس مجلس النواب نبيه بري على القول ان القيادات اللبنانية فضلت استيراد الرئيس على انتاجه لبنانيا وفوتت فرصة اتيحت للمرة الاولى بانتخاب رئيس صنع في لبنان…
وفي السياق، كشفت الاوساط عن ان جهات خارجية نصحت قيادات سنية وشيعية لبنانية بوجوب تعزيز دور المكون المسيحي الذي اثبتت التجربة على مدى 25 عاما ان ضعفه اصاب الدولة بالوهن، وتسبب بخلل وفقدان التوازن في المواقع والسلطات، ودعت الى اعادة الصلاحيات التي انتزعت من رئيس الجمهورية وتصحيح الواقع القائم من خلال الحوار. ووصفت المكون المسيحي بانه الرئة التي يتنفس عبرها الكيان اللبناني واي تفريغ لدورها يصيب الجسم بكامله بالمرض، مشيرة الى ضرورة افراز حيز واسع لهذا المكون في اي صفقة او تسوية سياسية على المستويين اللبناني والاقليمي.