أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري لصحيفة “السفير” أن الحوار بين “حزب الله” و”المستقبل” و”أمل” يكاد يكون الشمعة الوحيدة في عتمة المنطقة الغارقة في الصراعات والتفتيت المذهبي، كاشفاً عن أنه توجه الى المتحاورين في الجلسة الاولى التي شارك فيها بالقول: “ربما لستم قادرين على إنقاذ لبنان، لكنكم بالتأكيد تستطيعون منع تدهوره”.
وشدّد بري على أن الحوار حقق لغاية الآن إنجازات عملية، من شأنها أن تعزز القناعة بأهميته وجدواه، ومن بينها:
– احتواء تداعيات أيّ حدث أمني، كما حصل بعد التفجير الإرهابي في جبل محسن، حيث سارع عدد من صقور «تيار المستقبل» إلى زيارة المكان لتقديم التعزية الى أهالي الجبل الذين استقبلوا بدورهم خصوم الأمس بحرارة، وأنا مقتنع بأنه لولا الحوار ما كانت هذه الإيجابية المتبادلة لتسود إحدى أكثر المناطق حساسية في الشمال.
– إزالة الأعلام والشعارات والصور الحزبية، وهذا قرار تدحرج ككرة الثلج، إذ كانت الفكرة تقتصر بداية على بيروت الإدارية، ثم تطورت خلال النقاش لتصل الى طريق المطار، ومنها الى طريق الجنوب وصيدا، ثم حارة صيدا، فطرابلس.. ولا أعتقد أنه كانت هناك إمكانية لإزالة صورة واحدة من دون الحوار.
– الخطة الأمنية في البقاع الشمالي والتي تنطوي على أهمية كبرى لأهل المنطقة الذين كانوا يدفعون ثمن تصرفات أفراد لا يمتون بصلة الى شهامة العشائر وأخلاقها.
– إعادة بسط هيبة الدولة على سجن رومية.
– تخفيف حدة الخطاب الإعلامي المتشنج.
ورأى أن من مفاعيل الحوار رفع الغطاء عن أي مرتكب او مخالف للقانون، سواء أكان شخصاً عادياً أم منتمياً الى جهة سياسية.
وأضاف: “بهذا المعنى، لا خصوصية لسرايا المقاومة او غير المقاومة، ولا لحركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل، بل هناك قاعدة واحدة تسري على الجميع وفحواها أن أي انتهاك للأمن الداخلي يستوجب الملاحقة مهما كانت هوية الجاني، وهناك قرار لدى أطراف الحوار برفع الغطاء عن كل مرتكب حزبي”.
وأكد أن المناخات الإيجابية التي ولّدها الحوار جعلت عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة ممكنة،. واعتبر رئيس المجلس أن عودة الحريري إلى السلطة تفيد في تحصين الساحتين الوطنية والإسلامية ضد رياح الفتنة المذهبية التي تعصف بالمنطقة، وفي تحسين شروط المواجهة ضد الإرهاب والتطرف.
وبالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، أعرب بري عن اعتقاده بأن لبننة هذا الاستحقاق أصبحت متعذرة، بعدما فضّلنا “الاستيراد” على “الصناعة الوطنية”، ويبدو أنه صار لزاماً علينا انتظار الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، والذي أرى أن إنجازه أصبح حتمياً.
وتوقع بري أن يكون لبنان هو المكان الأكثر قابلية لتلقف نتائج هذا الاتفاق، على مستوى الدفع نحو انتخاب رئيس الجمهورية، “لأن الاوضاع في سوريا والعراق والبحرين واليمن هي أشد تعقيداً، وبالتالي فإن سريان مفعول التفاهم النووي على الساحة اللبنانية هو أسهل، في ظل الحوار الحاصل بين حزب الله والمستقبل بمشاركة أمل، والذي من شأنه ان يمهد الارض للتفاعل مع أي تطور خارجي إيجابي”.
وأضاف: “إن الحوار يحرث الأرض لتكون جاهزة لاستقبال بذار الاتفاق الاميركي ـ الايراني او السعودي ـ الايراني إذا تهيأت ظروفه”.
ولفت الى ان التعطيل لا يقتصر على رئاسة الجمهورية، إذ ان رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة شبه معطلين أيضاً، “وأنا أشعر أحياناً بأنني مطران على مكة”.
ولاحظ رئيس المجلس أنه “وبعدما تفاهمنا بصعوبة على مبدأ تشريع الضرورة، علماً أن قناعتي هي ان التشريع كلٌ لا يتجزأ، إذ باعتراض قلة من الوزراء على فتح دورة استثنائية، يعطل مجلس النواب طيلة الفترة الماضية». ويتابع: «تصوروا أن وزيراً واحداً بات يستطيع تعطيل مجلس النواب أو الحكومة.. أي دولة هي هذه؟”.
وفي إطلالة على واقع المنطقة، أشار بري إلى أن شرق أوسط جديداً هو قيد التكوّن، على قاعدة إعادة صياغة الحدود وتأسيس دول دينية ـ مذهبية صافية، بدأت معالمها تظهر تباعاً على الأرض، إلا أنه لفت الانتباه إلى أن لبنان غير قابل للتقسيم والتجزئة.
في غضون ذلك، استغربَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أمام زواره، ووفق “الجمهورية”، ما أثيرَ في اليومين الماضيين عمّا دار في اللقاء الأخير بينَه وبين الرئيس سعد الحريري من أنّه تناولَ موضوع توَلّي الأخير رئاسة الحكومة وأنّه جاء إليه طارحاً كلّ أوراقه أمامه:
- أكّد أنّ اللقاء لم يتطرّق الى مواضيع من هذا النوع.
- سأل: “كيف لنا أن نبحث في موضوع من سيتولّى رئاسة الحكومة قبل ان ننتخب رئيس جمهورية؟”.
- قال: “المطلوب اوّلاً إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل البحث في الاستحقاق الحكومي”.
- اعتبرَ أنّ “مَن يثير هذه المسائل إنّما يعمل لتخريب الحوار، وربّما يعمل ضدّي أيضاً من خلال الحديث الإيجابي عنّي. إنّ إثارة مثل هذه المواضيع تسيء الى الحوار وإلى الوضع العام في البلاد وتخربه”.