كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
تتوقع مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على التفاوض الغربي مع إيران حول إنهاء البرنامج النووي مقابل رفع كامل للعقوبات عن طهران، أن يتم التوقيع على «اتفاقية إطار» بين الطرفين في نهاية آذار الجاري، في حين يُتوقع أن يتم توقيع الاتفاق النهائي في بداية تموز المقبل. ويشار الى أن 22 تموز هو المهلة النهائية للتفاوض.
وتقول المصادر ان هناك مؤشرات لحصول «اتفاقية اطار» بحلول 31 آذار. حتى إن الروس متفائلون مع أن هناك صعوبات من جانب إسرائيل خصوصاً، التي لا تريد الاتفاق. ليس هناك من طرف يجزم بحصول الاتفاق لكن التفاؤل يسود الجميع بأنه سينجز. كما ان احتمال الاتفاق يساوي عدمه.
وتكشف المصادر، أن معظم المسائل التقنية في المفاوضات قد حلت وتم التوصل الى حلول لمعظم النقاط التي كان هناك خلاف حولها، لكن يبقى القرار السياسي لدى كل من إيران والولايات المتحدة بإغلاق الملف، ذلك ان القرار السياسي هو الأهم. أي ان الاتفاق يهدف الى أن إيران لن تتمكن من إنجاز القنبلة النووية في أي وقت. روسيا أيضاً لا تريد لإيران أن تمتلك القوة النووية، كما تدعو الى أن لا تمتلكها أي دولة طبقاً لاتفاقية منع انتشار السلاح النووي. والولايات المتحدة وروسيا تلتقيان في مصالحهما، لجهة العمل لعدم امتلاك إيران القوة النووية.
والنقطة الأخرى التي يتفق حولها الأميركيون والروس هي ضمان أمن كل الدول في المنطقة، بما فيها إسرائيل، وهناك حرص روسي على أمن اسرائيل، وزيارة وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان لموسكو أخيراً ركزت على هذا التوجه. صحيح ان روسيا داعمة للعرب وللقضايا العربية، لكن في القضايا الاستراتيجية الأساسية فموقفها غير بعيد عن موقف الولايات المتحدة، التي تتمسك دائماً بأمن اسرائيل وعدم المساس به، روسيا ترد على من يعتبر انها لا تؤدي دوراً فاعلاً بالنسبة الى الفلسطينيين، بأن المسؤولية هي على هؤلاء، الذين طلبوا من الروس فسح المجال أمام الأميركيين منذ سنة ونصف السنة لرعاية المفاوضات لكن الأمر لم يؤدِّ الى نتيجة. وطلبوا من الروس دعم جهود الولايات المتحدة، وهذا كان مدار استغراب روسي.
أثناء مرحلة التفاوض الدولي الايراني الراهن، من الطبيعي ان تتوتر الاوضاع على الأرض وفي مواقع المنطقة الملتهبة. اذ ان كل طرف يسعى الى تحسين موقعه التفاوضي على الطاولة. هناك ساحات نفوذ في المنطقة لإيران وتعمل على التموضع القوي. والكل يعمل لاستثمار التموضع على الطاولة. وهذا ما يقوي الأوراق التي في حوزتهم. إيران سعت الى السيطرة على اليمن عن طريق الحوثيين. الرد الخليجي كان بانتقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الى عدن واعتبرها العاصمة.
هادي كان محاصراً من الحوثيين في صنعاء لكنهم فسحوا مجالاً له للخروج الى عدن» وقد يكون تم ذلك عبر تسوية دولية. الرد الخليجي كان عبر تبنّي هادي والطلب إليه العودة عن استقالته واستمروا في الاعتراف به كرئيس شرعي وذلك مع الدول الكبرى. الوضع اليمني شبيه بالوضع السوري، والحل يستلزم وقتاً طويلاً.
الآن، حالة انتظار تسود ملفات المنطقة لاستكشاف تطورات النووي. في حال تم التوصل الى «اتفاق اطار»، يكون هناك «توجه إيجابي» لحلحلة الأزمات في المنطقة، ومن بينها الملف الرئاسي اللبناني. أي بدل «التعاطي السلبي»، سيكون هناك انعكاس ايجابي على لبنان وسوريا والعراق، من ضمن «البيئة الايجابية» على حد قول ديبلوماسي غربي رفيع، التي سيخلقها توقيع «اتفاقية الاطار». وبالتالي في حال تم التوصل الى ذلك سيكون للبنان رئيس للجمهورية قبل الصيف المقبل. على أن كل الدول تركز على ضرورة أن يبقى الوضع اللبناني مستقراً، ولو ان الجمود الحالي غير مريح، لكن المهم ان لا تتدهور الحالة في غياب التحسن والتطور. والأهم أن لا يحصل تراجع في الوضع اللبناني وأن يتجنب لبنان الغوص في مشكلات المنطقة، في هذه المرحلة الدقيقة.
كذلك الوضع السوري صعب، وخطة الموفد الدولي لحل الأزمة ستيفان دي ميستورا تواجه تعثراً. لم تتضح الصورة السورية بعد في انتظار الملف الايراني، والتسوية التي سينطلق بها هذا الملف، لأن أي تسوية له، ستقع في إطار «باكيج ديل» يشمل لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين. إذ لا يمكن فصل الأزمات عن بعضها، مع الاشارة الى أن الأزمات لن تحل بسرعة ودفعة واحدة فورية. لكن يتوقع بعد التفاهم حول النووي، ان يخف التشنج والتوتر بين أفرقاء النزاع، ويصبح المجال ملائماً لبحث كل الملفات في المنطقة. مع التأكيد على أن انتخاب الرئيس اللبناني يبقى الملف الأسهل في المنطقة، نظراً الى تعقيدات الملفات الأخرى.