IMLebanon

الركود في لبنان طبع بصماته على الإنتاج والضريبة أدت لهروب ثلاثة أرباع الرساميل

RecessionEcon

مازن مجوز

«الركود الاقتصادي» عنوان طبع بصماته على مختلف القطاعات اللبنانية، فأين يذهب رجال الأعمال والمستثمرون في إستثماراتهم، وما مدى الحديث عن هروب بعض رؤوس الأموال إلى الخارج ؟ وما هي القطاعات التي لا تزال مفضلة للاستثمار؟
«الديار» إلتقت كل من الخبير الاقتصادي والمالي الدكتورغالب بو مصلح، والمهندس الاقتصادي الدكتور فضل الله سراج وكان هذا الحوار:
بداية يرى أبو مصلح أن الأوضاع إختلفت منذ عدة سنوات، حيث رحل بعض رجال الأعمال قبل التوترات الأمنية وظهور داعش في العراق، وخاصة إلى شمال العراق، وكان هناك ضمانات اميركية بإستقرار الوضع إلى حد ما بعد الاجتياح الاميركي للعراق، ومن ثم إلى الإمارات التي أصبحت مقصد للعديد من رجال الاعمال والصناعات اللبنانية التي رحلت الى الخليج لعدة أسباب.
ويتابع بأن الخليج – وبالدرجة الأولى – سوق ناهض ويوزع الثروة على العديد من دول المنطقة، «ثم هناك تقدم كبير في النظام والإلتزام به بهذا وتسهيل أمور رجال الاعمال فمثلا: «البضاعة التي تأتي على البواخر تنتقل من ضهر الباخرة إلى خارج المرفأ خلال ساعتين وكان ذلك منذ أكثر من عشر سنوات، بينما في لبنان تحتاج الى 18 يوما. والمعاملة الجمركية كانت تأخذ 10 دقائق بينما في لبنان تستغرق يومين على الأقل مع كثير من التعقيدات والرشاوى….».
أما العمالة في منطقة الخليج فيصفها بـ «الرخيصة»، موضحا: «وبالتالي فإن مجال الإنتاج أرخص وكلفة الإنتاج أرخص وكلفة التأسيس أرخص وهناك سوق كبيرة لتبادل وتصريف البضائع غير الموجودة في لبنان» لافتا إلى أنه وفي الفترة الاخيرة أتت مصر، حيث أن الدولة المصرية- منذ أكثر من سنة- مهتمة جدا في قضية التنمية، فتعطي تسهيلات كبيرة جدا لرجال الاعمال، الأرض شبه مجانية الخدمات تتحسن كثيرا والسوق المصري سوق كبيرة وواسعة وتنفتح على العديد من دول العالم.
في المقابل فإن رجل الاعمال خاصة الصناعي في لبنان يجد أن الفساد مستشر الى حد بعيد، المؤسسات مهترئة وفاسدة وبطيئة إلى حد بعيد، كلفة اليد العاملة مرتفعة نسبيا بالنسبة إلى الإنتاجية ما يعني أن لبنان سوق ضيقة جدا. ما يدفعه إلى مغادرة لبنان، يشير بو مصلح.
وبرأيه فإن فالربح هو المقياس أي المردود الصافي لرؤوس الاموال الموظفة، فكلفة الاموال في لبنان كلفة مرتفعة فيما هي في الخارج أقل بكثير كالخليج ومصر.
ويشدد على أن «الحكومات في الخارج مهتمة بالتنمية الاقتصادية، أما في لبنان فلا أحد يبالي إذ لا إحصاءات أو مسوحات، ولا تستطيع كرجل أعمال أن تكون ناجحا من دون توافرها».
أما إزدهار البنوك – وفق بو مصلح – فلا يدل إطلاقا على نشاط وازدهار الاقتصاد اللبناني، فمعدلات الفوائد مرتفعة جدا، والفارق بين الفائدتين الدائنة والمدينة متسع، المنافسة ممنوعة، هناك بنية إحتكارية للمصارف، وكل أرباح مصارف لبنان يتم تحويلها إلى مصارف عبر آليات عديدة منها وأهمها هي شهادات الايداع.
وإذ يعتبر الإزدهار المصرفي مؤقت ويدفع إلى الكساد وإلى الإنهيار في المستقبل، يؤكد أن المصارف لا تلعب أي دور إيجابي، لا بل بالعكس هي تلعب دورا سلبيا في نهب القطاعات وفي نهب خزينة ومالية الدولة، وفي نهب المواطن العادي وتثري إثراء غير طبيعي في بلد ينهار.
وعن إيدال يعلق «تقوم بمهمة جزئية جدا وبسيطة في عملية الدورة الاقتصادية، وليس لها أثر فعلي بل هامشي ججدا، ويقصد منها الإعلام أكثر مما هي أداة فعلية لتحفيز النشاط الاقتصادي».
بدوره يشير المهندس الإقتصادي فضل الله سراج إلى انه من المعروف أن رأس المال جبان، فهو يهاجر عند ظهور المشاكل إلى حيث هناك أرباح وإستقرار أكثر، والأمان والتسهيلات الممكنة المعطاة
وتعليقا على الوضع المصرفي يجيب: «على الرغم من أن المصارف أصبحت شاملة ولم تعد متخصصة، إلا ان أرباحها تراجعت بفعل التباطؤ في الإقتصاد، والإنخفاض في هامش الفوائد، والمعايير الدولية التي تفرضها المؤسسات الدولية كبازل 3، هذه الأعباء كلها حدت من الحركة الاقتصادية» مستدركا بالقول: «لكن ما يجعل هذا القطاع مستمرا في نجاحه هو سياسة وخبرة البنوك، والسرية المصرفية، وعائدات المغتربين، وأيضا سياسة الهندسة المالية والإقتصادية للبنك المركزي. الذي سمح بضخ 800 مليون دولار في القطاعات الإنتاجية. وإعطاء حوافز لقطاع السكن والصناعة…إلى أخ».
وبالعودة إلى هروب رؤوس الأموال يعطي سراج مثالا أنه وفي العام الماضي جرى التحدث عن سياسة تكليف الارباح أي نوع من الضرائب يعني أن الدولة ستأخذ ضريبة على الربح المصرفي، وهذا ما سبب هروب ثلاث أرباع رؤوس الأموال إلى قبرص ومصر وإلى غير دول لا تفرض هذه الضرائب. ومعنى ذلك أن أي قرار خاطىء يؤدي إلى هروب رؤوس الاموال.
وانتقالا إلى القطاعات الأخرى الناجحة يتحدث: «لو أنها متعثرة قليلا فمنها القطاع العقاري الذي لم تفرض عليه ضرائب، وأيضا قطاع التعليم العالي الذي يشكل كتلة مالية كبيرة، لا تأخذ منه الدولة ضريبة، ويعتبر عمل ذو منفعة عامة، أي لا يخضع لأي قانون تجاري فقط يدفع رسوم على الموظفين. وهذا كله يؤدي إلى ظهور طبقة من أصحاب الملايين».
ويبدي ثقته بأن طبيعة الاقتصاد اللبناني فيها خلل بنيوي كبير، داعيا إلى إلغاء النظام الضريبي أو الجباية الضريبية لأن لا أحد يدفع الضريبة، «فمن يدفعها هم الموظفون المغلوب على أمرهم، بينما الشركات الكبرى لديها دفترين الدفتر الصحيح والدفتر غير الصحيح وهو ما يقدم للسلطات المعنية.
وحتى ضريبة الـTVA هي غير عادلة فمثلا مواطن يمتلك مليون دولار يدفع 10 أو 12% كضريبة ومواطن لديه 20 دولار يدفع النسبة ذاتها».
ويختم: «ومن هنا أجد أن الإقتصاد اللبناني يحتاج إلى إصلاح كبير وكبير جدا».