عبدالله بارودي
عشرون دقيقة كانت كفيلة في فرط اللقاء الذي عقد في مقرّ نقابة المهندسين في طرابلس منذ يومين لمناقشة مشروع «مرآب التل» بين مختلف هيئات وممثلي المجتمع المدني في المدينة.
تحوّل اللقاء في نقابة المهندسين في طرابلس الى مسرحيّة هزليّة، ومشادات كلامية بين بعض رؤساء الجمعيات والشخصيات المحسوبة على بعض القوى السياسية المحليّة التي ترفض المشروع من أساسه، وتعترض أساساً على مناقشته وطرح وجهات نظر تحسّن أو تؤدي الى تعديله بما يتناسب مع مصلحة المدينة وأهلها.
يقول أحد المشاركين في اللقاء لـ«الجمهورية»: «منذ بداية الاجتماع، كان من الواضح أنّ هناك نيّة مسبقة لفرطه من قبل الأشخاص الذين يعتبرون أنّ نقابة المهندسين ليست على مسافة واحدة من الجميع وتحاول من خلال تبعية مجلسها النقابي لقوى «14 آذار» وقربه من «تيار المستقبل» فَرض المشروع بطريقة ضمنية على أطياف المجتمع المدني».
من جهته، رفض مصدر في مجلس نقابة المهندسين هذا الاتهام، وأكد لـ«الجمهورية» أن النقابة تعتبر نفسها الوسيط في حكم الاختصاص بين مختلف القوى المتنازعة اليوم حول هذا المشروع، وتعمل كل ما في وسعها لإنضاج الصيغة الأنسب والتي يتفق عليها الطرابلسيون لطرحها على مجلس الانماء والاعمار ومن ثم الحكومة اللبنانية.
التكلفة 12 مليون دولار
يقول أحد مؤسسي حملة «نعم للإنماء، ولا لمرآب التل»، جمال البدوي لـ«الجمهورية»: «نحن نريد أن يتحوّل وسط المدينة الى سوليدير كما اتفقنا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في أواسط تسعينات القرن الماضي خلال اجتماعاتنا المكوكية معه. واليوم نريد أقلّه ما يشبه أسواق جبيل الأثرية كمرحلة أولى، خصوصاً في ظلّ توفّر الاعتمادات اللازمة والبالغة حوالي 25 مليون دولار».
يضيف البدوي: «هناك مصالح ومراكز نفوذ تتحكّم بالقرارات والمشاريع المنفذة من قبل مجلس الانماء والاعمار، ونحن نناشد اليوم إبن المدينة المهندس نبيل الجسر بتحكيم ضميره وإيجاد الحلّ الأنسب لهذا المشروع».
يؤكد البدوي: «حتى لا يقولوا إننا سلبيون ونرفض المشاريع الانمائية للمدينة، ها أنا اليوم باسم هيئات المجتمع المدني الرافضة لمشروع «مرآب التل»، توصلتُ الى حل وسطي باعتقادي يناسب الجميع.
دعونا نبدأ بتجميل الساحات وتشجيرها عبر إقامة الحدائق وترميم المباني وتركيب أبواب للمحلات وانارة الشوارع وتبليطها وتزفيت الطرقات بطريقة مناسبة، وتأهيل الخانات، وازالة التعديّات والبسطات، ومن ثم ننتقل الى اقامة مرآب من طابقين للسيارات الخاصة ليكون في خدمة المواطنين وزوّار المناطق الأثرية والأسواق الداخليّة».
وكشف البدوي: «انهم يستعدون للاعلان عن تصوّر أولي «للتصميم التوجيهي لوسط المدينة» في 23 الشهر الحالي في مكان لم يحدد بعد وإن كان الأمر محصوراً بين مقر نقابة المهندسين وغرفة التجارة». مشيراً الى أنّ «هذا التصوّر وضعه نخبة من المهندسين من مختلف الاختصاصات، وسيتم الاجتماع مع وزير العدل اللواء أشرف ريفي قبل الاعلان عن هذا التصوّر الأولي بأيام قليلة لإطلاعه عليه، وأخذ رأيه في الموضوع».
من جهة أخرى، تؤكد مصادر مطلعة على المشروع «أنّ كل ما أشيع حول تكلفة المشروع غير صحيحة، فالمبلغ الفعلي المرصود هو 19 مليون دولار، علماً أنّ التكلفة الحقيقية ستصِل الى حوالي 12 مليون دولار.
ويحقّ لمجلس الوزراء الطلب من مجلس الانماء والاعمار القيام بأعمال تفيد المشروع وتؤدي الى تحسينه، منها على سبيل المثال لا الحصر: التشجير والانارة وتزفيت الطرقات وترميم المباني الأثرية…».
في السياق نفسه، يقول أحد تجّار المنطقة المعنية بالمشروع : «نحن مع المرآب تماماً، سئمنا عدم تمكّن الناس وأبناء المدينة والزوار القادمين من الخارج الوصول الى المنطقة والتبضّع من متاجرها وزيارة أسواقها التاريخية وأماكنها الأثرية نتيجة زحمة السير الخانقة، وانتشار الباصات والسيارات العمومية في شكل عشوائي على جانبي الطريق.
الّا أننا في الوقت نفسه نطالب مجلس الانماء والاعمار بالعمل على تنفيذ محطتي التسفير شمال المدينة وجنوبها لتكون مركزاً للسيارات والباصات العمومية وتخفف حوالي 80% من أزمة السير».
الإنماء والإعمار
إعتراض بعض هيئات المجتمع المدني على تنفيذ مشروع المرآب، وعدم تنفيذ مشاريع إنمائية لها الأولوية قابَلها مجلس الانماء والاعمار بردّ فعل قياسيّ سيُعيد الأمور الى نصابها وسيؤدي الى تراجع تلك الاحتجاجات والاعتراضات ما خلا ذات الأهداف السياسية الضيّقة.
وقد أعلن النائب سمير الجسر أنّ رئيس مجلس الانماء والاعمار المهندس نبيل الجسر أبلغه أنه نتيجة متابعة الرئيس سعد الحريري ملف المشاريع الانمائية في طرابلس، تمّ تأمين الأموال اللازمة لاستكمال بعضها، ومنها:
1- مشروع الإرث الثقافي.
2- متابعة تنفيذ الخط الدائري الغربي.
3- ربط شبكات الصرف الصحي المستحدثة بمحطات التكرير.
4- إستدراج عروض تلزيم مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة.
5- الإستعداد لإطلاق مشروع الخط الدائري الشرقي.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر مطلعة أنّ مجلس الانماء والاعمار كلّف متخصصين في وضع مخطط توجيهي شامل لمدينة طرابلس يتضمّن مخططاً توجيهياً للسير، وهو ما يشكّل بحسب تلك المصادر، أفضل ردّ على كل المشككين بعَمل المجلس، باعتباره لا يقوم بالدور المنوط به، ويقدّم مشاريع لا قيمة لها على مشاريع أكثر فائدة للمدينة لأسباب نفعية، ومن ضمنها وضع المخطط التوجيهي الشامل، الذي يعتبر من أبرز مطالب هيئات المجتمع المدني في طرابلس.