اعتبرت الاعلامية مي شدياق ان كل الجهد والانتصار الذي حققته “انتفاضة الاستقلال” في العام 2005، انقضّ عليه “حزب الله” عندما تسبب بحرب تموز 2006 من خلال خطف الجنديين الإسرائيليين. وبدل أن نحصد نجاحات “ثورة الأرز”، وبالتالي إعادة تنظيم هيكلية المجتمع اللبناني والخط السياسي اللبناني بالطريقة التي تعيد لبنان إلى أن يكون دولة سيدة حرة مستقلة، خضعنا من جديد لاعتبارات أخرى لها علاقة بالحرب مع اسرائيل والمقاومة وما هي الأولويات في الوطن. ثم شيئاً فشيئاً تلاشت الحماسة، حيث من مرة إلى أخرى كانت 14 آذار “تأكل الضربة”. وعوض أن تواجه، كانت تقدّم في بعض الأحيان التنازلات.
والمشكلة أن 14 آذار اعتبرت نفسها في مراحل عديدة “أم الصبي”، بينما هناك فريق آخر يرى أنه بالأساليب التي يستخدمها يأخذ لبنان إلى حيث أراد عندما قال “شكراً سورية” في الثامن من اذار 2005. وبالتالي كان هناك خطان، أحدهما باطني ويعلمو أطرافه إلى أين يريدون الوصول وكيف يريدون تحويل لبنان من خلال شراء الأراضي وربْط لبنان بالتحالف الإيراني، في مقابل فريق لبناني همّه كيفية تغليب مصلحة لبنان على أي مصلحة أخرى.
شدياق اعلنت عبر صحيفة “الراي” الكويتية: وصلنا إلى مرحلة أن هناك فريقاً ما زال يحلم بلبنان، وآخر يسير بمخططه حيث أقحم لبنان بالحرب في سورية، وصوّر أن هناك “بعبعاً” وإرهابيين كان النظام السوري و”حزب الله” يتحدثان عنهم قبل أن يسمع أحد بعد بـ “داعش”. وأذكّر هنا بما سمعناه قبل أيام عن أن شخصاً إسمه جورج (حسواني) يشتري النفط من “داعش” ليبيعه بثمن بخس للنظام السوري، ما يبيّن أن في بذور “داعش” تناغماً مع النظام السوري وإيران لإيصال مخطّطهم إلى حيث يشاؤون.
فعندما يكون كل فريق وحيداً نكون ضعفاء، بينما عندما اجتمعنا كلنا في 14 آذار كنا أقوياء.
وأنا لا أحب منطق جلد الذات، بالتأكيد هناك أخطاء ومَن لا يعمل لا يخطئ. أما في ما يتعلق بالمجلس الوطني لـ 14 آذار، فأنا أُعتبر رمزاً وركناً من أركان 14 آذار، ومع ذلك إلى الآن (موعد كتابة هذه السطور) لم يسألني أحد عن رأيي. ولا أعلم إن كانوا سيطلعونا على الموضوع. أنا أكنّ كل الثقة للأستاذ سمير فرنجية والدكتور فارس سعيد، وربما هما في طور التحضير لأمر ما ليطلعونا عليه لاحقاً. وأنا أعطي رأيي في الموضوع بعد أن أعرف ما المقصود بالمجلس الوطني. ولكن أشير هنا إلى أنه إذا كان المقصود بالمجلس الوطني أمر موازٍ لـ 14 آذار فأنا أرفضه، بل أريد ما يتكامل معها.
لكن يبقى أنه لا يمكنني الحكم على أمر إلا من خلال القراءات؛ وإعادة تصويب بعض المسارات أمر لا بأس به، فالمرء يراجع على المستوى الفردي حساباته ويصحح مساره وأخطاءه، فما بالك بنا نحن كأفرقاء اجتمعوا في 14 آذار، لكن في الأساس هناك كثير من الأمور التي تفرّق في ما بينهم. وأذكّر بأن الثورة الفرنسية لم تحقق غاياتها إلا بعد مئة عام.