استبعدت مصادر ديبلوماسية أن يتم تشكيل قوّة عربية لمحاربة الإرهاب الذي يقوم به تنظيم “داعش”.
وتشير إلى أنّ الانقسامات المعروفة تبدو سبباً مهماً في عدم توقّع اتخاذ موقف موحَّد بالنسبة إلى طرح تشكيل قوّة عربية. فضلاً عن وجود انقسامات حادّة بين قوى دولية وإقليمية متنازِعة.
ومع أنّ مكافحة الإرهاب ستكون بنداً على جدول أعمال القمّة العربية التي ستنعقد في شرم الشيخ نهاية هذا الشهر، إلاّ أنّه من غير الواضح ما إذا كان سيُتَّخذ قرار في شأن القوّة.
هناك أفكار عدّة مطروحة كبديل لطرح بند إنشاء قوّة بصورة مباشرة وواضحة. إذ تكشف المصادر أنّ على جدول الأعمال بند وُضِعَ بشكل أولي، لأنّ جدول الأعمال لم يتّخذ بعد شكله النهائي، بل لا يزال يخضع لتعديلات. البند متّصل بتفعيل معاهدة الدفاع العربية المشتركة، الأمر الذي يؤدّي إلى قيام تنسيق وتعاون عربيين، بحيث أنّ أي دولة تستشعر أنّها تحتاج إلى المساعدة، يمكن لها أن تطلبها من دولة أخرى، كما أنّ أي دولة تعاني من الإرهاب، يمكنها أيضاً أن تطلب مساعدة أي دولة عربية ترتأي أنها يمكنها ذلك.
وافادت المصادر لصحيفة “المستقبل” أنّ الخليج يعوِّل على مصر لمحاربة الإرهاب في كل من سوريا والعراق واليمن. ومصلحة مصر هي أن تحمي نفسها من انعكاسات الوضع الليبي المعقَّد. مصر لا تزال تتّهم تركيا بتقوية الإرهاب. كما تتّهم قطر بتقوية الإخوان المسلمين. وبالتالي، ليس هناك من مجال لتقارب ما في وقت قريب، إنّما ليس هناك في الوقت نفسه من مسألة مستحيلة. مع العلم أنّ مخاوف مصر وما يشغل بالها هو الوضع الليبي، حيث تتدخَّل به كل قوى العالم ومخابراته، مع ما يؤدي ذلك إلى فلتان رهيب.
وكان ثمّة تعويل عربي على دور لمصر بمكافحة الإرهاب لما لها من قوّة بشرية وقدرات. مصر قصفت مواقع لـ”داعش” في ليبيا، كما جابهت في سيناء. لكنها قد لا تكون وحدها قادرة على التدخُّل لمحاربة “داعش” في مواقع أخرى. والسؤال أين يمكن للقوّة العربية المفترضة أن تتدخَّل؟ في اليمن، يعني أنّها تقاتل إيران. في البحرين هناك “درع الخليج” بهدف دعم النظام ضدّ الثوّار.
ومن المستبعد أن تتشكَّل قوّة عربية ضاربة شبيهة بالقوّات الغربية والأوروبية في إطار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب. ما يمكن أن تفعله الدول العربية لا سيما الخليجية هو إقامة تعاون لمكافحة الإرهاب كل داخل أراضيها. وبالتالي أي تكتُّل عربي ولو كان لديه النفط أو الإمكانات المالية، قد لا تكون لديه الإمكانات البشرية الكافية لتطويع جيوش للتدخُّل في أماكن أخرى. لذلك لن تكون هناك فرصة لتدخُّل عربي أو خليجي تحديداً لمكافحة الإرهاب في الدول التي تعاني منه. الدول العربية المقتدرة دعمت الجيوش والقوى العسكرية التي تحارب الإرهاب في سوريا والعراق.
مصادر عربية تؤكد أنّ إنشاء قوّة عربية للتدخُّل ضدّ الإرهاب ليس مدرجاً على جدول أعمال القمّة، وإن كانت مكافحة الإرهاب مدرجة. لكن أي رئيس دولة يستطيع أن يطلب إدراجه، ولا شيء يمنع ذلك. لكن لا شك أنّ الإرهاب والحركات التكفيرية ذات الطابع السلفي المتشدّد، ستكون من أولوية المواضيع التي يجب أن يناقشها الملوك والرؤساء العرب في القمّة.
ولبنان بصيغته هو من أوائل الدول التي كشفت أخطار بعض الحركات الإرهابية على تاريخ العرب ومستقبلهم. ولبنان لم يدّخر جهداً، وفقاً لمصادر ديبلوماسية معنية، منذ بداية أحداث التطهير الديني والعرقي الذي حصل في الموصل وسهل نينوى، ومناطق في سوريا، في مخاطبة المجتمع الدولي للقيام بشيء ما لدرء الأخطار. ويتمنّى لبنان أن يكون طرح هذا الموضوع على القمّة، وفق طريقة تقدّم للمجتمع العربي الصورة الملائمة، التي يتمنّاها لبنان حفاظاً على تاريخ العرب وتراث الإسلام. ولبنان احتضن التعايش بين الأقليات والتنوُّع، ولبنان كان طلب إلى المحكمة الجنائية الدولية العمل لاتخاذ كل الإجراءات لوضع حدّ لتلك الأعمال الخطيرة وغير المقبولة، وعدم تكرارها مستقبلاً، واجتثاثها من جذورها كي لا يقع المحظور في الدول العربية المتعدّدة الطوائف مثل لبنان وسوريا والعراق، وهو سيعبِّر عن هذا الموقف خلال القمّة العربية.