قال نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم إن “من كان يراهن على المتغيرات الخارجية وعلى الاتفاق النووي الإيراني الأميركي لإنجاز الرئاسة في لبنان فهو يتعب نفسه ويضيع وقته، بل هو يؤمن بضرورة الفراغ ولا يريد الحل، من أراد الحل عليه أن يبحث عن الموضوع داخليا، ويمكن أن يكون هناك رئيس يوم غد وتسير المؤسسات بشكل طبيعي إذا أنهوا هذه المشكلة وانتخبوا العماد ميشال عون الذي هو الجدير والمؤهل. لينتخب الرئيس وتجرى انتخابات نيابية وتشكل حكومة وننتهي من كل هذا الملف، وإلاَّ ما هو البديل لديكم؟ وإذا بقيتم هكذا فالانتظار سيبقى لسنة أو سنتين أو أكثر، أما إذا أردتم الحلّ فالعماد عون موجود وحاضر”.
ماذا يعني هذا الكلام؟
يعني ببساطة أن “حزب الله” يعلن أنه الوريث الرسمي والشرعي للاحتلال السوري للبنان. ويعلن بالتالي أن تسمية رئيس الجمهورية التي كان يتولاها النظام السوري سواء بقرار مباشر من قصر المهاجرين في دمشق بمرور إلزامي عبر وكيله المباشر في عنجر، بات يمتلكها النظام الإيراني عبر وكيله الشرعي في لبنان “حزب الله”.
“حزب الله” بأدائه في الموضوع الرئاسي كشف عن وجهه الحقيقي. وبالتالي لا دستور ولا قوانين تعني الحزب، بل ما يقرّره الحزب وفق مصالحه والمصالح الإيرانية المباشرة. كما أن كلام الشيخ نعيم قاسم أعلن بكلامه أنه للمحافظة على شكل النظام اللبناني يجب أن يكون “حزب الله” الوصي المباشر على بقايا هذا النظام.
بعد كلام قاسم لم يعد الموضوع مرتبطاً حصراً بانتخابات رئاسة الجمهورية. صارت الرئاسة تفصيلا في الجوهر المتعلق بـ”الطائف” والنظام ككل وصيغة العيش المشترك والشراكة في لبنان. قبل كلام نعيم قاسم لم يجرؤ أي طرف داخلي أن يجاهر بادعاء مماثل: إما تنتخبون الرئيس الذي نريده أو انتظروا سنوات! حتى السوريين في عزّ احتلالهم أبقوا حداً أدنى من اللياقات في الاعلام، فلم يقل غازي كنعان أو رستم غزالي علناً ما قاله قاسم من دون حياء.
وبعد، أي انعكاسات لكلام قاسم على الحوارات الجارية؟ وهل سيكرّر ممثلا “حزب الله” على طاولة الحوار مع “المستقبل” ما قاله قاسم؟ وبماذا سيردّ ممثل رئيس مجلس النواب على كلام نائب الأمين العام للحزب قبل أن نسأل عن ردّ مسؤولي “المستقبل”؟ أي مجلس نيابي أساسا بعد كلام قاسم؟ ولم التمديد للمجلس طالما أن الحزب هو من يحدد رئيس لبنان، وبالتالي يستطيع بالمنطق نفسه تحديد اسم رئيس الحكومة وهوية الوزراء جميعا في كل التشكيلات الحكومية المقبلة؟!
وماذا ستكون انعكاسات تصريح قاسم على طاولة الحوار بين معراب والرابية؟ ولم يجب بعد ذلك طرح موضوع الانتخابات الرئاسية طالما ان الأمور محسومة بالنسبة الى “حزب الله” تحت شعار “إنتخبوا عون وإلا لا رئيس”؟!
الثابتة الوحيدة في كل ما تقدّم هو إعلان “حزب الله” العلني نعي اتفاق الطائف والتمهيد لإعلان صيغة نظام جديد يقوم على قاعدة تنفيذه كل ما يريده المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية على طريق الانضمام الرسمي للإمبراطورية الإيرانية الموعودة!