قررت قوى 14 آذار في الذكرى العاشرة لانطلاقتها “إنشاء مجلسها الوطني كإطار يجمع الأحزاب والمستقلين والمجتمع المدني، وتأليف هيئة تحضيرية مهمتها وضع نظام المجلس الداخلي والدعوة الى مؤتمر عام في مهلة أقصاها شهرين من تاريخه”.
واجتمعت في مركز “بيال” للمؤتمرات في قلب بيروت، وفي حضور كل أقطابها، باستثناء زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنـــانية” ســـمير جعجع الذي مثله نائب الرئيــس النـــائب جورج عدوان، لمدة 3 ساعات وناقشت الوثيقة وأدخلت عليها بعض التعديلات. كما ناقشت الخطوات التنظيمية.
وجاء في مشروع الورقة السياسية التي حصلت صحيفة “الحياة” على نصها أن “عشر سنوات مرت على انتفاضة الشعب اللبناني في وجه الظلم والاستبداد والإرهاب الذي طاول خيرة رجالنا ورموزنا ومواطنين أبرياء وعسكريين.
ونجتمع اليوم بعزم وتصميم لنقول إننا صمدنا وحافظنا على تيار عابر للطوائف متنوع مدني حديث. أنجزنا في أمكنة وأخطأنا في أمكنة أخرى، إنما بقيت عزيمتنا وإيماننا بلبنان الواحد وطناً للعيش المشترك وللحرية والعدالة”.
وفي الورقة “أن 14 آذار لا تزال على موعد مع مستقبل لبنان ومستقبل المنطقة ونريد صناعة هذا المستقبل بأيدينا، لا أن يصبح هذا المستقبل رهينة إمبراطورية من هنا أو ديكتاتورية من هناك أو ورقة تفاوض بين الآخرين أو جائزة ترضية لبعضهم”، مع تأكيد أن “مستقبل لبنان ملك اللبنانيين ولن نتخلى عن أمانة الدفاع عن حريتنا ودستورنا ودولتنا المستقلة التي تجب أن تمتلك حصرية حمل السلاح أو استخدام القوة وفقاً للقانون”.
وأوضحت الورقة أن قوى 14 آذار “لا تريد هزيمة أحد ولن نسمح لأحد أن يهزمنا، ما نريده عودة جميع اللبنانيين إلى لبنان بشروط لبنان لا بشروط طائفة أو حزب أو قوة إقليمية محددة”، محددة ثلاثة شروط للبنان هي: “الحفاظ على الحرية وتطبيق العدالة واحترام الدستور”.
ولفتت الورقة إلى أن “الإرهاب الذي عانى منه لبنان الأمرّين بات اليوم يهدد العالم العربي، بل يهدد العالم بأسره. يقف في أصل هذا الإرهاب النظام السوري، الذي يرتكب منذ أكثر من اربع سنوات وبصورة متواصلة، جريمة ضد الإنسانية، ذهب ضحيتها حتى الآن ما يزيد على 300 ألف سوري وأضعاف ذلك من الجرحى والمقعدين المشوهين من دون أن يتدخل المجتمع الدولي”.
وأشارت إلى أن “هذه الجريمة المتمادية أطلقت موجة واسعة من التوترات الطائفية والمذهبية والعرقية، كما فتحت الطريق واسعاً أمام تطرف عنفي مقابل يدّعي الدفاع عن الإسلام، ما أقحم المنطقة العربية في فتن مذهبية مدمرة من دون أن توفر الغرب عموماً وأوروبا خصوصاً”.
وجاء في الورقة أنه “لا يُخفى على أحد دور حزب الله ومن خلفه إيران على مساحة العالم العربي. دور يحاول الإمساك بأوراق أمنية ويفتعل حروباً هنا وهناك، ويورط لبنان واللبنانيين في مشكلات وحروب ويساهم في إطالة أمد الشغور الرئاسي مع ما يستجلبه ذلك من تداعيات خطيرة عليهم ويدخل المنطقة في حرب أهلية موصوفة، بما فيها افتعال وتأجيج الاصطدام بين السنة والشيعة”، مؤكدة أن “كل هذا خدمة لمصالحهما ومن أجل وضع ورقة استقرار المنطقة على طاولة مفاوضات دولية ، وكأن الشعوب العربية، رجالاً ونساء وأطفالاً، هي وقود لمصالحهما وأطماعهما”.
ورأت الورقة أنه “بسبب هذين التدخل والتورط، لم يعد لبنان في منأى من هذا العنف المتفاقم يوماً بعد يوم، فالدولة لم تعد قادرة على تأمين استمرارية مؤسساتها وتقف عاجزة عن اجتراح الحلول وينحصر سعيها في محاولة الحفاظ على الوضع الراهن. يضاف الى ذلك المأساة الإنسانية التي يخجل منها أي ضمير حي، والمتمثلة بالنازحين من سورية إلى لبنان، والذين يتزايد عددهم بلا انقطاع وباتوا يشكلون عبئاً يتجاوز بكثير قدرة لبنان على الاحتمال”.
وأعلنت عن العزم على “إطلاق دينامية جديدة من شأنها إذا لم تستطع وقف العنف في هذه المرحلة، أن تحد على الأقل من آثاره، وأن تمهد الطريق لانتفاضة سلام باتت اليوم شرطاً ضرورياً لبقائنا في وطن ودولة”.
ودعت الورقة “جميع اللبنانيين الذين استخلصوا دروس الحرب ويريدون العيش معاً بسلام، إلى التواصل والتضامن من أجل الحد من العنف الذي لا يزال يمارسه أولئك الذين، ومن جميع الطوائف، لم يغادروا كهوفهم وما زالوا يواصلون لعبة التطرف والاختزال”، وإلى العمل “على إعادة الاعتبار إلى النموذج اللبناني في العيش المشترك، هذا النموذج الذي اكتسب اليوم أهمية استثنائية في منطقة بات يجتاحها عنف مجنون.
وفي هذا السبيل، ينبغي تظهير فرادة التجربة اللبنانية في العالم بوجه عام، من حيث شراكة المسيحيين والمسلمين في إدارة دولة مدنية واحدة، وفرادتها في العالم الإسلامي بوجه خاص”.
كما دعت جميع اللبنانيين “إلى التواصل مع قوى الاعتدال والانفتاح والديموقراطية في العالم العربي التي تناهض التطرف وتدعو إلى التسامح، في سبيل قيام مشرق عربي مستنير جديد هو مشرق العيش معاً، حيث يشكل التنوع الثقافي والديني والعرقي الفذ مصدر غنى حضاري، مشرق وقادر على إعادة الوصل مع تراث “النهضة العربية”،
هذا المَشرق في حاجة ماسة وكأولوية مطلقة إلى العمل على إيجاد الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، استناداً إلى رؤية الدولتين وقرارات الشرعية الدولية”.
ودعت “إلى المساهمة في صوغ رؤية جديدة للعلاقة بين ضفتي المتوسط، بحيث يغدو “متوسط العيش معاً”، ذلك أن هذا البحر التواصلي تاريخياً، يبدو اليوم وكأنه بحر التصدعات والشقاقات على اختلاف أنواعها، وبات استقرار المجتمعات الأوروبية اليوم شديد الارتباط بسلام المنطقة العربية”.