عبدالعظيم محمود حنفي
تبين لنا خبرة الأسواق الناشئة، سواء في إندونيسيا والهند وكوريا وغيرها، أن الدول تلجأ إلى رفع سعر الفائدة إذا ارتفع سعر الفائدة التجارية في السوق بشكل كبير، ما يدفع البنك المركزي لتلك الدول إلى رفع سعر الفائدة لتضييق الفجوة بين سعر الفائدة في السوق وسعر الفائدة المصرفية وزيادة كفاءة سوق المال . كذلك إذا توالى ارتفاع أسعار الأسهم والعقارات لشهور متتالية بسبب وفرة السيولة النقدية في السوق، لأن وفرة السيولة النقدية إذا لم تتم السيطرة عليها فإنها ستؤدي إلى مشكلات في السوق المالية . فيكون من الضروري أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة المصرفية للحد من تضخم أسعار العقارات وإعادة المستوى المناسب من السيولة النقدية في السوق . ومن حيث الشكل فإن الرفع يستهدف أساساً احتواء التضخم ومواجهة الارتفاع الشديد في أسعار السلع الاستهلاكية، ما يؤدى إلى إشاعة قدر كبير من الهلع والسخط وسط المستهلكين، مما يفرض على البنك المركزي ضرورة اتخاذ إجراء ما لعلاج الأمر، فيقوم برفع سعر الفائدة الرئيسي التي قد تكون أداة لجذب الأموال المتدفقة في السوق وتسهم بالتالي في إحداث نوع من الاستقرار . المشكلة تكمن في أنه قد تكون بعض أهم العوامل في السوق هي عوامل خارجية . ومن ثم فإن رفع سعر الفائدة قد يسهم في لجم الحصان دون إيقاف جموحه نهائياً . ولهذا، فإن الحكومات تقوم باتخاذ بعض الإجراءات التي تهدف لترويض التضخم واحتوائه في نطاق أضيق .وبالطبع من الصعب رفع سعر الفائدة إذا كان الاقتصاد الوطني يعاني الركود، لذلك رفع سعر الفائدة معناه أيضاً أن الاقتصاد الوطني يسير نحو الانتعاش . ولخفض سعر الفائدة كذلك دواعيه أما اكبر الآثار الجانبية لانخفاض سعر الفائدة فهي التشوهات في هياكل توزيع الأموال، ونشوء مشكلات هيكلية مؤسسية، ومخاطر التضخم، والتوسع في المضاربات المالية التي قد تتسبب في خلق فقاعات مؤقتة، لكن أكبر المخاوف يتعلق بانكماش الدخول المالية لأرباب الأسر .
نقول هذا بسبب صراع الرئيس التركي مع البنك المركزي بشان سعر الفائدة!
فالاقتصاد التركى تلقى ضربات متتالية إثر انسحاب الولايات المتحدة من برنامج التيسير الكمي، حيث أحدثت الأزمة المالية الأمريكية في عام 2008 اضطرابات اقتصادية عالمية استمرت لخمس سنوات . ووفر برنامج التيسير الكمي، ولا سيما الجولات الثلاث من سياسة التيسير الكمي، السيولة المتدفقة حول العالم ومع استراتيجية الخروج الامريكية باتت السوق التركية من الأشد تضرراً والأكثر معاناة من هروب رأس المال، وأظهرت الإحصاءات أن سعر الأصول في السوق التركية، بما فيها الأسهم والسندات والعملة، انخفض بصورة هائلة، حيث عمد المستثمرون إلى سحب كم هائل من الأموال من السوق التركية أسبوعياً . لتلوح في الأفق مخاطر ملحوظة على الاستقرار الاقتصادي .
وحاول المركزي تلافي تلك الآثار، إلا أن سياسات الرئيس التركي خذلته، سواء بسبب قضايا الفساد التى طالت منه ومن بعض أركان حكمه أو عبر الاضطراب السياسي الناشئ عن صراعاته الداخلية المتعددة اوبسبب نزوعه المتزايد نحو التدخل وبسط السطوة على مؤسسات الدولة كافة والنتيجة هبوط الليرة التركية إلى مستويات قياسية مقابل العملة الأمريكية . على امتداد أسبوع من الخسائر التي تعود جزئياً إلى صعود الدولار، لكنها أيضاً بسبب انتقاد أردوغان الشديد للبنك المركزي في البلاد، ما أثار مخاوف من التدخل السياسي في السياسة النقدية . ووفق تقارير وكالة “رويترز”، فإن الرجل لدواعي الفوز في الانتخابات التشريعية في السابع من يونيو/حزيران يطالب بأن يخفض البنك معدلات الفوائد لحماية النمو الاقتصادي الهش ومع تعثر النمو قام أردوغان بتهديد البنك المركزي لعدم تخفيض سعر الفائدة بالقدر الكافي .