أحمد منصور
صدق المثل القائل «الحكي مش متل الشوفة»، مشاهد مروّعة على مد عينك والنظر، وأنت تجول أو تنظر الى بساتين الموز في بلدة علمان الساحلية، حيث تنتشر بقايا «أكعاب» أشجار الموز المكسرة والملتوية على الارض، وأقراط الموز مبعثرة كالضحايا المنبوشة من اكياسها الزرقاء، فيما تحول ورق اشجار الموز الى اللون البني الفاتح المحروق. وبذلك، بدت البساتين وكأن النيران لفحتها أو التهمتها، وحوّلتها أرضاً محروقة بكل معنى الكلمة. هذا المشهد أجمع المزارعون على وصفه «بهيروشيما جديدة في لبنان»، نظراً لضخامة الأضرار والخسائر التي تسبّبت بها العواصف الثلجية والرياح القوية والسريعة، بالإضافة الى موجة البرد والصقيع التي أتلفت معظم بساتين الحمضيات، وأصابت المزارعين بخسائر لم يعهدوها، وفاقت كل الإمكانات والتوقعات، مهدّدة لقمة حياتهم المعيشية على شتى الصعد.
صرخة استغاثة
ويتحسّر المزارعون على إنتاجهم الذي أتلف بين ليلة وضحاها من دون أن يتمكنّوا من أن يفعلوا شيئاً أمام هول الكارثة التي حلّت بهم. واليوم يقفون على أطلال ما تبقى لديهم ويطلقون صرخة استغاثة لعلها تلقى آذاناً صاغية لدى المسؤولين والمعنيين لتعويض أضرار المزارعين وخسائرهم. لكن للأسف حتى الساعة وبرغم كل الكوارث الطبيعية التي ضربت منطقة إقليم الخروب، يأمل المزارعون في أن تجد الدولة طريقاً يوصلها الى الإقليم للإطلاع والكشف على أضرارهم وخسائرهم، لا أن تبقى الوعود حبراً على ورق وبانتظار ساعة الفرج والتحرّك باتجاه شريحة كبيرة من أبناء الوطن. ويشير المزارع سامي صالح عثمان الذي يضمن 650 دونماً من بساتين الموز في علمان أن «خسارته في هذا الشتاء نتيجة العواصف الثلجية والبرد والصقيع والرياح تبلغ 45 مليون ليرة»، موضحاً ان «موجة الصقيع تسببت بحريق ثمار الموز وهي على أمها وحولتها الى اللون الأسود»، مؤكدا «ان الرياح اقتلعت معظم اشجار الموز وأتلفت الموز وهو على أمه بعد أن مزقت أكياس النايلون التي نضعها لحماية اقراط الموز، محولة البساتين الى ارض محروقة شبيهة بهروشيما».
ويفيد بأنه «يدفع ثمن ايجار الارض سنوياً 45 مليون ليرة، وتضاف اليها كلفة أجرة العمال والاسمدة والادوية 35 مليون ليرة»، لافتاً الى «انه استرجع حتى الساعة خلال عام مبلغ 35 مليون ليرة». ويضيف «ان مواسمنا أتلفت بالكامل وخسائرنا كبيرة بفعل ذلك، فإنتاجنا كان لا يقل عن 150 مليون ليرة، فقد ضرب الموز في عز موسمه، «فقرط» الموز كان يزن 50 و60 كيلو، ولكن للأسف كله أتلف،» مشيراً الى ان سوق الموز اليوم زهيد جداً»، لافتاً الانتباه الى ان سعر الرطل (2 كيلو ونصف) الذي كنا نسلمه للتجار والحسبة بـ2500 ليرة، اليوم وصل سعره الى 1000 ليرة»، مؤكداً ان «هذا السعر لا «يوفّي» ابداً في بيعه». ويقول: «إن خسارتنا مضاعفة، فما تبقى من بقايا ثمار الموز على أمه إذا تركناه على أمه نخسر القيمة نفسها في حال بعنا الرطل بألف ليرة».
كما يناشد المعنيين والحكومة الكشف على أضرار المزارعين على ساحل الشوف والتعويض عن خسائرهم الهائلة والمرهقة من جميع النواحي ليتمكّنوا من الاستمرار في معيشتهم المهدّدة»، لافتاً الى أن أضراره كبيرة ايضاً في بساتين الليمون في منطقة بسري وجوارها، بسبب موجة الصقيع والجليد التي أدّت الى حرق ثمار الليمون والحامض».
ويؤكد المزارع ديب نمر ان «اشجار الغوافة تكسرت ايضاً بالعواصف، وأدّت حبات البرد والصقيع الى تلف واحتراق الثمار قبل نضوجها»، مشيراً الى ان الخسائر كبيرة لدى جميع المزارعين في الشوف»، آملاً ان تقف الدولة الى جانب المزارعين ودعمهم على الاقل»، وقال: «للأسف لا احد يسأل عنا، فمنذ عشرات السنين والخسائر والاضرار تلاحقنا كل عام ونُترك للقدر ونحن نصارع الموت بفعل ذلك».